ما دوافع الغنوشي للتنصل من جريمة الاعتداء على عبير موسي؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

حاول رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي التنصل من جريمة الاعتداء بالعنف على رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر، والتي ارتكبها محسوبون على التيار الإخواني الذي يتزعمه، فيما أكد الرئيس قيس سعيد أن الاعتداء تم الترتيب له قبل تنفيذه، وقال إن مسرحية تجري في عدد من المؤسسات، لكن «لا المخرج ناجح ولا الممثل ناجح» وفق تعبيره، معتبراً أن الحصانة التي يتمتع بها النواب هدفها تمكينهم من أداء عملهم بكل استقلالية وليس الاعتداء على الأشخاص. وتساءل سعيد قائلاً «كيف تسيل الدماء في البرلمان؟»

وفي بيان له، عبر زعيم حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي بصفته رئيس مجلس نواب الشعب عن «كبير صدمته وعميق استنكاره للاعتداء الذي تعرّضت له النائب عبير موسي خلال أشغال الجلسة العامة ليوم 30 يونيو 2021» وأكد موقفه الرافض والمندّد بهذا الفعل الذي وصفه بالشنيع، لكنه استطرد أن هذا التصرّف فردي ومرفوض وغير مسؤول، ولا يشرّف المؤسسة البرلمانية التي سنّت تشريعات تجرّم كافة أشكال العنف وخاصة ضد المرأة التونسية، وفق نص البيان.

ويرى المراقبون أن هدف الغنوشي من بيانه هو التنصل من جريمة الاعتداء بالعنف البدني واللفظي على موسي بعد أن لقيت تنديداً واستنكاراً من أغلب الأحزاب السياسية والقوى المدنية والاجتماعية ومن عموم الشارع التونسي الذي وجه أصابع الاتهام إلى جماعة الإخوان المهيمنة على الائتلافين البرلماني والحكومي والأطراف الدائرة في فلكها.

ومما يشير إلى تورط الإخوان، أن نائب وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس ورئيس وحدة الاتصال والإعلام، محسن الدالي، صرّح الجمعة بأنّ راشد الغنوشي تقدّم بدعوى قضائية، يوم الحداثة، ضد أعضاء من كتلة الحزب الدستوري الحر، وطالب باستعمال القوة العامة، لفك اعتصام احتجاجي نظمته الكتلة تحت قبة البرلمان.

ووفق مراقبين محليين، فإن عدم مسارعة القضاء بتوجيه القوة العامة إلى برلمان دفع إلى خطة بديلة وهي الاعتداد بالعنف على رئيسة الكتلة عبير موسي من قبل نائبين معروفين بعلاقاتهما الوطيدة بكتلة حركة النهضة وهما الصحبي صمارة وسيف الدين مخلوف.

وأدت الحادثة إلى مواقف صاخبة داخل البرلمان وخارجه، حيث أكد عضو مكتب مجلس نواب الشعب مبروك كرشيد عن إيداعه نص استقالته من مكتب المجلس لدى مكتب الضبط بالبرلمان.

وبين كرشيد الذي يشغل منصب نائب رئيس البرلمان المكلف بالعلاقة مع القضاء والهيئات الدستورية أنه أقدم على الاستقالة لشعوره بأنه لم تعد هناك أي إمكانية للحوار داخل رئاسة المجلس ومكتبه، مضيفاً أنّه أودع استقالته بعد استحالة مواصلة العمل وسط ما وصفه بالمغالبة في تمرير مشاريع القوانين لطريقة غير قانونية للجلسة العامة فضلاً عن تواتر أحداث العنف في أروقة البرلمان وقاعة الجلسات العامة.

وقال كرشيد إنه استقال حتى لا يكون شاهد زور على مسرحية فاسدة تقاد من الخارج، وفق تعبيره. دون أن يستبعد كرشيد إمكانية تقديم استقالته من البرلمان إذا ثبت له أنه لا يمكنه أداء مهامه وسط هذا البرلمان وأجوائه المشحونة.

إلى ذلك، دانت رابطة الناخبات التونسيات ظاهرة التطبيع مع العنف السياسي ضد النساء وتواصل الإفلات من العقاب، ودعت إلى تطبيق القانون على أساس مبدأ المساواة بين جميع التونسيين والتونسيات، معتبرة أن الاحتماء وراء الصفة البرلمانية لا يمكن أن يكون ذريعة للإفلات من العقاب.

وطالبت الرابطة رئيس مجلس نواب الشعب ولجنة الحصانة البرلمانية باتخاذ الإجراءات الرادعة اللازمة لاستئصال العنف السياسي ضد النساء الممنهج والمتكرر تحت قبة البرلمان، كما دعت النيابة العامة إلى التحرك ولعب الدور المخول لها بالقوانين المتعلقة بالقضاء على كل أشكال العنف ضد النساء للتصدي لهذه الجرائم التلبسية ولحماية المجتمع من ترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب.

Email