المحاصصة والحقائب السيادية: عقبتان أمام حكومة الدبيبة

الدبيبة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تحديات عدة تواجهها حكومة الوحدة الوطنية الليبية: العدالة في توزيع الحقاب الوزارية بما يرضي كافة أطياف المجتمع، والقدرة على تحقيق التوازنات السياسية والجهوية والمناطقية، وتجاوز ضغوط مراكز النفوذ وأصحاب المصالح، ثم نيل ثقة البرلمان، وصولاً إلى كسب القبول الشعبي.

تبدو كل الأطراف متأهبة في انتظار الإعلان عن التشكيل الحكومي الذي سيكون مصغراً، وفق تصريحات رئيس الحكومة المكلف عبد الحميد الدبيبة،وتنفيذاً لتوصيات دولية، سبق وأن عبر عنها السفير الأمريكي ريتشارد نورلاند، والذي سيرتبط بمبدأ المحاصصة، وهو ما أكد عليه رئيس البرلمان عقيلة صالح بقوله إن ليبيا تتكون من 3 أقاليم يجب أن تتمثل في السلطات، مشدداً على ضرورة مراعاة رئيس الحكومة للكفاءات والنزاهة عند اختيار الوزراء، مشيراً إلى أن البرلمان يريد أن تكون الحكومة مصغرة ومن ذوي الكفاءات.

وكان الدبيبة دعا أعضاء مجلس النواب إلى تقديم مرشحيهم للحكومة حسب تقسيم الدوائر الانتخابية البالغ عددها 13 دائرة، مشيراً إلى أن حكومته «ستكون حكومة وحدة وطنية للم شمل جميع الليبيين»، وستشكل من «ممثلين عن جميع المدن وهدفها توحيد الشعب»، وهو ما يبدو أمراً صعب المنال، لعدة اعتبارات، منها التوازنات الديمغرافية والثقافية والقبلية التي لا يمكن تحديدها بتقسيم الدوائر الحاصل على أساس جغرافي، والتأثير الفعلي للوجاهة الاجتماعية بدل الكفاءة العلمية والخبرة العملية، وإمكانية تهميش دور المرأة والشباب، إضافة إلى الصراعات الموجودة بين النواب أنفسهم بسبب اختلاف انتماءاتهم ومرجعياتهم الجهوية والسياسية والعقائدية وحساباتهم المصلحية.

ويرى النائب البرلماني أبو بكر بعيرة أنه من الصعب الجمع بين محاولة إرضاء الجميع والمحافظة على أن تكون حكومة كفاءات، مبيناً أنه من خلال ما يتم تسريبه من أسماء فإن حكومة الدبيبة تبتعد كثيرًا عن مبدأ الكفاءة، وقد خضعت لمحاصصات جغرافية واجتماعية وبناء على ذلك ستكون حكومة ضعيفة.

ويضيف، أنه في حال كانت التسريبات التي تنشر عن تشكيلة الحكومة صحيحة فستكون كارثة جديدة لليبيا، داعياً رئيس الحكومة إلى تعزيز حكومته وعدم تولية أي شخص منصبًا ما لم يكن مقتنعاً قناعة كاملة بأنه سيؤدي مهمته بالشكل الصحيح؛ لأنه غير ذلك سيضيع البلاد، وفق تقديره

وفي هذا السياق، سيكون أبرز تحد أمام الدبيبة هو توزيع وزارات السيادة بشكل يرضي مختلف الأطراف، حيث إن اختيار وزير للداخلية من المنطقة الغربية،لابد أن يقابله اعتماد وزير للدفاع من المنطقة الشرقية، والعكس صحيح، على أن يكون وزير العدل من المنطقة الجنوبية،

وفيما كانت مبادرة عقيلة صالح المعلنة في ابريل 2020،والتي انبثق عنها إعلان القاهرة في يونيو الماضي، قد شكلت أسس الحوار السياسي، فإن من بين بنودها أن يكون من حق القوات المسلحة ترشيح من تراه مناسباً لمنصب وزير الدفاع، وهو ما يعني أن يتم التوافق حول حقيبة الدفاع مع قيادة الجيش واللجنة العسكرية المشتركة (5+5)

وطالب 20 عضواً في ملتقى الحوار السياسي بعدم التأثير على الدبيبة في اختياره لتشكيل حكومته، قائلين إنها «مهمة كلف بها من الملتقى، وهي شأن يخصه وحده»، داعين إياه إلى «التشاور مع المجلس الرئاسي بشأن اختیار وزيري الدفاع والخارجية فقط»، وفق بيان أصدروه الجمعة.

كما طلبوا «الالتزام بخارطة الطريق للمرحلة التمهيدية، وما ورد فيها من مواعيد محددة وعدم تجاوزها، واحترام ما نصت عليه من مراعاة الكفاءة والجدارة والتمثيل العادل للتنوع السياسي والجغرافي عند تشكيل الحكومة، وضمان مشاركة المكونات الثقافية، وأهمية التمثيل الحقيقي للمرأة والشباب على ألا تقل نسبة تمثيل المرأة عن 30%».

لكن في غياب الدولة المركزية القوية القادرة على فرض خياراتها من خلال سلطة تنفيذية فاعلة، سيجد الدبيبة نفسه أمام محظورات تبيحها الضرورات، كالرفع من عدد الحقائب الوزارية بشكل يتجاوز بكثير العدد المتفق عليه، والعمل بمنطق الترضيات ضمن الإطار الضامن لنيل البرلمان.

Email