«الجمود» يقود لبنان نحو مزيد من الفوضى

ت + ت - الحجم الطبيعي

ينزلق لبنان نحو مزيد من الفوضى، في ظل جمود سياسي ووضع اجتماعي متردٍ، فقد كان اللبنانيون يأملون في تحقيق حلم التغيير، لكنهم وجدوا تقاعساً واستهتاراً من قبل المسؤولين في البلاد، حيث أقفل محتجون أمس طرقاً رئيسة في أنحاء الجمهورية، وغالبية مداخل العاصمة بيروت، فيما لمح الجيش إلى أنه مع حرية التعبير السلمي، إلا أنه لن يسمح بأي مسّ للاستقرار والسلم الأهلي.

وقالت مصادر إن «هناك أوركسترا ممتدة من الشمال إلى البقاع وبيروت تجمع بعض الأطراف لمهاجمة نهج الرئيس ميشال عون»، داعية اياه الى التدخل العاجل والابتعاد عن المناكفات التي ادخلت البلاد في نفق مظلم.

اشتعال الغضب

ويذهب لبنان أكثر فأكثر إلى الفوضى العبثية، التي تتحكم بكل المفاصل السياسية. إذ لا مبادرة تبدو قادرة على النجاح في الأسابيع الثلاثة الأخيرة، ما جعل الشعب يشتعل غضبا، ليصبح البلد في حال من الشلل التام، مع إغلاق المحتجين الطرق بالإطارات المشتعلة، وبينها غالبية المداخل المؤدية إلى العاصمة، على وقع تسجيل سعر الصرف تدهوراً قياسياً مقابل الدولار وغرق البلاد في جمود سياسي من دون أفق.

وأفاد شهود عيان بإقفال غالبية مداخل بيروت تحت شعارات عدّة وبينها «يوم الغضب». وأضرم المحتجون النيران في مستوعبات للنفايات وأشعلوا الإطارات. كما تحدّثت الوكالة الوطنية للإعلام عن إقفال محتجين طرقاً عدة جنوبي بيروت وأبرزها طريق المطار وفي مناطق الشمال خصوصاً طرابلس والبقاع شرقاً وفي جنوبي البلاد.

وسجّلت الليرة في الأيام الأخيرة انخفاضاً قياسياً غير مسبوق منذ دخول لبنان دوامة الانهيار الاقتصادي قبل عام ونصف عام، إذ اقترب سعر الصرف مقابل الدولار من عتبة 11 ألفاً في السوق السوداء. وتسبّب ذلك بارتفاع إضافي في الأسعار، دفع الناس للتهافت على المحال التجارية لشراء المواد الغذائية وتخزينها.

تحذير

وحذّر مرصد الأزمة في الجامعة الأمريكية في بيروت، وهو مبادرة بحثية تهدف إلى دراسة تداعيات الأزمات المتعددة في لبنان وطرائق مقاربتها، في تقرير من أنه «إن ظهرت تداعيات انهيار قيمة الليرة جلياً في تدهور القدرة الشرائية للبنانيين فإن الأسوأ لم يحدث بعد».

وقال الرئيس اللبناني ميشال عون إن ما يجري له انعكاسات خطرة على الأمن الاجتماعي والأمن الوطني، وهو يفرض اتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة، مالية وقضائية وأمنية، لملاحقة المتلاعبين بلقمة عيش اللبنانيين.

رسالة

وبعد انتهاء الاجتماع الأمني الاقتصادي في بعبدا، قال عون: «اذا كان من حق اللبنانيين التعبير عن رأيهم بالتظاهر، إلا أن اقفال الطرقات هو اعتداء على حق المواطنين بالتنقل والذهاب الى اعمالهم خصوصا بعد اسابيع من الاقفال العام».

في المقابل، قال قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون، إن الجيش هو جزء من الشعب ويعاني مثله.

وأشار قائد الجيش اللبناني إلى أن الجيش يدعم حرية التعبير السلمي لكن دون التعدي على الأملاك العامة والخاصة ولن نسمح بأي مسّ بالاستقرار والسلم الأهلي.

تزايد الفقر

تؤكد لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا «الإسكوا»، أن التدهور الاقتصادي المستمر في لبنان منذ بداية العام الجاري ينبئ بارتفاع نسبة الفقر التي وصلت إلى 55 في المئة من السكان خلال العام الماضي.

ويمكن إدراك حجم الكارثة التي ألمّت باللبنانيين إذا قارنا الفرق بين سعر عملتهم التي انهارت حالياً إلى نحو 11 ألف ليرة مقابل دولار واحد، وسعرها في سبتمبر 2019 عندما كان بحدود 1500 ليرة للدولار. ومما يعنيه ذلك أن متوسط الدخل الذي كان بحدود 700 ألف ليرة، ما يعادل نحو 470 دولاراً أضحى اليوم أقل من 64 دولاراً في الشهر.

Email