التكنولوجيا بوصلة التنافس العالمي

الذكاء الاصطناعي أسرع مسار للصدارة في القرن الـ 21

ت + ت - الحجم الطبيعي

أولت القمة العالمية للحكومات أهمية كبيرة لاستشراف المستقبل ووضع تصور لما سيكون عليه، في محاولة للوصول إلى رؤية مشتركة لمواجهة التحديات التي تواجهه من أجل بناء عالم أفضل. وتقع التطورات التكنولوجية المتسارعة في قلب الجهود العالمية، خاصة مع الطفرة المتسارعة غير المسبوقة التي شهدها التطور التكنولوجي خلال السنوات الأخيرة، التي أجمع خبراء مشاركون في القمة على أنها ستكون بوصلة التنافس العالمي، دولاً وحكومات، ومؤسسات.


وفي هذا الصدد، كشفت دراسة صادرة عن شركة «غارتنر» للأبحاث أن حجم الإنفاق المتوقع على تقنية المعلومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال عام 2023 سيصل إلى 175.8 مليار دولار، مقارنة بـ 172.9 مليار دولار عام 2022 بنمو نسبته 1.7 %، مقارنة بعام 2022، فيما يتوقع أن يصل الإنفاق العالمي إلى 4.5 تريليونات دولار خلال عام 2023 بنمو نسبته 2.4 % مقارنة بالعام الماضي الذي سجل 4.1 تريليونات دولار.


وتشمل أرقام تقرير «غارتنر» الخاصة بالإنفاق العالمي على الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الإنفاق على أجهزة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والبرمجيات وخدمات تقنية المعلومات ومراكز البيانات وخدمات الاتصالات الخلوية والثابتة والإنترنت.


ويعد الذكاء الاصطناعي المسار السريع لتحقيق الصدارة العالمية في القرن الحادي والعشرين، في وقت انتقل فيه ميدان التنافس إلى التطور التكنولوجي، حيث تنظر الدول إلى تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي كداعم للقوة ومفتاح لتحقيق الهيمنة، إذ ستتحكم هذه التقنية في المعلومات والأشخاص والتجارة والحرب المستقبلية؛ وتقع على عاتق الحكومات مسؤولية الإمساك بالدفة وبلورة مستقبلنا فيما ينضم الذكاء الاصطناعي إلى المعركة. وتوقعت الدراسات أن يصل حجم سوق الذكاء الاصطناعي عالمياً إلى 15 تريليون دولار بحلول عام 2030.

وأكد الخبراء على أن السبيل الوحيد لخدمة الشعوب بشكل أفضل هو من خلال الاستفادة الكاملة من التقنيات التكنولوجية الحديثة ودعم التطبيقات الذكية، وتكامل القطاع الحكومي مع الخاص في تقديم الخدمات. وشددوا على أهمية دعم الذكاء الاصطناعي في أساليب تطوير الحوكمة والأدوات المبتكرة للعمل الحكومي، والتي أدت إلى توفير الكثير من الناتج المحلي الإجمالي بسبب اللجوء إلى الخدمات الرقمية، مشيرة إلى دور التحول الرقمي وتطبيقات التكنولوجيا في بلادها خلال الفترة الأخيرة. وسلط الخبراء في تصريحات لـ «البيان» الضوء على دور التكنولوجيا ومساهمتها في حل الكثير من التحديات الاقتصادية والصحية والتعليمية وغيرها من الملفات التي تؤرق الحكومات.

وأجمعوا على أن من أهم محددات العالم الجديد علاقة التكنولوجيا والسياسة والتفاعل والتأثير المتبادل بينهما، وأن التوازنات الاستراتيجية ترتبط بتحولات اجتماعية وسياسية جذرية تغير صورة العالم وعلاقات التنافس فيه بطرق جديدة غير تقليدية، حيث يدفع التقدم التكنولوجي السريع لتغيير الخارطة الجيوسياسية للعالم بصورة سريعة.


توجهات


وقال البروفيسور رائد العواملة، عميد كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، إن أحد التوجهات العالمية اليوم باتت تتركز حول الانتقال من التحديات الجيوسياسية إلى التكنوسياسية.


وأضاف: خلال آخر 200 عام من تاريخ العالم كانت دائماً الصراعات التي تحدث هي على الأرض وعلى الموارد الطبيعية، وهذه هي ما تسمى بالصراعات الجيوسياسية.


استثمار


وقالت نادية كمالي مدير عام شركة «أكسنتشر» في دولة الإمارات، إن النهوض بالحكومات والمجتمعات مقترن بالتحول الرقمي الذي يستوجب انخراط شركات القطاع الخاص بتطوير تلك الإمكانات الرقمية وأيضاً بتشكيل القوى العاملة في المستقبل. وأكدت أهمية إعادة تشكيل المؤسسات لتكون قادرة على مواجهة العراقيل وتسريع النمو من خلال بناء نواة رقمية متماسكة، والاستثمار بالتقنيات الجديدة، وإعادة تشكيل كيفية التعاون في المؤسسة.


وقال إيريك أندرسون المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة «سينجولاتري»، إن العالم شهد تغيرات تكنولوجية هائلة على مدار العشرين عاماً الماضية، واخترقت التقنيات الحديثة كافة مجالات العمل والاستثمار وامتدت إلى كل شيء تقريباً، لكن كان القاسم المشترك في كافة هذه التحولات هو أن تكون التقنيات آمنة ومتاحة للجميع وسهلة الاستخدام والأهم من ذلك هو أن تخدم الحياة العملية وتسهل حياة الأفراد.

وأضاف إن العالم الرقمي الحالي يشهد تطورات لحظية وجعل كل شيء سريعاً، وهو ما أدركته كافة الدول، حيث إن من يريد أن يمتلك المستقبل ويكون له مكان فيه عليه أن يهتم بالتركيز على تطوير التقنيات، وهي باتت ثقافة لدى العديد من الدول حالياً. وقال فنشنزو أكوارو، رئيس الحكومة الرقمية في الأمم المتحدة: إن الانتقال إلى التنافس التكنوسياسي من أبرز الأفكار التي تم طرحها خلال فعاليات القمة العالمية للحكومات في دورتها الحالية والتي تبرز الدور الكبير الذي ستلعبه التقنيات الحديثة وتطبيقاتها في رسم ملامح المستقبل في دول العالم.

Email