فلسطين.. إفطار رمضاني على موائد المسيحيين

ت + ت - الحجم الطبيعي

إذ رأيت الصائمين المسلمين، يتناولون إفطارهم على موائد إخوانهم المسيحيين، والمسحراتي المسيحي يقرع طبوله لإيقاظ الصائمين للسحور، فأنت في فلسطين.

ليس هذا فحسب، فهذه المبادرات، ليست لتطييب الخواطر، ولا شأن للمجاملة فيها، بل إنها اجتماع وإجماع ديني، ينمّ عن مسؤولية خالصة، وعادات مُقدّرة، تصدر في كل عام، وتصبّ في قنوات التصافي والمحبة والتسامح، والتفرغ للتآخي الديني وإعلاء شأنه، وإبقائه راسخاً، ونقياً من كل الملوثات، كإذكاء الفتنة القاتلة، والنفخ في نيران الطائفية الحارقة.

وبات اجتماع المسلمين والمسيحيين على مأدبة إفطار واحدة، أحد الطقوس المميزة لشهر رمضان المبارك في فلسطين، إذ يحرص المسيحيون على تنظيمها على مدار الشهر الفضيل، في القدس ورام الله وبيت لحم وأريحا وجنين ونابلس، وفي كل المناطق الفلسطينية التي يقطنها مسلمون ومسيحيون جنباً إلى جنب، بهدف تعزيز الأخوّة، وشدّ أزر المسلمين في صيامهم.

قيم نبيلة

وعندما يلتقي المشايخ والمطارنة، على مائدة إفطار رمضاني، فإنهم يلتقون من أجل غرس قيم أصيلة ونبيلة، في نفوس الأجيال المتعاقبة، وكي يقولوا لكل الأصوات النشاز، التي تطل برأسها على مجتمعاتنا بين الفينة والأخرى، وتحمل في أحشائها كل ألوان الطيف العنصري، والطافحة بالكراهية، أن أصواتكم الغوغائية، لن تجد من يسمعها، وستذهب أدراج الرياح. وما أن تشرف شمس كل يوم رمضاني على المغيب، حتى تنتشر الفرق الكشفية المسيحية، على كل المداخل والمفارق والطرقات، لتوزيع التمر والماء على الصائمين المسلمين، الذين يدركهم آذان المغرب وهم في الطريق إلى قراهم وبلداتهم.

يقول وليد قواس (56 عاماً)، من قرية جِفنا شمال شرق رام الله، التي تقطنها أغلبية مسيحية، أنه اعتاد وعائلته على تكريم المسلمين الصائمين، أكان بتقديم وجبات الإفطار لهم، أو مشاركتهم الصيام في الشهر المبارك، مبيناً أنه يحرص في كل جمعة، على زيارة المسجد الأقصى المبارك، لتقديم الخدمات للصائمين.

أضاف لـ«البيان»: نحن عائلة مسيحية، وجميع جيراننا مسلمون، لذا نحرص أن لا نعدّ طعامنا قبل موعد الإفطار لديهم، ولا نتناول طعامنا أمامهم، وقد اعتدنا على هذا الأمر منذ الصغر، واليوم نربي أطفالنا على هذه العادة، وضرورة احترام مشاعر الصائمين، والالتزام بحرمة رمضان.

وتروي المقدسية أم أندريا قصتها مع شهر رمضان المبارك، فتقول:«تربينا مع المسلمين في القدس كأسرة واحدة، وأتذكر منذ الطفولة، كيف كان شبان حارة النصارى، يزيّنون حارات وأزقة البلدة القديمة، وينظمون الأمسيات الرمضانية، ويقيمون موائد الإفطار للصائمين المسلمين، الذين بدورهم يشاركوننا الفرحة».

Email