لبنان.. سِباق محموم بين مسار التأليف وغضب الشارع

ت + ت - الحجم الطبيعي

وسط استمرار الأفق الحكومي المسدود بقرار من القيّمين على هذا الملفّ، مع ما يعنيه من تراكم الأزمات على كلّ المستويات، بات الشارع الملاذ الأخير والطبيعي للّبنانيّين، للتعبير عن غضبهم ورفضهم للقهْر والتجويع، وذلك في مشهد جديد سقطت معه المحرّمات والخطوط الحمر، فبرز خوف من الانزلاق إلى الشارع المحترِق، ما لم توفّر السلطة ‏السياسيّة الحلول الأنسب للمرحلة المقبلة، المثقلة بـ«النزْف» على كلّ المستويات: شارع ملتهِب ومفتوح على المزيد من تجدّد مشهد الإطارات المشتعلة، مناطق باتت تعيش تحت وطأة «سالكة وآمنة»، بلد يفتقد الضابط لإيقاعه والكابح لاندفاعته الانحداريّة نحو المصير المجهول، ولا حكومة في الأفق.

أمّا الغريب في هذا المشهد الدراماتيكي، فهو أنّ القوى السياسيّة وأهل الحكم، على تبايناتهم وخلافاتهم، سارعوا إلى اعتبار الانتفاضة الشعبيّة المتجدّدة محرّكة من قبل خصومهم، لأهداف سياسيّة، أو من قبل «طوابير خامسة».

ومن بوّابة هذا المشهد، الأشبه بـ«كرة النار» المتدحرجة على طول المشهد الداخلي اللبناني وعرضه، والقابل للتمدّد كالنار في الهشيم، بسبب سوء الأوضاع المعيشيّة، بلغت المخاوف ذروتها من حجم الاحتقان الاجتماعي والشعبي الذي يشكّل السبب الأول والأساسي لانفجار الاحتجاجات، ومن ثمّ الخشية من ركوب القوى الخفيّة موجة توظيف هذا الانفجار، كما ارتفع منسوب المطالبة بتدارك ما هو أسوأ، من خلال الإسراع في تأليف الحكومة قبل فوات الأوان»

مخاوف وتحذيرات

خمسة أيام من انطلاقة «ثورة الغضب»، عقب الارتفاع الجنوني في سعر الدولار متجاوزاً 10 آلاف ليرة لبنانيّة، إذ انتفض الشارع معلناً سقوط الآجال والمهل ‏التي منحها الشعب للسلطة الحاكمة، توسّعت رقعة التشاؤم حول مصير الوضع عموماً، وبدأت التوقّعات تنحو إلى مزيد من التصعيد، مع استمرار انهيار أسعار العملة الوطنية إلى مرحلة لم تكن متوقعة في أيّ وضع كان. في موازاة المسعى الفرنسي لفتح نوافذ في الجدار الحكومي المقفل، توصِل إلى تشكيل «حكومة المبادرة الفرنسيّة»، يبدو أنّ ثمة إرادة داخليّة لتفشيل هذا المسعى وإبقاء البلد في قبْضة التعطيل. وتبعاً لهذا المشهد الملبّد بالغيوم السياسيّة الداكنة، بدأ الحديث يتصاعد عن مرحلة صعبة سيُقبل عليها لبنان في الآتي من الأيام، والكلمة فيها ستكون للشارع، بتحرّكات نوعيّة وصادمة في وجه الطبقة الحاكمة التي تسدّ كلّ منافذ الحلول، وتمعن في الإصرار على نهجها الذي أضرم نار الأزمة القائمة.

Email