دماء لم تتوقف.. ما هي قصة النزاع في إقليم دارفور؟

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

خلاف بدأ فردياً تحوّل إلى مواجهات مسلحة بين قبيلة المساليت وبدو عرب رحل في مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور في السودان، أسفرت عن مقتل 83 شخصاً على الأقل منذ السبت الماضي..

ووقعت أعمال العنف بعد أسبوعين من انتهاء مهمة البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في دارفور «يوناميد» المنتشرة منذ نهاية 2007، بعد توقيع اتفاق السلام بين الحكومة والجماعات المتمردة في أكتوبر من العام الماضي.

وأسفر النزاع، بحسب الأمم المتحدة، عن نحو 300 ألف قتيل وشرد 2.5 مليون شخص، تحديداً خلال سنوات النزاع الأولى.

فما الذي يجري هناك وما هي قصة هذا الإقليم؟

إقليم دارفور
يقع إقليم دارفور، أكبر أقاليم السودان، أقصى غرب السودان، وتمثل حدوده الغربية الحدود السياسية للسودان في تلك الجهة مع ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد.

وتبلغ مساحة الإقليم أكثر من نصف مليون كيلو متر مربع (510 ألاف كيلو متر مربع)، حيث تمثل مساحته خمس مساحة السودان (20% من مساحتها)، وتسكنه عرقيات إفريقية وعربية أهمها «الفور» التي جاءت تسمية الإقليم منها، و«الزغاوة»، و«المساليت»، و«البقارة» و«الرزيقات». ونظراً للمساحة الشاسعة للإقليم وعوامل أخرى فقد انتشر السلاح في الإقليم وتفاقمت النزاعات القبلية.

ويبلغ عدد سكان إقليم دارفور نحو6. 7 ملايين نسمة، وجميع سكانه مسلمون «سنّة»، وقد انقسم الإقليم منذ عام 1994م إلى ثلاثة أقاليم متجاورة ومختلطة الأعراق وهي الغرب والشمال والجنوب، وتبلغ نسبة الجماعات الإفريقية نحو60% بينما تبلغ نسبة العرب الـ 40 % الباقية.

ويقطن في الريف 75% من سكان دارفور، بينما يمثل الرعاة الرحل حوالي 15%، والباقون يقيمون في بعض المدن، مثل الفاشر، ونيالا، وزالنجي.

ومن هنا نستعرض أبرز محطات النزاع:

بداية التمرد
في 26 فبراير 2003 بدأ تمرد أقليات عرقية في دارفور ضد الخرطوم. وسيطر المتمردون على مدينة قولو في ولاية شمال دارفور. ثم في مارس طالبت حركة العدل والمساواة وحركة جيش تحرير السودان بتقاسم اكثر عدالة للسلطة والثروات.

ونهاية 2007 انتشرت قوة سلام مشتركة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لتحل محل قوة إفريقية شكلت العام 2004.

أما في مايو 2008 شنت حركة العدل والمساواة هجوماً غير مسبوق على مدينة أم درمان المجاورة للخرطوم أسفر عن أكثر من 220 قتيلاً.

مذكرات توقيف دولية
في 2009 أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف في حق الرئيس عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور، ثم أصدرت في 2010 مذكرة توقيف بتهمة ارتكاب إبادة.

وبعد أشهر من الهدوء تجددت المعارك نهاية 2010 إثر إسقاط اتفاق وقع العام 2006 مع فصيل في حركة تحرير السودان. وأحصت الأمم المتحدة سقوط أكثر من 2300 قتيل في عام.

جبهة ثورية
في نوفمبر 2011 صادقت ابرز الفصائل المسلحة في دارفور مع فرع الشمال في التمرد الجنوبي السابق على وثيقة تنص على قيام جبهة ثورية بهدف إسقاط النظام.

واتهمت الخرطوم حركة العدل والمساواة بالتحالف مع دولة جنوب السودان التي أعلنت استقلالها في 2011 والتي تدعم، وفق الخرطوم، متمردين مسلحين في جنوب كردفان والنيل الأزرق. لكن جوبا نفت.

