تركيا بين ضغط أممي ودولي لمغادرة ليبيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكدت مصادر ليبية لـ«البيان» أن الدور التركي في ليبيا محكوم عليه بالتضاؤل والتراجع، إذا صدر قرار أممي ملزم بإخراج القوات الأجنبية من البلاد، خصوصاً وأن ليبيا لا تزال تخضع للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة المتعلق بحالات تهديد السلم والإخلال به وحالات وقوع العدوان، وفيما تحاشى قادة ليبيا الحديث علناً عن ملف المرتزقة والميليشيات الذي يهدد خريطة طريق الحل السياسي في البلاد، وصولاً إلى الانتخابات المقررة في 24 من ديسمبر المقبل، لكن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، بادر بالتطرق للموضوع خلال اتصاليه مع رئيس الوزراء الليبي المكلّف عبدالحميد الدبيبة ، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ، من خلال تشديده على ضرورة السعي إلى تنظيم الانتخابات العامة، وكذلك مراقبة وقف إطلاق النار، وضرورة انسحاب المرتزقة.

كما نوه المبعوث الأممي الجديد يان كوبيتش خلال لقاءاته مع الفاعلين السياسيين في البلاد، بأنه سيعمل ومعه فريق من المختصين في تقديم المساندة والدعم للسلطة التنفيذية الجديدة من أجل رفع المعاناة عن المواطن الليبي، وتوفير الأمن والاستقرار وضمان سيادته على أرضه ووقف الاقتتال وإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من كامل البلاد، بالإضافة إلى توفير الخدمات وتهيئة الظروف الأمنية والسياسية والاقتصادية وضمان تحسين الخدمات بما يمكن من إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

وشدد الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، على ضرورة انسحاب القوات الأجنبية من جميع الأراضي الليبية، لكن لفت بالمقابل إلى أن هذه القضية تعد المعضلة الأكبر أمام ليبيا.

ويحمل الموقف الأممي إشارة قوية واضحة وقوية بضرورة إجلاء القوات الأجنبية والمرتزقة من البلاد، بينما لا يزال النظام التركي يناور بالدفع بالمزيد من المسلحين إلى الغرب الليبي، مستغلاً الغطاء الميداني الذي توفره الميليشيات، والغطاء السياسي الذي يجده لدى قيادات متطرفة وخصوصاً مجلس الدولة الاستشاري.

ويرى المراقبون، أن كل خطابات الأمل والتفاؤل بالاتجاه نحو الحل السياسي، تبقى بلا معنى في ظل استمرار سيطرة الميليشيات على غرب ليبيا، ووجود القوات التركية حيث سيكون من الصعب تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة تحت ظلال السلاح المنفلت أو الأجنبي، معتبرين أن انقلاب منظومة «فجر ليبيا»على نتائج انتخابات 2014، لا يزال السبب الرئيس في الوضع المأزم، وحالة الانقسام في البلاد.

ضغوط

وأكد وزير الخارجية التركي الأسبق، يسار ياكيس، أن بلاده لم تعلن عن خطة لسحب تواجدها العسكري في ليبيا مما قد يهدد التوصل إلى نتائج مرضية للعميلة السياسية، وتوقع في تصريحات صحفية، أن تواجه تركيا ضغوطاً من قبل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي في الفترة المقبلة، لإخراج مرتزقتها من ليبيا خلال الفترة المقبلة، معتبراً أن أنقرة لا تريد التخلي عما اكتسبته من ليبيا، لأن كل هدفها هو السيطرة على ثروات البلاد من النفط، وفق تعبيره.

ويصطدم الموقف التركي المتعنت بموقف أمريكي بات واضحاً، حيث أكدت سفارة الولايات المتحدة في بيان لها أول من أمس أنها ستواصل دعم العملية التي تقودها ليبيا نحو المصالحة والانتخابات في 24 ديسمبر، والتنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار الليبي، بما في ذلك انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة، كما طالبت أغلب الدول الأوروبية بضرورة إخراج المرتزقة، ودعت وزارة الخارجية النمساوية المجتمع الدولي وكافة الأطراف في ليبيا إلى إتمام عملية إخراج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة لتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا.

دول الجوار

بدورها، تصر دول الجوار الليبي على الهدف ذاته، حيث أبلغت المبعوث الأممي بأهمية إجلاء المقاتلين الأجانب من الأراضي، بما يساعد على توحيد المؤسسات وإعلان المصالحة الوطنية وتنظيم الانتخابات، وفي الداخل، قالت اللجنة العسكرية المشتركة إنها ستتجه إلى المجتمع الدولي، وخصوصاً الدول الأعضاء في مؤتمر برلين المنعقد في يناير 2020 لطلب مساعدتها في الضغط من أجل تنفيذ البند الوارد في اتفاق جنيف والمتعلق بإجلاء القوات الأجنبية والمرتزقة.

وتشير مصادر مطلعة من العاصمة الليبية طرابلس إلى أن أول ما تسعى إليه القيادة الجديدة هو توحيد المؤسسة العسكرية، وأن هذا الهدف في حال تحقيقه سيدفع مباشرة إلى إخراج الأتراك ومرتزقتهم، ولكن في ظل اتفاق تحاول أنقرة فرضه وهو نيل حصتها من كعكة إعادة الإعمار، حيث سبق لوزير الداخلية المفوض بحكومة الوفاق فتحي باشاغا أن أشار الشهر الماضي إلى أن أنقرة تنتظر انتقالاً سريعاً يضمن وجودها ويحافظ على مصالحها، وفق تعبيره.

Email