تونس.. الرفض يعمق الأزمة و«النهضة» توتر المناخ

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا أفق للحل السياسي في تونس، في ظل إصرار كل طرف على التمسك بموقفه. لا يزال الرئيس قيس سعيد رافضاً استقبال الوزراء الجدد لتأدية اليمين الدستورية، والإشراف على حوار وطني إلا بشروطه وعلى رأسها استقالة رئيس الحكومة، هشام المشيشي، كما لم تنطلِ عليه حيلة دعوات الحوار التي أطلقها رئيس البرلمان وزعيم حركة النهضة الإخوانية، راشد الغنوشي، فيما يستمر اتساع رقعة الخلاف بينهما لأسباب يتعلق بعضها بالتجاذبات السياسية، والبعض الآخر بالتأويلات المختلفة للدستور

في المقابل، يرفض المشيشي الاستقالة من منصبه، وإعادة المبادرة للرئيس سعيد الذي كان وراء اختياره لتشكيل الحكومة بعد استقالة سلفه إلياس الفخفاخ، فضلاً عن رفضه التخلي عن الوزراء المرفوضين من قبل الرئاسة، ولا سيما من تحيط بهم شبهات فساد وتضارب مصالح. سارع المشيشي بعد رفض قيس سعيد التصديق على التعديل الوزاري، إلى استبعاد كل الوزراء المقربين من الرئيس وأحال حقائبهم إلى وزراء بالوكالة، ما أدى لحدوث شلل حكومي.

بدوره، يرفض الغنوشي حصر دوره في إدارة البرلمان ومكتبه والجلسات العامة، ويسعى إلى دور أكبر ينازع من خلاله رئيس البلاد قيس سعيد صلاحياته، ولا سيما في العلاقات الخارجية والديبلوماسية.

فضلاً عن رفضه استقالة الحكومة أو أن تستجيب لخيارات مؤسسة الرئاسة، ليدفع بعد اتساع دائرة الخلاف، لإدخال تعديلات على قانون المحكمة الدستورية التي يريد لها أن تكون حكماً غير محايد في الصراع مع الرئيس، إلا أن الرئيس سعيد وقف لذلك بالمرصاد ورفض تلك التعديلات وتشكيل المحكمة بالشكل الذي يريده لها الغنوشي وحلفاؤه.

قطيعة

ويرى مراقبون، أن الحديث بين الأطراف الثلاثة بات متشنجاً، فيما العلاقة إلى القطيعة أقرب، لا يخفف منها سوى بعض المجاملات التي يفرضها البروتوكول في المناسبات الرسمية، لافتين إلى أن تصريحات كل طرف تحمل لهجة التصعيد، وكل يتحصن بمنصبه وموقفه في حالة من الاستنفار للمواجهة التي لم تنفع الوساطات في فضها. ومع استفحال الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، تخيم الأزمة السياسية على المشهد العام في غياب أي بوادر للحوار الوطني.

ويشير مراقبون، إلى أن الرئيس قيس سعيد يريد حواراً سياسياً يشارك فيه الشباب ويقصى من يصفهم بالفاسدين واللصوص، فيما تريد حركة النهضة حواراً اقتصادياً وسياسياً لا يطرح فرضية الإطاحة بالحكومة ولا يستثنى منه حليفاها قلب تونس وائتلاف الكرامة، بينما يريد اتحاد الشغل حواراً شاملاً يضع النقاط على الحروف في كل القضايا المطروحة، شريطة ألا يشارك فيه من يعدهم أعداء الدولة المدنية. وتفاعل كل هذه المواقف في ظل مطالبة المانحين بانسجام سياسي واستقرار حكومي، وتوافق على الإصلاحات الاقتصادية التي لم يعد هناك مجال لتأجيلها أكثر.

Email