تجدد العنف
في مارس 2014، نددت الأمم المتحدة بالقيود التي فرضت على الطواقم الإنسانية في دارفور وازدياد عدد النازحين الذي بلغ 215 ألفاً في العام المذكور علماً بأن المخيمات تؤوي أصلاً نحو مليونين.

وفي نوفمبر، طالب عمر البشير بـ«برنامج واضح» لانسحاب القوة المشتركة وسط تدهور العلاقات معها على خلفية قيام الجنود الدوليين بتحقيقات في اتهامات بعمليات اغتصاب جماعية ارتكبها جنود سودانيون.

وقف للنار
أعلنت الحكومة في يونيو وقفاً أحادياً لإطلاق النار. وفي أغسطس، فشلت مفاوضات بين السلطات والمتمردين في شأن وقف الأعمال القتالية في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان. وفي السابع من سبتمبر اعلن البشير رغم ذلك عودة السلام إلى دارفور. ثم اتهمت منظمة العفو الدولية نهاية سبتمبر، الخرطوم بشن هجمات كيماوية أسفرت عن مقتل مدنيين في غرب السودان، لكن السلطات نفت.

عزل البشير
بعد ذلك عزل الجيش السوداني في 11 أبريل 2019 الرئيس عمر البشير واعتقله بعد أربعة أشهر من بدء احتجاجات شعبية ضدّه.

وفي أغسطس، تشكلت السلطات الجديدة المكلفة تأمين الانتقال نحو حكم مدني ووعدت بإرساء السلام في مناطق النزاع.

ثم أعلن القضاء السوداني في 22 ديسمبر فتح تحقيق في جرائم ارتكبت في دارفور ابتداء من 2003 طال قادة في نظام البشير السابق.

محادثات سلام
وفي 24 يناير 2020 وقع تحالف يضم تسع مجموعات متمردة من منطقتي نزاع في السودان اتفاقاً مبدئياً مع الحكومة السودانية بعد محادثات استمرت أسابيع.

وفي 11 فبراير، أكد عضو في مجلس السيادة في السودان الذي تم تشكيله في أغسطس 2019 للإشراف على الانتقال السياسي، أن عمر البشير سيسلم للمحكمة الجنائية الدولية.

كوشيب والجنائية الدولية
في 9 يونيو، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية أن علي كوشيب، زعيم ميليشيات الجنجويد المطلوب منذ العام 2007، سلّم نفسه ويواجه تهماً بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية على خلفية دوره في النزاع الدامي في إقليم دارفور.

اتفاق السلام
في 31 أغسطس، وقع قادة حركات متمردة وممثلو الحكومة السودانية بالأحرف الأولى اتفاقاً للسلام. وتم توقيع اتفاق السلام رسمياً في 3 أكتوبر في جوبا عاصمة دولة جنوب السودان.

ورفضت حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور في دارفور التوقيع.

«الجنائية الدولية» في الخرطوم
في 17 أكتوبر بدأت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا زيارة إلى السودان لبحث الخيارات المتاحة لمحاسبة البشير وآخرين عن جرائم الحرب في نزاع دارفور. وأسفرت المحادثات عن عدة خيارات بينها تشكيل محكمة مختلطة أو خاصة لمحاكمة المتهمين.

أما في 13 نوفمبر أعلنت الخرطوم العفو عن عشرات آلاف السودانيين الذين قاتلوا في النزاعات الأهلية، واستثنى من القرار أولئك الذين يواجهون اتهامات بارتكاب جرائم حرب.

انسحاب البعثة الخاصة
في 23 ديسمبر، وافق مجلس الأمن الدولي على إنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة المشتركة مع الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في دارفور عند انتهاء مدتها في 31 ديسمبر، على أن تمتد عملية انسحاب القوة التي تعد نحو ثمانية آلاف عنصر على ستة أشهر.

Email