لماذا لم يحرك تلويح فرنسا بالعقوبات الركود السياسي في لبنان؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

تجدّدت السجالات الداخليّة في لبنان حاملة استعادة للمشهد المأزوم والمفتوح على مزيد من الاستنزاف على مختلف الصعد. وعليه، ارتفع منسوب المخاوف من أن يكون لبنان دخل فعلاً مرحلة شديدة الخطورة، من شأنها أن تحوّل الأيام المقبلة إلى وقت متحوّل نحو هاوية تحمل شتّى أنواع المخاوف.

وغداة اختتام رئيس الدبلوماسيّة الفرنسيّة زيارته الرسميّة لبيروت، بدا لافتاً أنّ المشهد الداخلي لم يتأثر، ظاهرياً، برسائل التهديد التي أطلقها لودريان خلال زيارته المثيرة للجدل، على رغم أنّ جميع القوى السياسيّة لا تزال ترصد، بترقّب حذر، كيف ستشرع فرنسا بترجمة آلية العقوبات التقييديّة في حقّ من ستصنفهم في فئتَي تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة والفساد، ومن يمكن أن تشمل هذه العقوبات، وكيف سيتمّ تطبيقها، وماذا ستكون عليه تداعياتها على الدور الفرنسي في لبنان. علماً أنّ هذا الأمر سيحضر على طاولة وزراء خارجيّة دول الاتحاد الأوروبي، غداً، في بروكسل.

غموض.. وترقّب

وإذْ بيّنت مستجدّات المواقف المتصلة بملفّ التأليف أنّ الخطوط البيانيّة للخريطة الحكومية ازدادت تعقيداً، لا يزال الصمت يسود مسرح التأليف الحكومي، لا سيّما أنّ الأمل الذي كان البعض يعلّقه على حِبال زيارة لودريان قد خاب، والأمر مرشّح إلى المزيد من السلبيّة، وذلك بعدما سقطت «الوهرة» الفرنسيّة العقابيّة، وتحوّلت إلى ما يشبه «ضربة سيْف في ماء»، وفق توصيف أحد المصادر، والذي اختصر حال لبنان اليوم بقوله لـ«البيان»: «كأنّ البلد يطفئ كلّ محرّكاته، ووضعه يتحوّل كلّ يوم من سيئ إلى أسوأ»، فـ«في السياسة، نحن غير موجودين على طاولة أيّة مفاوضات». أمّا في التقديرات السياسيّة، فإنّ حالاً شبيهة لم يمرّ عليها الزمن وقعت في لبنان، وجرى استنتاج خلاصاتها بعيد انتهاء زيارة وزير خارجية فرنسا، الذي حضر إلى بيروت وغادر، وبقي سرّ حضوره إلى لبنان غامضاً.

العقوبات مجدّداً

وأمام الانسداد الحكومي في لبنان، حيث بات تشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري معلّقاً حتى إشعار آخر، أشارت مجمل المعطيات السياسيّة إلى أنّ ما بعد زيارة لودريان بقي كما قبله على مستوى الأزمة الحكوميّة، إلا أنّ ذلك لم يخفّف وطأة الاندفاع الفرنسي لترسيخ آلية عقوبات للمرّة الأولى حول لبنان، وهي الآلية التي ستُبحث مجدّداً على المستوى الأوروبي الأشمل، في اجتماع جديد لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، في بروكسل غداً.

وفيما تبدو الإجراءات والتدابير العقابيّة التي تنفّذها الحكومة الفرنسيّة كأنّها الخيار المتاح حالياً، بسبب عدم وجود قانون محدّد لفرْض عقوبات على سياسيّين لبنانيّين في الوقت الحاضر، تردّدت معلومات مفادها أنّ في أروقة الاتحاد الأوروبي يجري التحضير لإعداد مشروع قانون أوروبي خاصّ بلبنان، يحدّد العقوبات والإجراءات التي تُفرض، وتشمل الفساد والإرهاب والمخدرات وتبييض الأموال، ويُنتظر أن يناقش في يونيو المقبل، إذْ يحتاج لنقاش موسّع بين دول الاتحاد لإقراره.

Email