لبنان.. الحريري يخرج من معركة تأليف الحكومة معتذراً

ت + ت - الحجم الطبيعي

عشيّة مرور 9 أشهر على تكليفه تشكيل الحكومة الجديدة، أعلن رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري، بعد لقائه الرئيس ميشال عون، اعتذاره عن تأليف الحكومة، عازياً أسباب قراره لكون موقف عون «لم يتغيّر»، إذ إن التعديلات التي طلبها جوهرية، وتطال تسمية الوزراء المسيحيين، مضيفاً:«قال لي إنه من الصعب أن نصل إلى توافق، فاعتذرت عن عدم تشكيل الحكومة».

وختم الحريري كلامه بعبارة واحدة:«الله يعين البلد». هكذا، دقّت ساعة الحقيقة، وفق تعبير الحريري، في لقائه الـ20 مع عون، فجاء قراره بالاعتذار، أمس، غداة وضعه في عهدة الأخير«التشكيلة الاختصاصيّة»، مانحاً إياه«مهلة»ساعات للقبول بها كما هي، أو رفضها.

وفيما كان المشهد اللبناني مشدوداً إلى انتظار جواب رئاسة الجمهوريّة على تشكيلة الـ24 وزيراً، حصلت المفاجأة التي تمثلت بعدم قبول عون بالتشكيلة الجديدة، الأمر الذي نزع ورقة تأليف الحكومة عن الطاولة وقدّم ورقة الاعتذار، ما يعني أن لبنان بات أمام أزمة حكم في انتظار البحث عن بديل، والاحتمالات المفتوحة على المجهول.

كوارث الأزمات


وبدأ أمس حبْس الأنفاس حيال المحاولة الأخيرة لتشكيل الحكومة، بعدما بلغت الضغوط الداخلية المتأتية من كوارث الأزمات، والضغوط الخارجية الكثيفة ذروة غير مسبوقة. على أنّ الساعات السابقة للقاء عون والحريري، أمس، شهدت ما يشبه التشويش المتعمّد على هذا اللقاء ونعياً لنتائجه قبل حصوله، عبر تغريدات وتصريحات وروايات وسيناريوهات من الضفّة المواجهة للرئيس المكلّف، أدرجت مبادرته لزيارة عون في سياق«مناورة»، قدّم من خلالها تشكيلة حكوميّة جديدة مرفوضة سلفاً من رئيس الجمهورية، ليبني عليها الحريري خطوته التالية نحو الاعتذار عن تشكيل الحكومة، على ما روّجت تلك الروايات.

وأشارت مصادر مطلعة لـ«البيان» إلى أنّ التشكيلة التي قدمها الحريري كانت «مكتملة العناصر، وتستوفي جميع المعايير الميثاقيّة والاختصاصيّة»، فـ«لو كان رئيس الجمهورية عازماً حقاً على وقف مسلسل التعطيل والمضيّ قدماً في تأليف الحكومة، لم يكن ليحتاج إلى أكثر من ساعتين لإعطاء جوابه عليها». وعليه، أفادت المعلومات المتقاطعة لـ«البيان» بأنّ الحريري كان عالماً بموقف عون، لكنّه قام بما عليه، وأبقى الاعتذار وتوقيت إعلانه أمس«سلاحاً أخيراً» في جيْبه، بالإضافة إلى«سلاح» تسمية خليفته وتغطيته مذهبياً أو الإحجام عن ذلك. علماً بأنّ السلاح الثاني كان شكّل محور تركيز القوى الدوليّة التي سعت إلى ثني الحريري عن استخدامه، تخفيفاً لوطأة الكارثة التي تضرب لبنان، والتي قد تتجاوز نطاقها الحياتي والاجتماعي.

ما بعد الحريري

أمّا في المحصّلة السياسيّة، فإنّ الحكومة المنتظرة لم تولد، والاعتذار أتى أمس، في حين ارتفع منسوب الكلام عن ضرورة الاستعداد لمرحلة ما بعد الحريري: فمن يخلفه لرئاسة الحكومة؟ ومن ستكون له الكلمة الفصل في التسمية الجديدة؟

وفي الانتظار، تردّدت معلومات مفادها أنّ دولاً أساسيّة، منخرطة في الجهود القائمة ‏لحلّ أزمة لبنان، بدت متوجّسة من التداعيات التي قد تترتّب على اعتذار الحريري، باعتبار أنّه سيترك فجوات ‏خطيرة في واقع لبنان، ما لم ترافقه ترتيبات انتقاليّة للبحث عن البديل، بموافقة كليّة من ‏الحريري نفسه. علماً أنّ محاور دوليّة دخلت على خطّ الحكومة، تحت سيْف العقوبات.
إلى ذلك، قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، إن زعماء لبنان يبدون عاجزين عن إيجاد حل للأزمة التي تسببوا فيها. واعتبر خلال مؤتمر صحافي أن الإخفاق في تشكيل الحكومة اللبنانية «حدث مروع».

وفي وقت لاحق، قال الحريري، في حديث لقناة تلفزيونية بعد اعتذاره عن عدم تشكيل الحكومة: «تمنيت على الرئيس ميشال عون دراسة التشكيلة في 24 ساعة، ولم أفرض شروطي، وهم فهموها هكذا».وأضاف: «الحل الوحيد أن تتشكل الحكومة بغض النظر عن اسم رئيسها، شرط العمل على تحقيق برنامج صندوق النقد الدولي وإجراء الانتخابات، وهذا ما كنت سأعمل أنا عليه».

Email