إقالة وزير تونسي تكشف عمق الخلاف بين الرئاسات الثلاث

ت + ت - الحجم الطبيعي

أثار قرار رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي بإقالة وزير الداخلية توفيق شرف الدين جدلاً واسعاً بين الأوساط التونسية، مع إجماع المراقبين على نقطتين مهمتين، الأولى أن إقالة شرف الدين كانت منتظرة منذ فترة باعتباره محسوباً على الرئيس قيس سعيد ومرفوضاً من قبل الحزام السياسي للحكومة المكون من حركة النهضة وحليفيها ائتلاف الكرامة وحزب قلب تونس، والثانية أن العلاقة بين المشيشي وسعيد الذي كان وراء ترشيحه لتشكيل الحكومة وصلت إلى طريق مسدود، وهو ما يعني دخول رئاستي الحكومة والبرلمان في مواجهة مباشرة مع مؤسسة الرئاسة.

ويرى المراقبون أن سعيد عندما اختار المشيشي في 25 يوليو الماضي لتشكيل الحكومة من بين الأسماء التي رشحتها له الكتل البرلمانية، كان يتعامل معه على أنه مقرّب منه، حيث سبق أن عينه في فبراير الماضي مستشاراً أولاً له مكلفاً بالشؤون القانونية ثم كان وراء ترشيحه لحقيبة الداخلية في حكومة إلياس الفخفاخ التي أعلن عن تكوينها في أواخر الشهر ذاته، لتستمر في الحكم ثم في تسيير الأعمال لمدة ستة أشهر وستة أيام .

ونظراً للصراع داخل البرلمان بعد الإطاحة بحكومة الفخفاخ، كان على المشيشي أن يضمن حزاماً سياسياً من الكتل للحصول على ثقة النواب، وهو ما وجده لدى التحالف الذي تتزعمه حركة النهضة، وتزامن ذلك مع الخلافات الحادة بين رئاستي الجمهورية والبرلمان، في ظل اتهامات لرئيس حركة النهضة ومجلس نواب الشعب راشد الغنوشي بتجاوز صلاحياته ومحاولته تنازع سلطات سعيد.

وبات واضحاً منذ البداية أن الحزام السياسي للحكومة كان يضغط على رئيسها لإجراء تعديل حكومي يتم بموجبه إقصاء الوزراء المحسوبين على مؤسسة الرئاسة، ومن بينهم شرف الدين الذي تربطه علاقة صداقة قديمة وزمالة في التدريس الجامعي بالرئيس سعيد، كما كان رئيس حملته الانتخابية في سوسة (وسط شرق)، نظراً لأن الدستور التونسي يشير إلى أن لرئيس الدولة وزارتين فقط يمكنه التدخل في سيرهما وترشيح من يشرف عليهما وهما الدفاع والخارجية.

ويشير المتابعون للشأن السياسي التونسي أن العلاقات بين رئيس الحكومة ووزير الداخلية كانت تتسم بنوع من البرود، حيث إن أنصار سعيد يتهمون المشيشي بأنه انقلب عليه عندما وضع يده في يد الإسلام السياسي وخاصة حركة النهضة، بينما يرى أنصار المشيشي أنه، وباعتباره المسؤول الأول عن السلطة التنفيذية في البلاد يعمل وفق الدستور والقانون والتوازنات السياسية وخاصة داخل البرلمان الذي تعود له سلطة منحه الثقة أو سحبها منه.

ويضيفون أن المشيشي كان وزير الداخلية قبل شرف الدين، وبالتالي فهو يعرف كل ما يدور داخلها، كونه المسؤول الأول عن الأمن الداخلي، لكن سعيد كان كثيراً ما يعلن أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية والأمنية، وهو ما أكده مساء 31 ديسمبر الماضي عند زيارته لغرفة العمليات الجديدة بالوزارة، تزامناً مع وجود المشيشي خارج البلاد في زيارة خاصة إلى باريس.

Email