ما قصة نقل أول متحف للنسيج في الشرق الأوسط؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

من متحفٍ مستقل، يحمل اسم «متحف النسيج»، في شارع المعز الشهير بالقاهرة، إلى جزء من معروضات «متحف الحضارة» في مدينة الفسطاط.. محطة جديدة مثيرة للجدل، بتاريخ أحد أبرز المتاحف المتخصصة في مصر، وهو «متحف النسيج»، الذي تم نقله نهائياً لمتحفٍ آخر، بعد قرار سابق بنقله، لكن «بشكل مؤقت»، إلى حين ترميم مبناه الأثري. 

المتحف -الذي ينتظر افتتاحه للجمهور قريباً من جديد، بعد أن ينتهي العرض المتحفي من تهيئة مكان عرض مقتنياته الجديد داخل متحف الحضارة، بعد أن كان متحفاً مستقلاً بذاته- تم إنشاؤه في «سبيل محمد علي»، التي تقع في القاهرة الفاطمية، بالقرب من باب زويلة، وهي السبيل التي أنشأها محمد علي باشا في 1828 م، على روح ولده إسماعيل باشا، الذي توفي بالسودان، وتمثل تحفة معمارية، كأحد أجمل طرز المباني الإسلامية.
وفي إطار تطوير القاهرة التاريخية، تم تحويل السبيل إلى «متحف للنسيج»، وذلك في عام 2010، كأول متحف للنسيج في الشرق الأوسط، وذلك في عهد وزير الثقافة الأسبق، فاروق حسني، الذي أولى اهتماماً كبيراً بإنشاء المتاحف المتخصصة في مصر.

«متحف النسيج، متحف فريد من نوعه في العالم كله.. حينما هممت بإنشاء هذا المتحف، رأيت أن سبيل محمد علي مكان مهم، ولم يتم استغلاله بالشكل الأمثل، فاقترحت إنشاء المتحف به»، هكذا يروي وزير ثقافة مصر الأسبق، فاروق حسني، قصة إنشاء واحد من أهم المتاحف المتخصصة في مصر، وهو متحف النسيج، والذي أثير لغط بالأوساط المصرية أخيراً، بعد نقله نهائياً، ليكون جزءاً من متحف الحضارة. وانتقد -في تصريحات إعلامية قبل أيام- قرار نقله نهائياً، بقوله: «عندما نقول إن سبيل محمد علي مكان للمياه، ولا يصلح أن يكون متحفاً، فهذا أمر عليه علامات استفهام».

ثروة هائلة 

عبر ثروة هائلة من القطع المنسوجة، التي يصل عمرها إلى قرونٍ من الزمن، موزعة على طابقين، و11 قاعة عرض، تروي مقتنيات المتحف قبل نقله، تاريخ صناعة النسيج منذ العصر الفرعوني، وحتى العصر الحديث، مروراً أيضاً بمقتنيات من العصرين اليوناني والروماني، والعصر القبطي، والعصر الإسلامي، فضلاً عن مقتنيات الأقاليم، وكسوة الكعبة المشرفة، إضافة إلى قسم النسيج المستورد، مثل الطراز الإيراني والعراقي واليمني.

خيوط منسوجة تحكي تاريخ أمة كان يحتضنها المتحف في سبيل محمد علي، الذي يُنتظر أن يكون مكان عرضه الجديد، ملائماً لقيمته، كأحد أهم المتاحف المتخصصة في مصر والشرق الأوسط.. فهل يحتوي المكان الجديد بمتحف الحضارة، كل تلك المقتنيات، محافظاً على ذلك التاريخ، الذي ترويه بشكل مفصل، حول تطور صناعة النسيج منذ عصر الفراعنة وحتى الآن؟.


نقل نهائي

«لا نستطيع التحديد الآن.. العرض المتحفي سوف يتحدد بناءً عليه ما إن كانت جميع تلك المقتنيات، سوف يتم عرضها، أم سيتم عرض جزء منها، أو إضافة أشياء أخرى جديدة إليها».. هذا ما يؤكده مدير عام متحف النسيج، د. أشرف أبو اليزيد، والذي يقول في تصريحات لـ «البيان»: «تم نقل المجموعات الأثرية بشكل نهائي، وخُصص لها مكان في متحف الحضارة»، مشدداً على أن «المساحة الجديدة كبيرة ومناسبة، وسوف تتضح الأمور بشكل أكبر بعد انتهاء العرض المتحفي».

ويشير في السياق ذاته، إلى أن «المتحف متوقف منذ شهر نوفمبر الماضي، وقد تم نقل مقتنياته جميعها إلى متحف الحضارة.. ويتم تجهيزها حالياً»، موضحاً أن عملية النقل جاءت بعد تقرير من قطاع الآثار الإسلامية، يرصد مشاكل بالمبنى الأثري للمتحف. ويكشف أبو اليزيد أيضاً، عن أن عملية النقل «نهائية»، وليست «مؤقتة»، وأن المتحف بذلك، قد ودّع سبيل محمد علي نهائياً، ليكون جزءاً من المتحف القومي للحضارة.

متاحف متخصصة

وبدوره، يقول أستاذ الآثار الإسلامية، رأفت النبراوي، لـ «البيان»: «متحف النسيج من المتاحف النوعية المتميزة والمهمة جداً، ويضم مجموعة مختارة ومميزة من المنسوجات على الطراز الإسلامي، من كل الدول الإسلامية، إضافة إلى منسوجات من كل الفترات التاريخية التي شهدتها مصر». ويلفت إلى أن «المتحف على درجة كبيرة من الأهمية، بالنسبة للباحثين والدارسين والجمهور، على حد سواء، ويعكس جانباً من الحضارة المصرية»، مشيراً إلى أهمية المحافظة على المتحف بجميع مقتنياته، والإكثار من مثل تلك المتاحف النوعية المتخصصة، مثل متحف الخزف أيضاً، وغيرهما من المتاحف المماثلة.

ويعارض أستاذ الآثار الإسلامية، مسألة غلق المتحف ونقله إلى متحف الحضارة، ويقول في هذا الصدد: «لا أحبذ تلك الخطوة، كان من الأفضل الإبقاء عليه كمتحف مستقل في مكانه، في سبيل محمد علي، وليس إدراجه ضمن متحف الحضارة، لما تنطوي عليه تلك المتاحف المتخصصة من أهمية بالغة».

وكان وزير السياحة والآثار خالد العناني، قد تلقى تقريراً بشأن الحالة الفنيّة لمبنى المتحف، وبناءً على خطورة الحالة الإنشائية تم نقله. 

Email