لبنان.. ساعات مفصلية وحاسمة على جبهة تكليف الحريري

ت + ت - الحجم الطبيعي

عشية مرور ثمانية أشهر على تكليفه تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان، لم يعد ثمة شك في أن قراراً كبيراً وحاسماً قد يكون توصل إليه الرئيس المكلف سعد الحريري، لوضع حد نهائي للعبة التعطيل التي يمارسها العهد وتياره، وأن هذا القرار صار قاب قوسين أو أدنى من الإعلان.

ووسط ظروف تنذر بانزلاق البلاد بسرعة كبيرة نحو مرحلة محفوفة بأخطار غير مسبوقة، فإن في المقلب الآخر من الصورة مشهداً سياسياً يبدو أكثر إثارة للغموض والخشية من ‏مرحلة قد تحمل نهاية دراماتيكية لأزمة تعطيل الحكومة. ذلك أنه صار شبه ثابت أن الرئيس الحريري يقيم على قرار ضمني، يجعل ‏اعتذاره الجدي معلقاً فقط، فيما تخضع كل الخيارات للدرس. وبمعنى أدق، للمرة الأولى، منذ تكليف الرئيس الحريري (22 أكتوبر من العام الفائت)، يتقدم خيار الاعتذار ‏على خيار الاستمرار في التكليف، فيما بدأ النقاش الجدي في إيجابيات كل ‏من الخياريْن وسلبياته، وبات الرئيس المكلف أمام خياريْن لا ثالث لهما: الاستمرار ‏في التكليف، أو الاعتذار وترْك العهد ‏يتخبط بأزمته ويتحمل مسؤولياته.

خطوة

وبعدما سُدت الطرق أمام التأليف، وفي سياق تجميع الأوراق، كان رئيس الحكومة المكلف أحال، السبت الفائت، ملفه إلى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وأبلغ المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى قراره، ليُبنى على التشاور مقتضاه، فيما برز في المجلس رأيان متناقضان: الأول يؤيد الحريري في رغبته في الاعتذار، والثاني يعارض الأمر، معتبراً أن ذلك يشكل سابقة وينتقص من دور الطائفة السنية في التركيبة السياسية. وفي المعلومات التي توافرت لـ«البيان»، فإن الحريري، ورغم تباين الآراء، ظل مصراً على موقفه، لكنه ترك التوقيت إلى تقديره الشخصي والتطورات السياسية والحكومية، ذلك أنه لن يخطو الخطوة الأخيرة قبل التشاور مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وهو أمر بات على قاب قوسين أو أدنى.

ولعل الأخطر من كل ما سبق هو ما بدأت أوساط سياسية تتداوله، ‏لجهة السيناريو الذي قد يواجهه لبنان، في حال استعصاء تشكيل حكومة جديدة واعتذار ‏الحريري، وربما نشوء أزمة تكليف أخرى عقب تداعيات الاعتذار المحتمل. وهذا السيناريو، وفق ما يتردد، يتمثل بالانزلاق نحو إدارة دولية للانهيار، على قاعدة إنسانية في المقام الأول.

محطة مفصلية

وعليه، من المتوقع، إنْ صحت المعلومات المنسوبة إلى مصادر موثوقة، أن تشهد الساعات القليلة المقبلة اعتذار الحريري عن المهمة المكلف بها، بعد أن يلاقي الرئيس برّي في خطوة نعي مبادرته المؤجلة منذ أيام، لتأخذ الخطوتان معاً مفاعيلها المتوقعة وأبعادها الكبرى، إيذاناً بمرحلة جديدة لا يمكن لأحد التكهن بنتائجها. في المقابل، تفيد معطيات «البيان» أن كل التقديرات السياسية التي تشير إلى توجه لدى الرئيس المكلف للاعتذار هي سابقة لأوانها.

وإذا كان السائد أن القرار المرجح هو اعتذار الحريري عن تشكيل الحكومة، بعدما أجهضت دوامة التعطيل مبادرة الرئيس برّي وألحقتها تالياً بالمبادرة الفرنسية، فإن الأسبوع الجاري سيكون بمثابة «المحطة المفصلية» ‏لمبادرة برّي ولتكليف الحريري على حد سواء، لا سيما وأن «خيط» الاعتذار بات مرتبطاً ‏عضوياً بانتهاء هذه المبادرة وإعلان فشلها.

وفي الإنتظار، ضجت القراءات السياسية بالإشارة الى أن نهاية الأسبوع الفائت مهدت أرضية أسبوع الحسْم على جبهة التكليف، والى أن الحريري يبحث في كل الخيارات المطروحة أمامه، سواء بالبقاء على موقفه أم بالمبادرة لعقد تسوية وتشكيل حكومة، أو حتى الذهاب الى الإعتذار، فيما يبدو أن البلد بات أمام ماراتون تشاوري جديد، بين اعتذار يبدو أنه تفرمل أو يكاد، وتكليف جديد لم تكتمل عناصره بعد.

Email