مصادر لـ«البيان»: مصير تكليف الحريري يُحسم هذا الأسبوع

ت + ت - الحجم الطبيعي

فيما لا يزال ملفّ تشكيل حكومة لبنان متمركزاً في «الغرفة السوداء»، مقيّداً بملهاة التعطيل المتعمّد منذ أكثر من 8 أشهر، شهدت الساعات القليلة الماضية ارتفاع منسوب الكلام عن أنّ مصير تكليف الرئيس سعد ‏الحريري سيُحسم نهائياً هذا الأسبوع، تأليفاً أو اعتذاراً، فقد بدا من الصعوبة الجزْم بأيّ اتجاه قد تسلكه الأزمة الحكوميّة، في ضوء تضارب المعطيات المتعلّقة بما تردّد عن مساريْن متعاكسيْن: الأوّل ‏يتعلّق بمعلومات عن زخم نتج عن التحرّك الدولي المتعدّد القنوات، والذي برز أخيراً و‏فرمل الاتجاه لدى الرئيس المكلّف إلى الاعتذار، خصوصاً في ظلّ موقفيْن ‏روسي ومصري يجسّدان معظم موقف المجتمع الدولي من تشكيل حكومة برئاسة الحريري، ‏تتمتّع بمعايير حدّدها المجتمع الدولي منذ بداية الأزمة.

أمّا المسار الثاني، فيتضمّن توقعات مخالفة، ‏ترجّح أن يعود خيار الاعتذار إلى المشهد، ربّما قبيل نهاية الأسبوع الحالي، وبعد أن يقوم ‏الرئيس الحريري بزيارة متوقّعة للقاهرة للقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وهنا، تردّدت معلومات مفادها أنّ الرئيس الحريري، المتوجّه إلى القاهرة يوم الخميس المقبل، سيستمزج رأي الرئيس السيسي قبل أن يعود إلى بيروت، حيث يسلّم الرئيس عون تشكيلته الحكوميّة المتوافق عليها مع الثنائي الشيعي، فإنْ أعجبت الرئيس وقّعها، وإنْ أحجم يتخذ الحريري موقفه النهائي من التكليف.

معطيات.. وترقّب

وفي ظلّ المعطيات والوقائع التي برزت في اليومين الأخيرين، بدا أنّ منحى احتمال خيار ‏اعتذار الحريري عاد وتفرمل، في ضوء حركة اتصالات ‏دوليّة مكثّفة برزت على أكثر من صعيد، ومع بروز دور مصريّ لافت في هذا الإطار. وعليه، انتفت كلّ الأجواء التي روّجت إلى الدخول في مرحلة البحث عن بديل ‏للحريري، باعتبار أنّ المعطيات الواضحة عن أجواء رؤساء الحكومات السابقين الأربعة تشير إلى ‏أنّهم يلتزمون سقف عدم التسمية، ولا يجدون أنفسهم معنيّين بموضوع كهذا، خلافاً لما أشيع ‏عن انتقالهم إلى التباحث في اسم رئيس مكلّف جديد.

وكانت معلومات قد تحدّثت عن أنّ الرئيس المكلّف في صدد تقديم ‏تشكيلة حكوميّة جديدة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، هذا الأسبوع، ‏ولم يُعرف ما إذا كان الهدف من التصعيد الأخير ثَنيه عن تقديم هذه ‏التشكيلة، أو الضغط للتفاوض حولها قبل تقديمها، أو تذكيره بضرورة ‏أن يأخذ في الاعتبار مطالب العهد. وفي مطلق الحالات، أشارت مصادر سياسيّة معنيّة لـ«البيان» إلى أنّ تقديم تشكيلة جديدة على وقع إطلاق نار متواصل «لا يفيد في ‏شيء»، لأنّ أيّ خطوة من هذا النوع يجب أن تتمّ في مناخات إيجابيّة وروح تعاون، ‏وليس على طريقة «رفْع العتب»، إلاّ إذا كان الحريري يرمي من ورائها ‏إلى الاعتذار.

وتحضيراً لمرحلة ما بعد الاعتذار المحتمل، يبدو أنّ المسعى مستمرّ ‏في اتجاه الحريري، لإقناعه بتغطية من سيُكلّف بعده، أو أقلّه للحؤول ‏دون تحويل الاعتذار مادة مشتعلة من شأنها تأجيج الاحتقان السياسي ‏والطائفي. ذلك أنّ ما هو واضح حتى الآن، أنّ الحريري لم يسمِّ، أو يوافق بعد على أيّ اسم يتبوأ رئاسة الحكومة، فيما الشخصيات السنيّة المعنيّة برئاسة الحكومة غير مستعدّة لمهمّة إنقاذيّة شبه «انتحاريّة»، إذْ هي غير مستعدّة للاصطدام بالشروط التي وضعها العهد، ومن ورائه رئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل، للحريري، كوْن نتائجها معروفة مسبقاً. هذا في حال اعتذر الحريري.

وفي المحصّلة، لا يزال الملفّ الحكومي عالقاً بين ضفّتَي التكليف والتأليف، بانتظار خطوة مرتقبة قريباً من الرئيس المكلّف، تحسم مسار الأمور والاتجاهات، فيما كلّ الاحتمالات الحكوميّة مفتوحة، وأيّ معطى قد يقلب الاعتذار إلى تشبّث بالتأليف أو العكس. والى حين تبيان ما ستفرزه الأيام الحاسمة حكومياً، تستمرّ «حزّورة» التشكيل أم الاعتذار مادة للاجتهادات السياسيّة والتوقعات المتفاوتة. وفي الانتظار، فإنّ عيْن اللبنانيّين على ما يهمّهم فعلياً.

Email