أزمة سد النهضة.. ما هي فرص التعويل على القمة الثلاثية؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع تعقد ملف مفاوضات سد النهضة، وعدم توصل الاجتماعات التي أجريت أخيراً في كينشاسا (عاصمة الكونغو الديمقراطية) إلى اتفاق، جاءت دعوة السودان لعقد قمة ثلاثية مغلقة من أجل تقييم الموقف، وبحث الخلافات بين مصر والسودان وإثيوبيا حول ملف السد.

ودعا رئيس وزراء السودان نظيريه المصري والإثيوبي إلى قمة خلال عشرة أيام، وذلك من أجل «الاتفاق ومناقشة الخيارات الممكنة للمضي قدماً في هذه المفاوضات، ولتجديد الالتزام السياسي بين الدول الثلاث بغية الوصول إلى اتفاق في الوقت المناسب، بما يتوافق مع اتفاق المبادئ الموقع بين الأطراف الثلاثة في 23 مارس 2015»، طبقاً لوكالة الأنباء السودانية.

وتأتي دعوة السودان في إطار المسارات الدبلوماسية والسياسية المُتفق عليها، والتي يُنظر إليها باعتبارها المسار المناسب لحلحلة الملف الممتد منذ ما يزيد على عشرة أعوام.

يقول خبير المياه في مصر مستشار وزير الري سابقاً، د. ضياء الدين القوصي، في تصريحات خاصة لـ«البيان» من القاهرة، إن تلك الدعوة تأتي اتساقاً مع ما جاء في اتفاق المبادئ الموقع بين رؤساء الدول الثلاث في العام 2015، والذي نص ضمن بنوده على أنه حال تعثر المفاوضات وحدوث خلافات يُحال الأمر إلى قمة ثلاثية مغلقة من أجل تدارك الخلافات.

ويشير إلى أن الذهاب لعقد قمة ثلاثية من أجل التفاوض هو أمر إيجابي في حد ذاته، للتأكيد على الخيارات الدبلوماسية والسياسية التفاوضية في ملف الأزمة، لكنه بموازاة ذلك يقلل من إمكانية التوصل لاتفاق عبر تلك القمة، على اعتبار أن قادة البلدان الثلاثة اجتمعوا عدة مرات على مستوى القمة ولم يُحدث ذلك أثراً إيجابياً مباشراً ينهي الأزمة.

ولم تفض الاجتماعات الأخيرة التي أجريت في الكونغو الديمقراطية (التي تترأس الاتحاد الأفريقي هذا العام خلفاً لجنوب أفريقيا) إلى اتفاق بين الدول الثلاث. فيما دعت أديس أبابا إلى تبادل البيانات قبل بدء الملء الثاني، وهو المقترح الذي قوبل بالرفض. كما سبق واقترح السودان دخول رباعية دولية (مشكلة من الاتحادين الأفريقي والأوروبي، إضافة إلى الأمم المتحدة والولايات المتحدة) على خط الوساطة لحل الأزمة، وهو المقترح الذي قوبل بتأييد مصري ورفض أثيوبي.

ويقول القوصي إنه «لا بأس من الاجتماع وعقد قمة للتفاوض.. لكن سوابق السنوات العشر الأخيرة تجعل إمكانية الرهان على نتائج الاجتماع كبيرة»، مشيراً إلى أن المسارات القانونية الآن هي الأهم والأنجع، وذلك من خلال إحالة الملف من جديد إلى «مجلس الأمن» من أجل الاضطلاع بدوره في حفظ الأمن والسلم الدوليين «على اعتبار أن الملف يشكل تهديداً لأمن القارة».

ويردف القوصي قائلاً: «مجلس الأمن - بعد فشل المفاوضات لمدة أكثر من عشرة أعوام، وفشل الوساطة الأمريكية ووساطة الاتحاد الأفريقي من قبل جنوب أفريقيا والكونغو - لديه من الأدوات ما تمكنه من القيام بدور فاعل ومؤثر من أجل إنهاء الأزمة، كما يمكنه التوصية بإحالة الملف لمحكمة العدل الدولية، أو تشكيل لجنة خاصة لدراسة أبعاد الملف القانونية والفنية»، واصفاً ذلك بالمسار التالي والمهم في إطار التعامل مع ما وصفه بـ«التعنت» الحادث على مدار أكثر من عقد كامل.

ودعت أديس أبابا، أمس الثلاثاء، إلى الاتفاق على الملء الثاني لخزان سد النهضة، والعمليات ذات الصلة، ثم الشروع في اتفاق شامل بشأن «استخدام مياه النيل»، قائلةً إنها الطريقة الأكثر فاعلية لنجاح المفاوضات.

ويعتقد مراقبون بأن نجاح القمة الثلاثية التي دعا إليها الخرطوم أخيراً مرهون بتوافر الإرادة السياسية لحل الأزمة في المقام الأول، إضافة إلى دور المجتمع الدولي الذي يمكنه الضغط من أجل إيجاد حلول توافقية، لا سيما في ظل التصريحات الأمريكية الأخيرة التي كشفت عن محاور الموقف الأمريكي من الملف واهتمام إدارة بايدن بدعم حلول توافقية بين الدول الثلاث.

Email