الحريري بين قصرَي «الاتحاديّة» و«بعبدا»: تشكيلة جديدة.. ولا اعتذار

ت + ت - الحجم الطبيعي

اتّجهت الأنظار، اليوم، إلى حركة رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري المكوكيّة بين ‏قصر الاتحاديّة في مصر وقصر بعبدا، حيث استهلّ نهاره في القاهرة بلقاء الرئيس المصري عبد الفتاح ‏السيسي، واختتمه في بيروت بلقاء الرئيس العماد ميشال عون.

وما بين المحطّتيْن، ارتسمت الكثير من معالم المشهد، في ضوء المنحى الذي سلكه اللقاء بينه وبين الرئيس عون، على أن تمهّد الأجواء التي تمخّضت عنه الأرضيّة اللازمة لبلورة خواتيمه.

وحديث عن أنّ الأمور متّجهة نحو الحسْم خلال الساعات المقبلة، فتصبح حينها الاتجاهات سالكة في اتجاهات واضحة بين «الأبيض والأسود». ذلك أنّ الحريري قدّم لعون تشكيلة حكوميّة جديدة من 24 وزيراً، واكتفى بالقول: «حان وقت تشكيل الحكومة»، و«ننتظر جواباً من عون بحلول الغد». 

وفيما الأجواء التي رافقت عودة الحريري من القاهرة كانت إيجابيّة، واستبعدت اعتذاره كما كان متوقّعاً قبل لقاءات القاهرة، فإنّ أحداً لا يملك توقّع مشهد «النهاية» لمسلسل التكليف والتأليف الطويل، وصولاً إلى الإطلالة المتلفزة، غداً (الخميس)، للرئيس المكلّف، والتي من المرجّح أن تحمل معها «الخبر اليقين».

علماً أنّه، وفي ظلّ المعطيات والوقائع التي برزت اليوم، بدا أنّ منحى احتمال خيار ‏اعتذار الحريري عاد وتفرمل، في ضوء حركة اتصالات ‏دوليّة مكثّفة برزت على أكثر من صعيد، ومع بروز دور مصريّ لافت في هذا الإطار.

وعليه، انتفت اليوم كلّ الأجواء التي روّجت إلى الدخول في مرحلة البحث عن بديل ‏للحريري، باعتبار أنّ المعطيات الواضحة عن أجواء رؤساء الحكومات السابقين الأربعة تشير إلى ‏أنّهم يلتزمون سقف عدم التسمية، ولا يجدون أنفسهم معنيّين بموضوع كهذا، خلافاً لما أشيع ‏عن انتقالهم إلى التباحث في اسم رئيس مكلّف جديد. 

6 وزراء جدد 

وفي الانتظار، علمت «البيان» أنّ تشكيلة الحريري المقترحة تضمّ 6 وزراء جدد إلى التشكيلة السابقة، التي كان الرئيس عون رفضها قبل أشهر، وأنّ الاعتذار غير مؤكّد، من بوّابة كوْن الحريري بدّل بتشكيلته الحكوميّة، بعد زيارته إلى مصر، لتكون أكثر قابليّة للنقاش وأكثر مرونة، في حين أفادت المعلومات المتقاطعة لـ«البيان» بأنّ الحريري عالم بموقف عون، لكنّه قام بما عليه، مبقياً الاعتذار وتوقيت إعلانه «سلاحاً أخيراً» في جيْبه.

بالإضافة إلى «سلاح» تسمية خليفته وتغطيته سنيّاً أو الإحجام عن ذلك. علماً بأنّ السلاح الثاني يشكّل محور تركيز القوى الدوليّة الساعية إلى ثني الحريري عن استخدامه، تخفيفاً لوطأة الكارثة التي تضرب لبنان، والتي قد تتجاوز نطاقها الحياتي والاجتماعي.

جهود «اللحظة الأخيرة»

وفي الانتظار أيضاً، تردّدت معلومات مفادها أنّ دولاً أساسيّة، منخرطة في الجهود القائمة ‏لحلّ الأزمة الحكوميّة في لبنان، بدت متوجّسة من التداعيات التي قد تترتّب على احتمال إقدام ‏الحريري على الاعتذار، إذا رفض عون تشكيلته الجديدة، باعتبار أنّ الاعتذار، إنْ حصل، سيترك فجوات ‏خطيرة في واقع لبنان ما لم ترافقه ترتيبات انتقاليّة للبحث عن البديل، بموافقة كليّة من ‏الحريري نفسه.

ولعلّ أكثر الدول المنخرطة في جهود «اللحظة الأخيرة»، لمنع حصول تداعيات ‏خطرة لأيّ احتمال لتنحّي الحريري، هي فرنسا ومصر وروسيا، إذْ قامت كلّ منها بشبكة ‏اتصالات وجهود لافتة، سعياً إلى إبقاء مسار الجهود مركّزاً على تشكيل ‏حكومة برئاسة الحريري، وتحصين لبنان بحزام أمان الحدّ الأدنى. وبرز هذا الأمر مصريّاً عبر زيارة الحريري للقاهرة، ‏وفرنسيّاً عبر إرسال موفدين إلى بيروت وتزخيم الاستعدادات لعقد «مؤتمر الدعم الثالث ‏للبنان»، وروسيّاً عبر الإعلان مراراً و‏تكراراً تأييد موسكو لحكومة برئاسة الحريري.

Email