أزمة «السماد» كابوس يطارد الفلاحين المصريين

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتجدد أزمة «السماد» في مصر من جديد هذا العام، بعد شكاوى عديد من المزارعين من نقص السماد المُدعَّم، وارتفاع الأسعار بالسوق الحرة، بما يكبدهم خسائر مالية كبيرة، الأمر الذي قد يؤثر بدوره في الإنتاجية العامة، لا سيما من المحاصيل الصيفية، ومن بينها القصب بشكل خاص. وذلك في الوقت ذاته، الذي تواجه فيه بعض شركات الأسمدة أزمة واسعة، ناتجة عن تداعيات تضررها بجائحة «كورونا».

وعبّر عديد من المزارعين، عن معاناتهم في الآونة الأخيرة من نقص السماد، بخاصة في محافظات الصعيد، لا سيما في سوهاج وقنا والأقصر والمنيا، معربين عن حجم الضرر الذي يواجهونه، والخسائر المُهددون بها، مع تفاقم تلك الأزمة المُتكررة.

فيما تحركت وزارة الزراعة المصرية، وشكلت لجنة خاصة لتفقد المحافظات المذكورة، في الوقت الذي تم فيه إقرار زيادة رسوم التصدير، لتشجيع المنتجين على تغذية السوق المحلية، في بادرة لحل الأزمة، لا سيما في الوقت الذي تشهد فيه أسعار السماد عالمياً، ارتفاعاً بعد جائحة «كورونا».

يشرح نقيب الفلاحين في مصر، حسين أبو صدام، في تصريحات خاصة، أبعاد الأزمة الحالية، مستهلاً حديثه بالتأكيد على أن «مصر تحقق اكتفاءً ذاتياً من جميع أنواع الأسمدة، وتصدر كميات كبيرة منها»، لكنه يقول في الوقت نفسه، إن أزمة السماد متكررة بشكل كبير.

ويلفت إلى أن «الحكومة -ممثلة بوزارة الزراعة- من المفترض أنها تفرض على شركات تصنيع الأسمدة، الحصول على 55 في المئة من إنتاجها بسعر التكلفة، لتوزيعها على الفلاحين في صورة سماد مدعوم، وذلك مقابل إمداد تلك المصانع بالغاز المدعم.. لكن هذا لم يحدث عادة بالصورة المطلوبة، ذلك أن أغلب المصانع تستفيد من الغاز المدعم، ولا تفي بكامل تعهداتها مع الحكومة».

ولهذا السبب -وفق نقيب الفلاحين- فإن «توزيع الأسمدة الصيفية المدعمة، يشهد أزمة متكررة وكبيرة في جميع المحافظات المصرية، لكن هذه الأزمة زادت بشكل كبير، لم يحدث من قبل خلال الموسم الحالي».

 ويشير أبو صدام إلى أن «غالبية الفلاحين في المحافظات المصرية، يشتكون من عدم صرف كامل مستحقاتهم من الأسمدة المدعمة حتى الآن، وهذا بالطبع سوف يؤثر سلباً في مزارعي المحاصيل الصيفية اقتصادياً، ويمكن أن يؤثر بدوره سلباً في الإنتاجية العامة للمحاصيل الصيفية، مثل القطن والأرز والطماطم والبطاطس والذرة وفول الصويا والسمسم والقصب وباقي المحاصيل الأخرى». المعضلة الحالية التي تواجه عديداً من الفلاحين في مصر، كما يصفها أبو صدام، هي أنه «في حالة أن اشترى الفلاح السماد من السوق السوداء، فإنه سوف يدفع ضعف ثمن الأسمدة المدعمة، وبالتالي، ترتفع تكلفة إنتاج المحصول، ويقل هامش الربح.. وفي حال انتظاره السماد المدعم، وعدم الالتزام بموعد التسميد، سوف تقل إنتاجية المحصول، وقد يلجأ المزارع لتقليل كمية السماد المطلوبة للمحصول، ليقلل التكلفة، وفي هذه الحالة، سوف تتأثر الإنتاجية سلباً»، موضحاً أن الموسم أوشك على الانتهاء، وهو الموسم الذي عادة ما ينتهي في شهر سبتمبر.

وتشهد أسعار الأسمدة ارتفاعاً جنونياً في السوق السوداء. وبحسب الأسعار الذي تحدث عنها نقيب الفلاحين، فإن «شيكارة اليوريا وزن 50 كيلوغراماً، يصل سعرها إلى 329 جنيهاً، وهو ما يشكل نحو ضعف سعرها في الجمعيات الزراعية»، مطالباً وزارة الزراعة، بـ«إعادة هيكلة منظومة توزيع الأسمدة، وإجبار الشركات المصنعة لتوريد كامل حصصها للوزارة في المواعيد المحددة، مع تشديد الرقابة على بيع الأسمدة في السوق الحرة، للحد من تهريب الأسمدة المدعمة، والحد من تفاوت الأسعار الكبير بين الأسمدة المدعمة والحرة».

قطاع الخدمات الزراعية بوزارة الزراعة المصرية، برر، على لسان رئيس القطاع، الدكتور عباس الشناوي، في تصريحات له نهاية الشهر الماضي، ارتفاع أسعار السماد، بـ«الزيادات العالمية» التي تشهدها الأسعار في أعقاب جائحة «كورونا». وكشف في الوقت نفسه، عن خروج عدد من الشركات من الخدمة، ما أدى لـ «اختناقات في بعض محافظات الصعيد».

وتحدث الشناوي عن جهود الوزارة، وذلك من خلال رفع رسوم التصدير من 600 إلى 2500 جنيه على طن السماد المصدر، بما يشجع مصانع السماد على توجيه الإنتاج إلى السوق الداخلية. وسبق أن شكلت الوزارة لجنة خاصة لتفقد محافظات سوهاج وقنا والأقصر والمنيا.

وتعاني عدد من شركات الأسمدة من التعثر في سداد الأقساط المستحقة عليها، في إطار تضررها بجائحة فيروس «كورونا»، الأمر الذي دفع النائب البرلماني هشام سعيد، بتقديم طلب إحاطة، لتأجيل الأقساط المستحقة لمدة ستة أشهر، وهو الطلب الذي أكد فيه أنه «على الرغم من أن صناعة الأسمدة صناعة حيوية، تمس الأمن القومي للبلاد، وتهدف إلى جلب استثمارات أجنبية للسوق المحلية، لكن أزمة «كورونا» وما ترتب عليها من تداعيات، وقف حائلاً دون ذلك في الوقت الراهن».

Email