زيارة لودريان إلى بيروت.. حضور غامض ولا تبديل في واقع الحال

ت + ت - الحجم الطبيعي

غداة مغادرته بيروت عائداً إلى باريس، لا يزال سرّ حضور وزير الخارجيّة الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان غامضاً. ذلك أنّ زيارته كانت أغرب زيارة لوزير خارجية، وكما جاء غادر: لم يطرح أيّ جديد، لم يقدّم حلّاً للأزمة المفتوحة، وحوّل زيارته إلى منصّة لإطلاق الرسائل في أكثر من اتجاه، بعدما التقى الرئيس ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه برّي في لقاءيْن سريعيّن بروتوكوليّيْن، واجتمع اجتماع الضرورة، أو اجتماع رفْع العتب، برئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري.

ومن بوّابة زيارته التي تنطبق عليها عبارة: «قال كلمته ومشى»، وشكّلت معالم بارزة جداً في دلالاتها، لجهة ما يمكن اعتباره تعديلاً في قواعد المبادرة الفرنسيّة، طرح لودريان المواقف الفرنسيّة عينها، وأكّد أنّ العقوبات في مرحلتها الأولى «آتية سريعاً»، وأنّ المراحل الثانية «لن تتأخر»، ما يعني أنّ الأسبوع الطالع سيحمل جديداً فرنسيّاً، وربّما أوروبيّاً، في هذا الشأن، إلا أنّ زيارته، وفق القراءات السياسيّة، أثبتت أنّ فرنسا لم تعد متشبّثة بمبادرتها. ذلك أنّ رئيس الدبلوماسيّة الفرنسيّة لم يحمل معه آليّة تطبيقيّة للمبادرة الفرنسيّة «المعطّلة» منذ أن أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في 6 أغسطس من العام الفائت، كما أنّه لم يأتِ بحلّ ولم يطرح فكرة حلّ، ولم يقدّم إضافة عمّا سبق لفرنسا أن قدّمته منذ بداية الأزمة الحكوميّة، مكتفياً بتكرار الدعوة الفرنسيّة إلى ضرورة تشكيل الحكومة الجديدة، تماماً كما لم يقدّم أيّ إضافة على «الغضب» الفرنسي من المعطّلين سوى التلويح بالتشدّد بالضغوط والإجراءات على معطّلي الحلّ.

قراءات كثيرة

وعليه، ضجّت القراءات السياسيّة بالإشارة إلى أنّ زيارة لودريان لبيروت لم تبدّل في واقع الحال شيئاً إيجابياً، لا على مستوى إعطاء دفْع للمبادرة الفرنسيّة، وإنْ قال عنها إنّها «باقية ومستمرّة على الطاولة»، ولا على مستوى تذليل العِقد المانعة لتشكيل الحكومة. أمّا مجمل المعطيات السياسيّة، فأشارت إلى أنّ ما بعد زيارة لودريان سيبقى كما قبله على مستوى الأزمة الحكوميّة، بعيداً من تخفيف وطأة الإندفاع الفرنسي لترسيخ آليّة عقوبات للمرّة الأولى حول لبنان، وهي الآليّة التي ستُبحث مجدّداً، على المستوى الأوروبي الأشمل، في اجتماع جديد لوزراء خارجيّة الإتحاد الأوروبي في بروكسل، غداً.

إلى ذلك، أشارت مصادر لـ«البيان» إلى أنّ زيارة لودريان لبيروت خلت من أيّ إيجابيّة يُبنى عليها، بل هي لم تؤسّس لأيّ شيء، وخصوصاً أنها لم تبدّل في واقع الحال اللبناني شيئاً.

3 مسارات

لفتت مصادر مطلعة، إلى أنّ الدور الفرنسي في لبنان يسير على ثلاثة مسارات، الأول مع «سيدر»، حيث تم توقيفه حالياً إلى حين حل الأزمة السياسية، والثاني بدأ بعد انفجار مرفأ بيروت ويتضمّن شرْط الإصلاحات، فيما المسار الثالث متعلّق بتأليف الحكومة، والذي سقط بالضرْبة القاضية، بعد زيارة لودريان، ما يعني أنّ المبادرة الفرنسيّة أُفرِغت من الهدف القريب المدى.

Email