«إخوان تونس» يبتزون الدولة ويتاجرون بمأساة الوضع الصحي

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الوقت الذي تعاني فيه تونس من وضع صحي كارثي، ومن أزمة مالية واقتصادية طاحنة، وفيما اتجهت الحكومة لطلب الدعم الدولي ولخوض مفاوضات عسيرة مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض مالي، دعا الإخوان إلى تمكينهم قبل 25 يوليو الجاري، من تعويضات عمّا وصفوها بمعاناتهم في العهد السابق، يبلغ حجمها ثلاث مليارات دينار تونسي، أي حوالي 1،08 مليار دولار أمريكي.

فقد دعا رئيس مجلس الشورى بحركة النهضة عبد الكريم الهاروني، رئيس الحكومة هشام المشيشي إلى ضرورة تفعيل ما يسمى صندوق الكرامة لتعويض ضحايا الاستبداد قبل 25 يوليو 2021 الموافق لذكرى إعلان الجمهورية، مؤكداً أنه لا يوجد أي مبرر لتعطيل العمل به، ومعلناً رفض الحركة لما اعتبره تسويفاً في هذا الملف.

وأثار هذا الموقف جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية، وغضباً في الشارع التونسي، لا سيما وأنه جاء في ظل استشراء الأزمة الصحية وانتشار فيروس كورونا وما أعلن عنه من انهيار للمنظومة الصحية، فقد أدانت حركة الشعب، في بيان لها، مساعي حركة النهضة لاستغلال «ضعف الدولة» وحاجة رئيس الحكومة للدعم السياسي، للضغط عليه من أجل صرف تعويضات لمريديها وأتباعها تحت عنوان حقهم في التعويض عن التعذيب والقهر والاعتقال من طرف النظام السابق.

وأفادت حركة الشعب أن مساعي حركة النهضة تأتي في الوقت الذي تعيش فيه البلاد على وقع أزمة صحيّة خطيرة، واصفة سلوك النهضة بالانتهازي النفعي، والذي تحاول من خلاله استغلال الوضع في البلاد من أجل الضغط على رئيس الحكومة وتحقيق مكاسب لأتباعها ومريديها، علاوة على استغلال مجلس النواب لإضفاء شرعية قانونية على هذا الانحراف الخطير.

ودعت حركة الشعب رئيس الحكومة إلى عدم الخضوع لما اعتبرته ابتزاز حركة النهضة، وإلى تحمل مسؤولياته كرجل دولة لحمايتها من الاستغلال الحزبي والنفعي والحفاظ على مقدراتها في ظل هذا الوضع الذي يتطلب توفير كل الإمكانيات لحماية أرواح الناس، بحسب نص البيان الذي حثّ كل القوى السياسية والمنظمات الوطنية على التصدي لهذا السلوك «الأرعن» لحركة النهضة التي لا تعنيها الدولة ومصلحتها أمام مصلحة الجماعة، ودعا الجميع للعمل المشترك من أجل منع الحركة الإخوانية من استغلال الوضع الحالي للاستفراد بالحكومة ومقدرات ومؤسسات الدولة.

وقال النائب عن حركة الشعب زهير المغزاوي، إن النهضة تبتز رئيس الحكومة بمسألة الحكومة السياسية للحصول على التعويضات، وأضاف: «في الوقت الذي تحتاج فيه مستشفيات تونس إلى أجهزة تنفس، ويحتاج فيه التونسيون لسرير في مستشفى، وفي الوقت المفروض أن تتوجه فيه كل موارد الدولة لمحاربة الوباء، ها هي حركة النهضة كما عودتنا بانتهازيتها تضغط على رئيس الحكومة وتبتزه بمسألة التعويضات».

تقاسم الغنيمة

وفي بيان له اليوم الإثنين، أوضح التيار أن الشعب التونسي يشيع يومياً المئات من أبنائه إلى المقابر، في حين وصلت مرحلة التفاوض على إعادة تقاسم غنيمة الحكم وفرض دفعة ثانية من التعويضات، وذلك على خلفية دعوة النهضة إلى تفعيل صندوق الكرامة لتعويض ضحايا الاستبداد قبل 25 يونيو الجاري، مبيناً أنه ما يجعل هذه المنظومة «قوّة عدوان على البلاد وجب ردعها شعبياً».

وأكد التيار أن ما يتعرض له الشعب والوطن اليوم من تدمير طال كل مناحي حياته، هو «جريمة ممنهجة ينفذها الإخوان وبقية العملاء لتصفية الدولة الوطنية وإنهاك شعبها وإذلاله وتبديد مقدّراته لتفرض عليه الجماعة مشروعها الرجعي خدمةً لمشغّليها في الخارج ووكلائهم في الداخل».

وفيما عبر الأمين العام للتيار الديمقراطي غازي الشواشي، عن استغرابه من مطالبة الحكومة بتفعيل صندوق الكرامة وتعويض ضحايا الاستبداد في هذا الزمن الذي وصفه بالأغبر، واعتبر هذه الدعوة وقاحة وأنانية وابتزازاً واستضعافاً ومتاجرة بآلام الضحايا، دعت حركة الراية الوطنية التي يتزعمها النائب مبروك كورشيد رئيس الحكومة إلى عدم «الخضوع إلى هذا الابتزاز المفضوح باسم التعويض»، معتبرة أن «التصرف الابتزازي من طرف حركة النهضة يمثل مرة أخرى مخالفة صريحة للقانون وانتهاكاً لحرمة الشعب التونسي ومقدراته، فلا المقررات التي في حوزة طالبي التعويض سليمة، ولا طالبو التعويض لهم الحق في ذلك».

حملات

وأطلق ناشطون تونسيون حملات واسعة لمواجهة محاولات حركة النهضة إجبار الحكومة على صرف تعويضات تتجاوز المليار دولار لفائدة أنصارها وحلفائها ممن تم اتهامهم خلال العقود الماضية بالتورط في الإرهاب والتآمر على الدولة ومؤسساتها، ومن اعترفوا بجرائمهم سواء أمام القضاء أو في مذكراتهم المنشورة بعد العام 2011، معتبرين أن محاولة ابتزاز الدولة تكشف عن الوجه القبيح لتيار الإسلام السياسي الذي ينظر إلى البلاد كغنيمة يتم تقاسمها بأعلى مستويات الجشع.

Email