خروج المرتزقة من ليبيا .. توافق دولي يحتاج قراراً حازماً

ت + ت - الحجم الطبيعي

بات ملف المسلحين الأجانب والمرتزقة على رأس الأولويات في ليبيا، انطلاقاً من ضغوط إقليمية ودولية لإجلائهم في أقرب وقت ممكن، بما يسمح بفرض سيادة الدولة وبسط نفوذها على كل أراضيها، وفيما تمارس أمريكا والاتحاد الأوروبي ضغوطاً متزايدة في هذا الاتجاه، يبدو موقف الأوروبيين الأكثر حزماً وإصراراً بربطهم تقديم الدعم للسلطات الليبية الجديدة بإغلاق ملف المرتزقة بشكل كامل. ويرى رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، أنّ هناك شرطاً واحداً مسبقاً لعودة بناء البلاد يتمثّل في ضرورة مغادرة جميع المقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية للبلاد، رابطاً بين الدعم الأوروبي لليبيا ومغادرة المرتزقة.

ومع استقبال طرابلس، الأسبوع الماضي، رؤساء حكومات ووزراء خارجية من إيطاليا واليونان ومالطا وفرنسا وألمانيا، كانت كلمة السر بينهم دعم سيادة الدولة الليبية على أراضيها وإخراج المرتزقة وتنظيم الانتخابات في موعدها أواخر ديسمبر المقبل، بما يشير لوحدة الموقف الأوروبي الذي تتبناه أيضاً دول الجوار الليبي.

ويتزامن الضغط الأوروبي مع ضغط أمريكي، إذ أصبحت واشنطن أكثر اهتماماً بالملف الليبي منذ تولي الإدارة الجديدة، فيما كان وزير الخارجية أنتوني بلينكن حاسماً في دعوته خلال اتصال مع رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة، لضرورة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وإخراج المرتزقة. كما أصبح التنسيق الأمريكي الأوروبي في الموقف من الوضع في ليبيا أكثر وضوحاً، ولاسيما من خلال البيان الخماسي المشترك الصادر عن الولايات المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وبريطانيا، والداعي إلى انسحاب كل المرتزقة والمقاتلين الأجانب، والذي رأى فيه المراقبون قراراً حازماً لا يستثني إمكانية فرض عقوبات على الأطراف التي يمكن أن تعطل مسارات الحل السياسي.

انعكس التوافق الأوروبي الأمريكي على مجلس الأمن الذي دعا في إعلان تبناه بالإجماع، إلى انسحاب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا دون مزيد من التأخير، الأمر الذي يسهّل مهمة البعثة الأممية للتحرك في هذا الاتجاه، من خلال مبعوثها يان كوبيش الذي تحدث في مناسبات عدة عن ضرورة الإسراع بإجلاء المرتزقة عن الأراضي الليبية.

ويعتبر ملف المرتزقة أحد أبرز الملفات التي تواجه السلطات الجديدة، إن لم يكن الأخطر على الإطلاق، الأمر الذي ظهر جلياً في كلمة لرئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، أمام نواب البرلمان، شبّه فيها المرتزقة بالخنجر في ظهر ليبيا، مشدّداً على العمل لإخراجهم ومغادرتهم البلاد. كما أشارت تصريحات القائد العام للجيش الوطني، المشير خليفة حفتر، إلى ذات التوجّه عبر مطالبته حكومة الوحدة الوطنية بالعمل على إخراج المرتزقة ودعم القوات المسلحة والأجهزة الشرطية لتولي مهامها، فضلاً عن دعوات وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، إلى انسحاب فوري لكل المرتزقة من البلاد.

ويشير مراقبون إلى أنّ قضية إخراج المرتزقة والمسلحين الأجانب، تحتاج التزاماً دولياً واضحاً، وهو التوجّه الذي عبر عنه مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني، اللواء خالد المحجوب، بأنّ ترحيل المرتزقة قرار ليس في يد اللجنة العسكرية «5+5» أو الدولة الليبية فقط، وإنما يتم تنفيذه وإنهاؤه بدعم من المجتمع الدولي والأمم المتحدة.

Email