تقارير « البيان»

لبنان .. أفق مسدود وشوارع مُشرعة على الغضب

ت + ت - الحجم الطبيعي

غداة الصرخة، التي أطلقها رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب، وتحديداً في اتجاه المعنيّين بتأليف الحكومة الجديدة، مع تلويحه بالعكوف عن متابعة مهامه في تصريف الأعمال «إذا كان ذلك يدفعهم إلى التأليف»، لا تزال كلّ الطرق «مقطّعة» في لبنان، السياسيّة منها والنقديّة، وحتى الاقتصادية والاجتماعية، وتلك الواقعة تحت غضب اللبنانيّين.

وفيما وحدها «طريق الدولار الأمريكي» مفتوحة صعوداً، متخطية كل الحواجز والاعتبارات، وفاتحة البلد على أسوأ الاحتمالات، فإن العيْن على «سوق الصرافة» السياسية أكثر منها على «السوق السوداء».

وهذا المشهد يؤشّر، وفق تأكيد مصادر سياسية لـ«البيان»، إلى أنّ البلاد تسير في خطى متسارعة، إما نحو تسوية ما، وإما مزيد من التأزّم، من دون سقف ولا ضوابط، لاسيّما أن الأمور لن تقف عند حدود تأليف حكومة، بل ستتخطّاها ربما إلى تقاطع كل التناقضات الداخلية والخارجية، ومعها كل المغامرات والرهانات، لتصل إلى نتيجة من اثنتين: إما إعادة ترميم المنظومة الحاكمة برعاية دوللة مباشرة هذه المرّة، بما يشمل إصلاحات مفروضة من الخارج، وإما الذهاب نحو الفوضى الشاملة. ‏

الشارع ومآلاته

ولم يفتح لهيب الشارع كوّة في جدار الأزمة الحكومية حتى الآن، ولم يجبر المعنيّين على تخطي العراقيل التي تحول دون تأليف «حكومة المهمّة»، التي يُعوّل عليها لإنقاذ ما تبقى من وطن ومواطن ودولة من الهلاك.

وبمعنى أدق، فإنّ الآفاق السياسية مسدودة كلها في لبنان، والكلمة فيه حالياً للشارع والواقع الاجتماعي الملتهب، فيما القوى السياسيّة مستمرّة في مناوراتها، موحية بأنّ هناك مبادرات تُبحث في الكواليس لتشكيل الحكومة.

وبين مضامين هذا المشهد، ارتفع منسوب الكلام عن عودة الأمور السياسية، لجهة الاستحقاق الحكومي تحديداً، إلى وضعيّة ما قبل 17 أكتوبر 2019، تاريخ انطلاقة الانتفاضة الشعبية، ذلك أن حزب الله وحلفاءه مصرّون على البقاء في السلطة وداخل الحكومة، فيما الشارع المنتفِض، كما الفريق السياسي الآخر، يرفض حكومات «الوحدة الوطنية»، لكونها تتحوّل ساحات تجاذبات سياسية.

أما والحال مقفلة على هذا النحو، وسط التحرّكات المتنقّلة والغليان المستمر في الشوارع، وعلى وقع وتيرة قطع الطرقات المتصاعدة التي لم تنجُ منطقة لبنانية منها، فقد ارتفع منسوب الكلام عن أنّ لبنان بلغ حافة الانفجار، والظروف تزداد تعقيداً، ذلك أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال ألقى «كرة النار» في وجه المعنيّين بتشكيل الحكومة، ملوّحاً بالاعتكاف، الأمر الذي يعني، في حال حدوثه، دخول لبنان في الفراغ الكبير.

وهذه الخطوة هي بالتأكيد غير مسبوقة، إذ عادة يأتي الاعتكاف قبل الاستقالة، كونها خطوة تمهيدية لها، أمّا أن يأتي الاعتكاف بعد الاستقالة، فهذا يعني وقف تصريف الأعمال، وعندها يكون الانهيار: لا اجتماعات ولا لجان، وكلّ شيء يكون معلّقاً ومجمّداً.

وفي زمن تصريف الأعمال حكومياً، رفع دياب الدعم عن حكومة تصريف الأعمال، مهدّداً بالاعتكاف، بينما الأخطر من ذلك هو أن يبدو لبنان متّجهاً فعلاً هذه المرّة نحو متاهة الانزلاق في أخطار بلا سقوف، وسط تفاقم الريبة والشكوك المتعاظمة في أن تكون هناك جهات تلعب بنار الانهيارات، لتحقّق مآربها التي عجزت عنها حتى الآن، سواء من خلال تعطيل تأليف الحكومة الجديدة، أو من خلال استهداف جهات سياسية ومالية مناوئة، ومحاولة تصوير الانهيارات كأنها مسؤوليّة حصرية لهذه الجهات، والانقضاض على الوضع في البلاد بالكامل.

Email