مصادر لـ«البيان»: تشدد دولي مرتقب إزاء أزمة لبنان

ت + ت - الحجم الطبيعي

غداة انقضاء عطلة عيد الفطر المبارك، اتّجهت الأنظار مجدّداً إلى ما يمكن أن تشهده الساحة المحليّة في لبنان، بدءاً من اليوم، من ديناميّات تتعلّق باستحقاقات سياسيّة ومعيشيّة ضاغطة، وخصوصاً أنّ رحلة الإنكار والغرْبة الرسميّة عن الواقع لا تزال مستمرّة. ذلك أنّه، وبدلاً من الانصراف الجدّي إلى تشكيل حكومة تُخرج لبنان من الكارثة، لا يزال أركان المنظومة يناورون ويتشاطرون ويتقاذفون مسؤولية التعطيل القاتل.

وفي الانتظار، وبحسب تأكيد مصادر سياسيّة مراقبة لـ«البيان»، فإنّ المجتمع الدولي يقف على عتبة الانتقال إلى مرحلة جديدة في التعاطي مع السلطة السياسيّة ونهجها المتصلّب، الذي لم تنفع في تبديله بعد الأساليب الدبلوماسيّة ولا التحذيرات من الأسوأ الآتي. أمّا الخشية، بحسب المصادر نفسها، فتتمثل في عدم نفع سيْف العقوبات مع المنظومة السياسيّة، إلى حدّ قد يدفعها إلى التصلّب أكثر، وخصوصاً أنّه لم يعد لديها أيّ شيء لتخسره.

وإذا كان رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري قال كلمته وكرّر مواقفه المعروفة، وأكّد عدم انسحابه من التكليف، فإنّ شريكه في التأليف، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، يعمل على خطّيْن مستحيلين: الأوّل، السعي إلى إسقاط الرئيس المكلّف وتكليف رئيس حكومة آخر. وقد فشلت المحاولة لأنّ عون لم يجد ولن يجد شخصية ترضى بالخضوع لإملاءاته. أمّا الخطّ الثاني، فتمثل بمحاولة «تبييض» الصورة مع الفرنسيّين، والتنصّل من أيّ مسؤولية عن التعطيل والتورّط في الفساد.

إجماع

ووسط الصورة اللبنانية المتهالكة، فإنّ ثمّة إجماعاً على وجود ظاهرة غريبة، مفادها أنّ كلّ الضغوط الخارجيّة المتعاظمة، على الطبقة الحاكمة والطبقة السياسيّة عموماً، تبدو بلا جدوى، وحتى سلاح العقوبات الذي يتحرّك على المستويات الفرنسيّة والأوروبيّة والبريطانيّة لم يؤدِّ بعد إلى الفعالية الحاسمة، باستثناء مسألة العقوبات الأمريكيّة على «حزب الله»، والتي تكتسب خصوصيّة لم تتبدّل طبيعتها ولا مفاعيلها بين الإدارة الأمريكيّة السابقة والإدارة الحاليّة. ومن بوّابة هذا الإجماع، ارتفع منسوب التحذيرات من تداعيات ستكون شديدة القسوة على الطبقة السياسيّة، يوم يبدأ سريان العقوبات الفرنسيّة والأوروبيّة والبريطانيّة، بالتنسيق مع واشنطن، لأنّها ستكون المرة الأولى التي ستتكامل فيها شبكة تنسيق دوليّة مترامية للاقتصاص من معرقلي تشكيل الحكومة الإصلاحيّة التي تشكل مطلباً مزمناً وثابتاً للمجتمع الدولي، كما من المتورّطين في الفساد.

فراغ وسيناريوهات

ووسط انعدام أيّ أفق حيال أزمة تشكيل الحكومة الجديدة، بفعل سقوط كلّ المبادرات والمساعي، لا تزال أبواب السياسة مفتوحة أمام نسْج سيناريوهات كثيرة، يُراد بها رفع المزيد من المتاريس، وخوض المزيد من المعارك، ولوْ الوهميّة. ذلك أنّ القوى السياسيّة، ووفق القراءات المتعدّدة، لا تمتلك سوى لعبة إحراج بعضها البعض، لتعبئة الفراغ وتقطيع الوقت، من خلال اختراع صراعات ونزاعات على ملفّات متعدّدة، بعضها في الجانب السياسي، على مثال ترويج صيغة أو طرح أفكار، يُراد منها استبدال خيار بقاء سعد الحريري مكلفاً بتشكيل الحكومة بأسماء أخرى، وبعضها الآخر في جوانب شعبيّة وقضائيّة، على مثال فتْح ملفات الفساد ضدّ الخصوم وغيرها من قضايا مشابهة.

Email