أوهام «الإخوان» تتحطّم على جدران الدولة الوطنية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتجرّع جماعة الإخوان، مر الهزائم والانكسارات على مختلف الجبهات، بعد كساد سوقها، وانهيار مشروع التمكين، وانكسار عواصف الفوضى على أسوار الدولة الوطنية، التي عادت لتحصّن نفسها من محاولات تفكيكها. وقد جاء ذلك بعد نجاح مصر في التخلّص من كابوس الإخوان، عبر ثورة 30 يونيو، والإطاحة بحكم الجماعة في السودان، وتراجع الشعبية في تونس بشكل غير مسبوق، نتيجة فشل الإخوان في إدارة شؤون البلاد بعد 2011، وتورطهم في ملفات متعلقة بالإرهاب والفساد والتمويلات الخارجية للحملات الانتخابية، وعزلة إخوان ليبيا منذ انقلابهم على نتائج انتخابات 2014، وعزلة إخوان الجزائر، وتصدع جدار الجماعة في المغرب وموريتانيا، مع تشرذم في الأردن، وفقدان للشعبية في العراق، وخسارة للرهانات في سوريا، ومناورات فاشلة في اليمن.

ويوضح مراقبون، أنّ المحور الإخواني الإقليمي، تعرض لهزيمة نكراء خلال الأشهر الماضية، ما دفع بالقوى المؤثرة فيه، للبحث عن مخارج من النفق المظلم، عبر البحث عن مصالحات وتجاوز الصراع، ما يعني أنّ دولاً محورية لم تعد على استعداد لتحمل عبء الإخوان، فضلاً عن أنّ قوى غربية، تأكدت أنّ الإخوان لا يمكن أن تكون بديلاً عن الدولة الوطنية. ولفت المراقبون إلى أنّ نزعة «الإخوان» الأيديولوجية الإقصائية، واعتمادها أساليب الخداع في مواجهة الشعوب، وشعاراتها الكاذبة، ومؤامراتها ضد الدولة الوطنية، أنهت أوهام التمكين، وقادتها إلى نفق الاضمحلال، الذي تحاول التغطية عليه بمزاعم المظلومية الزائفة.

ضعف حضور

ويرى المحلل السياسي التونسي، عبدالحميد بن مصباح، أنّ الإخوان عملوا، ومنذ عام 2011، على تنفيذ مشروعهم الظلامي في دول المنطقة، بعد أن توهموا أنّ الوقت قد حان للانقضاض على الحكم، ليتبيّن مع مرور الوقت، ضعف حضورهم في الشارع، لافتاً إلى أنّ حركة النهضة تحكم تونس اليوم من خلال البرلمان والحكومة، بنصف مليون صوت من بين ثمانية ملايين، هو كل الجسم الانتخابي، و12 مليون نسمة، هو عدد التونسيين. وأضاف: «الأمر لن يستمر على ما هو عليه، إذ تؤكد كل استطلاعات الرأي، أنّ الحركة فقدت صدارة نوايا التصويت في انتخابات البرلمان». ويشير بن مصباح، إلى أنّ شعبية الإخوان في المنطقة، لا تتجاوز خمسة في المئة، أو أقل من ذلك، إلّا أنّ الجماعة لا تريد الاعتراف بصغر حجمها وتأثيرها، بل ترغب في الإمساك، بل والانفراد بمقاليد الحكم، مع رفض مبدأ الشراكة مع الآخرين، باعتبار أنّ مشروعهم يناقض فكرة ومفهوم الدولة الوطنية.

رفض وعزلة

بدوره، يشير المحلل السياسي الليبي، بشير الصويعي، إلى أنّه يمكن اختزال حال الإخوان في المنطقة، بوضع الجماعة داخل ليبيا، والتي تواجه رفضاً شعبياً معلناً، وتعاني العزلة. وأردف: الإخوان لا تعيش إلا في ظل الانقسام الاجتماعي والسياسي، لتحاول من خلال اختراق الأجهزة والمؤسسات، لذلك، تعمل على عرقلة الحل السياسي، وتأجيل الانتخابات، من خلال مناورات باتت مفضوحة، وعندما لاحظت إصرار المجتمع الدولي والأمم المتحدة على تنظيم الانتخابات في موعدها المقرّر، 24 ديسمبر المقبل، تنكرت لهويتها، وغيرت اسمها، وحولت صفتها من جماعة إلى جمعية، إلّا أنّ ذلك لن ينطلي على الليبيين، الذين ينظرون للإخوان وكل حركات التطرّف، على أنهم جسم دخيل على المجتمع، ومعادٍ للدولة، ومتآمر على وحدة أراضيها ومؤسساتها.

Email