تقارير «البيان»

أزمة «لا تأليف» تضع لبنان في مأزق غير مسبوق

ت + ت - الحجم الطبيعي

وسط الشلل السياسي غير المسبوق الذي يصبغ المشهد في لبنان، لا تزال أزمة تأليف الحكومة الجديدة تتفاعل من بوابة فخ التسريبات، لاسيّما من خلال التسجيل المصوّر الذي سُرّب مؤخّراً إلى الإعلام واتهم فيه الرئيس العماد ميشال عون، رئيس الوزراء المكلّف سعد الحريري بالكذب، ناقلاً أزمة التشكيل لخلاف شخصي بينه والحريري، وواضعاً التشكيل في حالة إقفال مفتوحة بكلمتين: «لا تأليف».

وغداة التطور الرئاسي الذي استحق تقديمه على ما سواه، مترافقاً مع البحث عن فتاوى قانونية أو دستورية لسحب التكليف من الحريري، بات لبنان في مأزق غير مسبوق أمام واقع ملغوم، إذ لا تزال ثلاثة لاءات تحكم المشهد، لا أفق حكومياً، لا حلول تلوح في الأفق، ولا اتصالات، ولا تزال حكومة المهمّة عالقة بين حدين: لا رئيس الجمهورية، ومن ورائه ميليشيا حزب الله، في وارد إعطاء الرئيس المكلّف امتيازات على مستوى التشكيل، ولا الأخير في وارد الاعتذار.

باتت الأوراق بعد أن حدّد كل طرف سقفه رافضاً أي مخرج وسطي من شأنه إنقاذ التأليف وانتشال الحكومة من عمق المأزق، إذ إنّ رئيس الجمهورية ثابت على موقفه في رفض تجاوز موقعه وصلاحيته وشراكته الكاملة في تأليف الحكومة، وبالتالي لن يوقّع أي مسودّة حكومية خارجة على المعايير المطلوبة من قبله.

صراع إرادات

في المقابل، تبدو الصورة مناقضة، إذ تفيد أوساط مقرّبة، بأنّ رئيس الوزراء المكلّف سعد الحريري، يتعرّض للعرقلة المتعمدة من الرئيس عون لمنعه من تأليف حكومة تبدأ عملية الإنقاذ وتُباشر في إعادة إعمار بيروت. ووفق مراقبين فإنّ الهدف الأساس من عرقلة تأليف الحكومة، هو دفع الحريري للاعتذار عن التشكيل، مشيرين إلى أنّ هذا الأمر لن يحدث في ظل إصرار الحريري ورغم كل المحاولات لدفعه للاعتذار، ثابت ومتمسك بالتكليف وبلاءاته الثلاث «لا ثلث معطّلاً، لا استسلام للتعطيل، ولا اعتذار».

انعدام خيارات

وما بين الموقفين المتباعدين الهوة العميقة بين عون والحريري، ضجت القراءات السياسية بالإشارة لأزمة التأليف المستعصية، التي باتت أسيرة دوامة لا مخرج منها، لا رئيس الجمهورية قادر على إلغاء التكليف، ولا الرئيس المكلّف الذي حسم موقفه بأنّ «لا اعتذار»، قادر على فرض تشكيلته الحكومية، فيما سيفرض انعدام الخيارات أمام كل منهما العودة لطاولة التأليف من جديد.

وفي القراءات لم تعد الأزمة بين عون والحريري أزمة ثقة بل وصلت إلى ما هو أبعد من ذلك، ما يجعل إعادة جمعهما تحت سقف حكومي واحد حال نجحت الوساطات التوفيقية، نقلًا للمشكلة إلى داخل المؤسسات الدستورية، ما يعني أنّ الحكومة العتيدة ستُدار بكيديّة ومناكفات، ما سيجعل مصيرها الفشل. وعلى ضوء ذلك ارتفع منسوب المطالبات بلجوء عون والحريري إلى لجنة التحكيم في مجلس النواب كمخرج للأزمة، حيث بإمكان الحريري طرح تشكيلته وإدلاء عون بملاحظاته ليخرج الطرفان بتسوية وطنية في نهاية الأمر.

Email