حراك خارجي لتبديد التوتر السياسي في لبنان

ت + ت - الحجم الطبيعي

في ختام جولته المكوكيّة التي شملت بعض عواصم رعاية الملفّ اللبناني، عاد الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري إلى بيروت، وكانت محطة نشاطه الأولى في قصر بعبدا أمس، مؤكداً بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أنّ «المساعي مستمرّة لإنقاذ لبنان»، وأنّ «هناك تقدّماً في ملفّ الحكومة»، و«على كلّ فريق تحمّل مسؤوليّة مواقفه من الآن وصاعداً».

وعشيّة الذكرى الـ16 لاغتيال والده الشهيد رفيق الحريري، ووسط غياب أيّ تحرّك داخلي على خطّ التأليف، جاء كلام الحريري بمثابة تمهيد للكلمة التي ستكون له بالمناسبة غداً، في ضوء التطوّرات التي أفرزتها جولته الجديدة بين القاهرة وأبوظبي وباريس.

وتلك التي قادت إليها اتصالاته الديبلوماسية والسياسيّة في بيروت والخارج، وهي بالتأكيد، بحسب تأكيد أوساطه لـ«البيان»، ستفرض إعادة النظر في بعض الأفكار والمواقف وتوسيعها، بحيث يأتي الخطاب شاملاً كلّ التطورات والثوابت. ذلك أنّ اللقاءات الكثيفة التي أجراها الرئيس المكلّف في الخارج، وخصوصاً في باريس، شكّلت فسْحة مهمّة لتبادل المعطيات حول نقاط الإنسداد التي لا تزال تعطّل تشكيل الحكومة.

لقاء عون- الحريري

وبعد أن رفض رئيس الجمهورية تقديم أيّ تنازل للفرنسيّين، معتبراً أن الحلّ يجب أن يخرج من بعبدا، وعلى رئيس الحكومة العودة إلى لبنان والذهاب إلى القصر الجمهوري، والتشاور معه بحثاً عن الحلّ، أقدم الحريري على ذلك أمس، لكن هذه المرّة بسقف سياسي واضح ومرتفع جداً يأبى التنازل.

ذلك أنّ الحريري قصد القصر الجمهوري حاملاً لاءاته وشروطه وثوابته، واضعاً الأمور في نصابها السياسي: لا تنازل عن الثلث المعطل لأيّ طرف، لا توسيع للحكومة، ولا حكومة إلا «حكومة الـ18»، بوزرائها المستقلّين. 

وهكذا، رمى الحريري كرة التعطيل مجدّداً في ملعب عون، محقّقاً، وفق القراءات السياسيّة، أهدافاً كثيرة، بدءاً من عدم تراجعه عن شروطه وثوابته، وصولاً إلى إظهاره أنّ رئيس الجمهورية هو المعرقِل الفعلي والرئيسي لكلّ الحلول، وهو الذي يتحمّل المسؤولية على مرأى المجتمعيْن العربي والدولي.

رهانات.. وترقّب

وفي السياق، لا يزال الرهان معقوداً على الخطوات الفرنسيّة اللاحقة، لعلّها تسرّع استيلاد الحكومة، كما أنّ من شأن الكلمة التي سيلقيها الحريري غداً أن توضح بعض الأمور ذات الصلة.

على أنّ التسريب الأبرز الذي رُصِد، غداة الاجتماع الباريسي الذي جمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالرئيس الحريري، تمثّل بالإشارة إلى أنّ الحريري متمسّك بطروحاته مستنداً إلى ماكرون، فيما الأخير لن يزور لبنان ما لم تتقدّم الأمور ويتمّ تشكيل حكومة. وما بين الموقفين، إصرار الرئيس عون على أنّ «الحلّ يجب أن يخرج من بيروت»، وفق ما نُقل عنه قوله

وعليه، ارتفع منسوب الكلام عن أنّ إصرار الديبلوماسيّة الدوليّة على إنقاذ لبنان لا تقابله المنظومة السياسيّة المحليّة بالإهتمام نفسه، بل يزعجها. ذلك أنّ المسعى الفرنسي لا يزال يصطدم بحائط الصدّ الداخلي، ما جعل عملية تشكيل الحكومة محفوفة إمّا بتنازلات كبيرة أو بتوترات وانهيارات أكبر.

وبمعنى أدقّ، فإن لا إشارات على إمكان ولادة الحكومة قريباً، طالما أنّ المواقف لا تزال على حالها. وبناءً على كل هذه الخلاصة، فإنّ ثمّة إجماعاً على أنّ المسؤول الأول عن عرقلة تشكيل الحكومة هو رئيس الجمهورية، بينما الرئيس المكلّف في موقع مريح نسبياً، متمسّكاً بتكليفه ورافضاً للتنازل.

 
Email