بني وليد الليبية مصيدة الحالمين بالإبحار خلسة إلى أوروبا

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعد مدينة بني وليد الليبية الواقعة 170 كلم إلى الجنوب الشرقي من العاصمة طرابلس، وسط تضاريس وعرة تتكون من جبال عالية وأودية سحيقة، مصيدة للمهاجرين غير الشرعيين الحالمين بالوصول إلى الساحل الشمالي والانطلاق منه عبر قوارب الموت نحو الضفة الشمالية، حيث عادة ما يتعرضون للاختطاف من قبل جماعات مسلحة، ويواجهون ممارسات غير إنسانية، قبل أن يتم تمكينهم من هواتف للاتصال بأقاربهم في بلدانهم الأصلية ومطالبتهم بتوفير فدى وإرسالهم إلى مختطفيهم حتى يطلقوا سراحهم.

ويمثل خط بني وليد المتصل مع مدينة مزدة بالجبل الغربي أخطر مناطق ليبيا من حيث اختطاف المهاجرين غير الشرعيين المتسللين سواء من الجنوب في اتجاه الشمال أو من الشرق في اتجاه الغرب، فيما تشير تقارير أمنية إلى أن شبكات المهربين التي عادة ما تحصل على مبالغ مالية من المهاجرين مقابل إيصالهم إلى نقطة الإبحار نحو السواحل الأوروبية هي التي تبيعهم للمجموعات المسلحة للتخلص منهم والحصول على مبالغ إضافية مقابل بيعهم لمن سيعملون على الاستثمار في المساومة للحصول على فدى مقابل الإفراج عنهم.

وروى مختطفون محررون أنهم واجهوا كل أشكال التعذيب المهينة للذات الإنسانية، وقال بعضهم إنهم بيعوا في أكثر من مناسبة، حيث يقوم المسلحون بعد خطفهم ببيعهم إلى مسلحين آخرين يتولون المساومة على تحريرهم، وأحياناً يباعون إلى طرف ثالث أو رابع، ويتم احتجازهم داخل مخازن للسلع المهربة أو في مبان هي أقرب إلى حظائر تربية المواشي، وفي حال محاولة أحدهم الفرار يتعرض للقتل أو التعذيب، مثلما حدث في العام 2018 عندما قضى 12 مهاجراً برصاص المهربين أثناء محاولتهم الفرار من مخيم احتجاز للاجئين في بني وليد.

وفي مارس الماضي أعلن عن تحرير قرابة 120 مهاجراً، جلهم يحملون الجنسية المصرية، وقالت السلطات المحلية إن المهاجرين كانوا محتجزين بأحد أوكار تجارة البشر في منطقة بني وليد، وكشفت قوة تابعة لحكومة الوحدة الوطنية أن المحتجزين تعرضوا للتعذيب، ولعمليات ابتزاز، بحسب إفاداتهم، مؤكدة أن «هذه العمليات ستتكرر على معاقل الجريمة أينما وجدت، وسنباغت الخارجين عن القانون ليواجهوا مصيرهم».

وبعد أسبوع واحد تم تحرير 70 رهينة من المهاجرين متعددي الجنسيات، وإلقاء القبض على أبرز المتهمين في قضايا التهريب في البلاد، إضافة لمجرمين من جنسيات أخرى مارسوا على ضحاياهم جرائم الخطف والقتل والتعذيب، كما نجح قرابة 30 مهاجراً غير نظامي في الإفلات من قبضة إحدى عصابات الاتجار بالبشر في مدينة بني وليد، بعد احتجازهم في مكان سري، وتعرضهم للتعذيب، وقد تبين أنهم من حاملي الجنسية المصرية وأن خاطفيهم طالبوا بـ700 ألف دينار ليبي (نحو 150 ألف دولار) للإفراج عنهم.

وقالت منظمة أطباء بلا حدود إن «الخطف من أجل الحصول على فدى مازال تجارة رائجة عززتها سياسات يرعاها الاتحاد الأوروبي وتهدف لتجريم المهاجرين واللاجئين ومنعهم من الوصول إلى الشواطئ الأوروبية بأي ثمن».

وأكدت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، أهمية محاربة عصابات الجريمة ومقاومة الجريمة المنظمة وفي مقدمتها جرائم الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، وذلك من خلال تعقب شبكات تهريب وتجارة البشر وتفكيكها وملاحقة وضبط قيادات وعناصر تجار البشر والمهربين وعصابات الجريمة المنظمة بالمنطقة الغربية بشكل خاص والتي تنشط بها شبكات وعصابات تهريب وتجارة البشر بشكل كبير.

وطالبت بإحالة الضالعين والمتهمين في جرائم تهريب وتجارة البشر الذين تم القبض عليهم للسلطات القضائية المختصة لضمان محاسبة الجناة، وضمان المحاكمة العادلة لهم، وبأهمية الاستمرار في إجراء التحقيقات، والكشف عن هوية منفذي بقية الجرائم والانتهاكات التي وقعت داخل الأراضي الليبية بحق المهاجرين والعمال الأجانب، وإنهاء الإفلات من العقاب حيال هذه الجرائم.

Email