المرجة بقعة سورية انتعشت وانحدرت في الحرب

ت + ت - الحجم الطبيعي

المرجة.. الساحة التي عرفها كل السوريين بكل أطيافهم، فهي البريد الثابت لجميع السوريين ومركز العاصمة دمشق جغرافياً، حيث يلتقي كل الزائرين إلى العاصمة في هذه الساحة، التي تعتبر استراحة الزائرين، فضلاً عن كونها أكبر تجمع للفنادق المتواضعة التي تناسب شريحة الزائرين والمشردين من الحرب.

 شكلت المرجة طوال السنوات الأخيرة سوريا الحقيقية المتنوعة بكل تشكيلاتها الاجتماعية، إذ اتجهت كل المدن المهدمة، والنازحون الهاربون من الحرب إلى دمشق قاصدين ساحة الفنادق (المرجة)، حيث كانت المرجة العنوان الأشهر والأبرز لدى كل الهاربين إلى العاصمة دمشق، خصوصاً وأنها تتخذ موقعاً مهماً كونها عقدة اتصالات وقربها من كل المنشآت الحكومية.

بالنسبة للبعض، فقدت المرجة هويتها الدمشقية الخاصة، إلا أنها تحولت إلى مركز اقتصادي كبير يستقبل التحويلات المالية من كل الدول، حيث تم ضخ الأموال إليها من كل الاتجاهات في الداخل والخارج بسبب وفرة النازحين من كل المدن السورية.. وهذا منحها فورة اقتصادية وانتعاشاً مضاعفاً عما كانت من قبل.

ما بين العام 2016 ونهاية العام 2019، كانت هذه الساحة موطناً للمناطق الشرقية من سوريا وخصوصاً النازحين من دير الزور، إذ نكل «داعش» بالأهالي ما دفعهم للخروج إلى أبعد مكان في سوريا والأكثر أمناً وهو دمشق، لتكون المرجة العنوان الأخير لهم، أمضوا فيها سنوات بعيداً عن الخوف والهلع.

الحكومة السورية

وأمام هذا العدد الهائل من النازحين من دير الزور قررت تشكيل دائرة نفوس (أحوال مدنية) خاصة لأهالي دير الزور، إذ إن كل الدوائر الحكومية تم إحراقها بفعل العصابات، وتشكلت خلية اجتماعية كبيرة تصل وفق تقديرات حكومية إلى 200 ألف نسمة فقط في العاصمة دمشق من أهالي دير الزور، الأمر الذي شكل ضغطاً على السكان في العاصمة وعلى المناطق القريبة من المركز، وقد كانت المرجة الأكثر تأثراً بهذه الحالة، حيث اختلطت بكل أصناف ومذاهب الشعب السوري، لتعبر عن هذا التنوع.

زوار مؤقتون 

بعد أن انتهت الحرب ضد تنظيم داعش، لم يعد لأهالي مدينة دير الزور وريفها مبرر للبقاء في هذه الساحة التي كانت مركزاً للفنادق في سوريا، لذا قرر الآلاف من الساكنين هذه الساحة المغادرة إلى مدنهم، فضلاً عن المئات من المنازل التي كانت مستأجرة تركها أهالي دير الزور واتجهوا إلى مدينتهم، لتعود المرجة إلى سابق عهدها، تقتصر على الزوار المؤقتين فقط.

ويقول أحد العاملين في المجال الفندقي في دمشق، إن الأحوال تغيرت منذ عامين، حيث خرج معظم النازحين من المرجة إلى مدنهم، خصوصاً المناطق الشرقية التي استقرت فيها الأوضاع الأمنية وانتهت فيها الحرب.

ويضيف عمر عباس في حديثه إلى «البيان» العديد من أبناء المناطق الشرقية عادوا إلى ديارهم، الأمر الذي سبب كساداً في معظم الفنادق، خصوصاً وأن هناك نسبة كبيرة من أبناء المنطقة تسكن في المرجة، مشيراً إلى أن الحركة الاقتصادية كانت فعالة في دمشق وخصوصاً في المرجة.

ويوضح عباس الذي يعمل في أحد الفنادق في المرجة، الوضع الحالي في دمشق وفي ساحة المرجة تحديداً، بالقول إن الازدحام والكثافة السكانية تراجعا في العاصمة دمشق، وفي الواقع عادت المرجة إلى وضعها السابق من حيث الشكل وطبيعتها الدمشقية بعد خروج التنوع السوري منها.

ويختتم بالقول إن المرجة إحدى المناطق التي شكلت لوحة سورية من حيث التنوع من كل المدن، وهذا ساهم في نشاطها الاقتصادي إلى حد كبير، خصوصاً وأن الكثير من النازحين كانوا يتلقون مساعدات من ذويهم في الخارج، وخروجهم أثر بشكل كبير على الوضع الاقتصادي

Email