الجرائم الأسرية في مصر.. أبعاد نفسية ومجتمعية واقتصادية

ت + ت - الحجم الطبيعي

شهدت مصر خلال الفترة الأخيرة عديداً من الجرائم المروعة، من بينها جرائم أسرية أثارت جدلاً واسعاً، بسبب تفاصيلها المثيرة وما أثير حولها من لغط واسع عبر مواقع ومنصات التواصل، ذلك في الوقت الذي تحدث فيه محللون عن أبعاد نفسية ومجتمعية واقتصادية وراء تلك الجرائم، بداية العوامل الاقتصادية والضغوطات النفسية، وحتى الإدمان على المخدرات.

لكن وعلى رغم بزوغ تلك الجرائم مؤخراً، إلا أن الإحصاءات الرسمية في مصر تكشف عن أن منحنى الجريمة في مجمله في تراجع. وهذا ما تكشف عنه آخر الإحصاءات التي أعلنت عنها وزارة الداخلية المصرية في العام 2020، عندما أحصت تراجعاً نسبته 17% في معدلات الجريمة مقارنة بالعام 2019.

ومن أبرز الجرائم الأسرية التي أثارت جدلاً بالأوساط المصرية مؤخراً هي تلك الجرائم التي وقعت خلال عطلة عيد الأضحى المبارك، أولها جريمة قتل زوجة لزوجها في مدينة طوخ، وهي إحدى مدن محافظة القليوبية، وكذلك جريمة قتل طبيب أسنان زوجته في محافظة الدقهلية (شمال القاهرة). وتنضم للقائمة أيضاً جريمة قتل شاب لوالدته في حي إمبابة بالقاهرة. وجميعها جرائم وقعت أثناء عطلة عيد الأضحى، واستحوذت على جانب كبير من اهتمامات الناس ومواقع التواصل.

تعليقاً على ذلك، تتحدث أستاذة علم النفس بجامعة الأزهر، الدكتور جيهان النمرسي، عن أبعاد مختلفة وراء الجرائم الأسرية المتكررة بصفة خاصة، والجرائم عموماً؛ أهمها العوامل الاقتصادية وما تصاحبها من ضغوطات تقود إلى تزايد معدلات العنف بالأسرة المصرية انطلاقاً من الظروف الاقتصادية، في الوقت الذي نبهت فيه إلى أن تلك الجرائم صارت تحدث حتى في الطبقات التي تلقى أفرادها تعليماً عالياً أيضاً.

وتضيف إلى تلك العوامل عامل الإدمان، وهو السبب وراء عديد من الجرائم التي يرتكبها بعض الشباب في مصر، مستدلة على ذلك بجريمة قتل شاب لوالدته في إمبابة مؤخراً، بعد أن ثبت تعاطي الشاب لمواد مخدرة.

وتعتبر الجرائم الأسرية من أبرز الجرائم التي تشهدها مصر، وتشكل ما نسبته 25% من إجمالي جرائم القتل بالبلد، طبقاً لدراسة أجريت في جامعة عين شمس.

ووفق استشاري الصحة النفسية بالقاهرة الدكتور وليد هندي، فإن مجموعة من العوامل النفسية الملحوظة وراء تلك الجرائم، انطلاقاً من «أسلوب التنشئة الاجتماعية»، ذلك أن الأشخاص الذين تربوا على العنف عادة ما يعانون من افتقاد ثقافة الحوار، وهو ما ينمو معهم منذ الصغر ويمكن أن يقود إلى ارتكاب الجرائم، ومنها جرائم القتل. 

ومن بين العوامل أيضاً التي يتحدث عنها هندي مجموعة أخرى من العوامل النفسية؛ من بينها: الضغوطات النفسية والشعور بالإحباط والوصول إلى درجة الاكتئاب حتى وإن لم يفصح الشخص عن ذلك، بل تظهر تلك الأمور في سلوكياته.

واتفق مع النمرسي، بقوله إن من بين أبرز العوامل أيضاً هو ما يتعلق بـ«تعاطي المخدرات»، على أساس أن المخدرات لها مجموعة من الآثار النفسية، منها الغيبوبة الحسية والانفصال على الواقع، وردود الأفعال التي تتسم بالعنف الشديد والذي يصل حد ارتكاب جريمة القتل تحت تأثير المخدر.

Email