«مكافحة الفساد» ترفع من حدة المواجهة في تونس بين سعيّد والمشيشي

ت + ت - الحجم الطبيعي

عاد التصعيد مجدداً للمواجهة السياسية المفتوحة بين الرئيس التونسي قيس سعيد ورئيس الوزراء هشام المشيشي المدعوم من قبل الائتلاف البرلماني بزعامة حركة النهضة.

وانتقد سعيد بشدة إقدام المشيشي على إقالة رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد القاضي عماد بوخريص وتعيين القاضي عماد بن الطالب علي بدلاً عنه.

وخاطب سعيد رئيس الهيئة المقال بالقول: «كان متوقعاً إعفاؤك من مهامك لأنك قدمت ملفات وجملة من الإثباتات المتعلقة بعدد من الأشخاص» و«من بين هؤلاء الأشخاص من تم رفض أدائه اليمين الدستورية بسبب قضايا فساد تعلقت بهم وهناك من له قضية أمام القطب المالي وبعض الأشخاص لهم قضايا فساد».

وتابع سعيد خلال استقباله، مساء أمس الاثنين، القاضي بوخريص بعد الإعلان إقالته أنه و«من خلال الوثائق المتوفرة يتبين أنهم متورطون أو يتخفون وراء عدد من الأشخاص»، مضيفاً: «يرفعون شعار مقاومة الفساد ثم يتصدون لمن يقاوم الفساد»، في إشارة إلى الائتلاف الحكومي والبرلماني الذي تتزعمه النهضة.

وقالت الرئاسة، في بيان، إن «بوخريص أطلع سعيد على كل الصعوبات التي وجدها وواجهها وعلى الأسباب الحقيقية التي أدت إلى إقالته، فضلاً عن الجوانب القانونية التي لم يقع احترامها في قرار الإقالة».

وكان بوخريص أدى اليمين الدستورية أمام سعيد في الثاني من سبتمبر الماضي بعد تعيينه رئيساً للهيئة الوطنية لمقاومة الفساد من قبل رئيس الحكومة السابق إلياس الفخفاخ بعد الإطاحة برئيس الهيئة الأسبق شوقي للطبيب.

ويعد بوخريص من المقربين من الرئيس سعيد، فيما جاءت إقالته لتزيد من تعميق الفجوة بين مؤسسة الرئاسة ورئاسة الحكومة، ولاسيما بعد تأكيد مصادر مطلعة أن سعيد لن يستقبل رئيس الهيئة الجديد لأداء اليمين الدستورية أمامه، ليكون مصيره كمصير الوزراء الـ11 الذين عيّنهم المشيشي قبل خمسة أشهر، ونالوا ثقة البرلمان في الـ26 من يناير الماضي، ولا يزال سعيد رافضاً تسميتهم في مناصبهم، وأدائهم القسم أمامه، ما أدى إلى شلل حكومي واضح.

من جهته، أوضح الباحث في القانون الدستوري رابح الخرايفي، أنّ سعيد لن يقبل أداء اليمين الدستورية للرئيس الجديد للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد عماد بن الطالب علي، معتبراً أنّ المشيشي بإقالته لبوخريص وتعيّينه لعماد بن الطالب علي خلفاً له فإنّه «يُراكم المشكلات لنفسه وللدولة».

واتهم ناشطون المشيشي بالخضوع لضغوط قوى سياسية ومالية استهدفتها تحقيقات الهيئة برئاسة القاضي بوخريص، واعتبرت أن تعيين القاضي عماد بن طالب رئيساً جديداً للهيئة يثير الكثير من التساؤلات حول الدوافع التي تقف وراءه، ولا سيما في ظل فشله في إدارة ملف الأملاك المصادرة التي كان يشرف عليها.

واتهمت منظمة «أنا يقظ»، المشيشي «بتعيين ذوي الشبهات في مناصب حساسة في الدولة، خدمة لمصلحته الشخصية أو مصالح غيره»، على حد تقديرها. كما اعتبرت المنظمة أن علاقة القرابة التي تجمع عماد بن طالب بوزير الداخلية المقترح والكاتب العام الحالي للحكومة، وليد الذهبي، «من شأنه أن يفتح باب تضارب المصالح بينهما، ويؤكد محاولة السطو على هذه الهيئة والتحكم في قراراتها». وفق بيان لها.

ويخشى المراقبون أن يؤدي اتساع الأزمة السياسية إلى تعطيل دواليب الدولة في تونس، بعد أن تحولت المواجهة إلى معركة كسر عظام، في ظل تدهور الوضع المالي والاقتصادي وظهور بوادر الاحتقان الاجتماعي نتيجة قرارات الحكومة رفع أسعار عدد من السلع الأساسية، ودخول البلاد تحت طائلة الموجة الرابعة من جائحة كورونا.

Email