تقارير « البيان»

لبنان: رسوّ المشهد عند رصيف العتمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

فيما لبنان مطفأ عن بكرة أبيه، إلا من نار الوجع، لم يجد السفير الياباني تاكيشي أوكوبو أمامه سوى التغريد، شاكياً انقطاع الكهرباء في مقرّ إقامته في بيروت، وموضحاً أنّه عندما راجع بالأمر قيل له: «لا يوجد احتمال لاستئناف الإمداد بالطاقة».

وهذه الشكوى لم تأتِ من العدم، بل اقتضاها فعل كوْن كلّ معامل الكهرباء مطفأة لغياب الفيول، وكثير من المحرّكات مطفأة أو في طوابير تبحث عن المازوت أو البنزين، فيما بيانات مصرف لبنان ترصد «ورقيّاً» الاعتماد تلو الاعتماد، ولم يعد بالإمكان الاعتماد عليها لأنّ الواقع مخالف لكلّ ما يُدعى ويُقال.

أمّا كلّ المؤشّرات، بحسب قراءة الطالبة الجامعيّة لين، فتشي بأنّ «لحظة السقوط الكارثي باتت وشيكة، وتنذر بالإجهاز على البقيّة الباقية من وطن مصدّع بالكامل». ذلك أنّ كلّ أسباب الحياة صارت «معدومة» في دولة تحكمها «غرف سوداء» تقامر بالناس وتسرقهم، إذْ صار الدواء عملة نادرة، والدولار يفتك بالليرة وها هو يطرق باب الـ20 ألف ليرة و«الحبْل على الجرّار» صعوداً، وطوابير الإذلال تطول وتطول أمام محطات المحروقات،

وبالتوازي مع رفْع الدعم، يبدو أنّ مشهد «الجحيم الموعود» صار وشيكاً أكثر ممّا يظنّ البعض، والمأساة على قاب قوسيْن أو أدنى، وفق تعبير «أبو علاء»، المعيل الوحيد لأسرة مؤلّفة من 7 أشخاص، غامزاً من قناة «التكييف الممنوع»، تحفيزاً لـ«قدرة اللبناني على التكيّف مع حرارة الجحيم»، وفق قوله لـ«البيان». ذلك أنّه، وفي عزّ الحرّ الصيفي، أضيفت إلى مصائب اللبنانيّين مصيبة جديدة، ألا وهي غياب التكييف عن معظم المنازل وتحوّلها إلى آتون ملتهب يكوي أهله بناره.

فمع انقطاع التيّار الكهربائي لـ10 ساعات أو لـ15 ساعة أو أكثر يومياً، وسياسة التقنين الحادّة التي يعتمدها معظم أصحاب المولّدات، بالتضامن والتكافل في ما بينهم، صار تشغيل المكيّفات في البيوت حلماً شبه مستحيل، فيما تشغيل المراوح الكهربائيّة دونه عثرات التقنين القسري للكهرباء والمولّدات. وعليه، بات المكيّف والمولّد الكهربائي مثل خطّيْن متوازييْن لا يلتقيان، وكهرباء الطاقة كحبلٍ مقطوع في وسط البئر، معلّقاً اللبنانيّين بين قعر مظلم وسطح، لا يجدون للوصول إليه سبيلاً.

Email