الغموض يلف مصير ملف «سد النهضة» ورهانات على «ضغوطات دولية»

ت + ت - الحجم الطبيعي
لا يزال الغموض يلف مصير ملف سد النهضة، لا سيما في ظل عدم تمكّن الأطراف الثلاثة من التوصل لاتفاق ملزم يحفظ حقوق أثيوبيا في التنمية، وحقوق مصر والسودان التاريخية في مياه النيل.
 
ووصلت المفاوضات عملياً إلى «طريق مسدود» وفق ما أقرته مصر والسودان في بيان مشترك، عقب اجتماع وزراء الخارجية والري بالبلدين في الخرطوم، وهو البيان الذي تضمن الإشارة إلى ضرورة أن يكون هناك «تدخل نشط من قبل المجتمع الدولي لدرء المخاطر المتصلة باستمرار إثيوبيا في انتهاج سياستها القائمة على السعي لفرض الأمر الواقع على دولتي المصب والإرادة المنفردة التي تواصل إثيوبيا اتباعها والتي تتجسد في إعلانها عن عزمها على ملء سد النهضة خلال موسم الفيضان المقبل دون مراعاة لمصالح السودان ومصر».
 
ولا يزال الرهان على «ضغوطات دولية» قائماً من أجل حماية الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة وفي القارة الإفريقية. ويعتقد مراقبون، أن ما تردد بشأن تأجيل الملء الثاني بعد مشكلات هندسية دفعت أديس أبابا إلى العمل على تعلية الممر الأوسط لـ 573 متراً بدلاً من 595 متراً، قد يتيح فرصة لاستئناف المفاوضات من جديد.
 
رفض أحادية
 
وزير الري والموارد المائية الأسبق في مصر د. محمد نصر الدين علام، قال إن «موقف القاهرة والخرطوم واضح تماماً لجهة رفض أي قرارات أحادية من قبل أثيوبيا أو الملء الثاني المنفرد، لما لذلك من أضرار تلحق بدولتي المصب بشكل مباشر»، موضحاً أن اللقاء الأخير بين مصر والسودان جاء في إطار تنسيق المواقف وتوحيدها، سواء لجهة شروط التفاوض والتحرك على الصعيد الدولي والمنظمات الدولية.
 
البيان المشترك الصادر عقب مباحثات وزراء الخارجية والري بين البلدين، تضمن التأكيد على أهمية تنسيق جهود البلدين على الأصعدة الإقليمية والقارية والدولية لدفع إثيوبيا على التفاوض من أجل التوصل لاتفاق شامل وعادل وملزم قانوناً حول ملء وتشغيل سد النهضة.
 
وتحدث علام عن رفض أديس أبابا تدخل أطراف أخرى دولية وإقليمية في الملف، مع الاعتماد فقط على وساطة الاتحاد الأفريقي، لكنه أشار إلى أنه «يتعين أن تكون هناك مظلة دولية، تعمل وفق ضمانات واضحة، وذلك نتيجة سلسلة من التجارب السابقة لدولتي المصب مع أثيوبيا، وهي تجارب صعبة مررنا بها كان الهدف منها تضييع الوقت وفرض الأمر الواقع».
 
تنسيق
 
كما أشار أيضاً إلى أن نتائج هذا التنسيق والمباحثات التي تمت على مستويين سياسي وفني، ستظهر بوضوح خلال المرحلة المقبلة من خلال تحركات البلدين.
 
ولا يزال الرهان قائماً على دور فاعل من قبل دول أبدت اهتمامها بالوساطة في ملف السد، ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية، لاسيما بعد جولة المبعوث الأمريكي للقرن الأفريقي الأخيرة، التي زار فيها الدول الثلاث، وهو سيناريو قد يشكل مخرجاً للأزمة من أجل دفع الأطراف الثلاثة للتوصل إلى اتفاق ملزم يُنهي واحدة من أصعب الملفات التي تهدد الأمن والسلم بالقرن الأفريقي.
 
وأفاد مساعد وزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد حجازي، أن ثمة سيناريوهات لا تزال تطرح نفسها على المشهد، في مقدمتها إتاحة الفرصة لمزيد من الإجراءات الدبلوماسية والسياسية، من خلال اتصالات بالأطراف الدولية، وذلك من أجل منع المواجهة.
 
وأشار إلى الاتصالات التي يجريها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع الأطراف الدولية من أجل التأكيد على موقف مصر بشأن سد النهضة، موضحاً أن القاهرة والخرطوم تسعيان إلى التوصل إلى اتفاق ملزم مع الجانب الإثيوبي بما يحفظ حقوقهما في مياه النيل، لكنه استبعد إمكانية التوصل لذلك الاتفاق بشكل عملي خلال الأسبوعين المقبلين.
 
موقف تنفيذي
 
أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، د. عباس شراقي، شارك صوراً للموقف التنفيذي لسد النهضة حتى الآن، واستدل من خلالها على أن الإنشاءات الهندسية لم تنته بعد ويبدو أنها ستستكمل لآخر لحظة قبل الفيضان في أول يوليو.
 
كما يظهر شكل صب الخرسانة وكأنه عشوائيا ًمن قطع متفرقة، وأعرب عن ذلك بعض أساتذة الهندسة، ومطلوب من هذه الخرسانة أن تواجه وتوقف تسعة مليارات متر مكعب بعد صبها بأيام، فيما لم يظهر أي تأثير للخرسانة الجديدة على زيادة تخزين بحيرة سد النهضة التي لم تتعد سعة ما كانت عليه في التخزين الأول وهو خمسة مليارات، بل أقل قليلاً ويظهر ذلك بوضوح على حواف البحيرة الفاتحة اللون نتيجة انحسار المياه عنها.
 
Email