استدامة التراث

البخور عبق خالد على مر العصور

شمه عيد بلال خلال صناعتها لعطر البخور | تصوير: يماني العفاري

ت + ت - الحجم الطبيعي

حظي البخور على مرّ العصور بمكانة خاصة لدى الإنسان، وخاصة في الدول العربية ودول الخليج العربي، حيث كانت تستخلص روائحه من خلال حرق بعض النباتات أو الأزهار أو خشب الصندل، وفي الهند كان ولا يزال خشب العود الأكثر طلباً، وهو الأغلى ثمناً.

ومنذ عرف الإنسان في الإمارات الترحال إلى مدن العطور والبخور، أصبح يجلب مع تكرار الأسفار العديد من تلك الأنواع التي تستخرج من العود، أو يتم تصنيع البخور منها.

شمه عيد بلال إحدى السيدات التي تعلمت تصنيع البخور «الدخون بلفظة محلية» منذ الستينيات، وهي تعلم أن عشق أبناء الإمارات للعود والدخون، خاصة أن البخور يعبر عن كرم الضيافة، ويطيّب الأجواء في المساجد والبيوت، وكانت الجدات يقمن بتصنيع البخور من العود الثمين، وتكون الرائحة حسب جودة العود نفسه، والبعض كانت لديهم معتقدات بطرد الجان من الأماكن عبر تبخير المنزل باللبان أو الجاوي أو بعض الأعشاب، ولكن لم تعد هذه العادة مستمرة، نظراً لوصول الإنسان لدرجة من الثقافة، عرف من خلالها أنه يضر بالجهاز التنفسي، ولذلك بقي أمر البخور وتعطير المنزل به مستمرا منذ مئات السنين.

تؤمن شمه أن البخور عبق بقي يرحل مع الإنسان والمرأة بالذات عبر العصور، وهو تراث إماراتي يفوح مجاوراً لتفاصيل التراث، وهي قصة بدأت في الإمارات منذ عرف الإنسان السفر للتجارة، حيث أصبح يأتي بمكونات يمكن أن تصنع منها المرأة بخوراً محلياً، يتناسب مع طبيعتها وبيئتها ومنزلها، ومن تلك المكونات الزيوت الأحادية المستخلصة من مواد طبيعية، مثل الزعفران والصندل والعنبر والحناء، إلا أنها مع الزمن يتم تركيبها صناعياً، ولكن أصبح لدى الأسرة الإماراتية إبداعات، وأصبح للشباب مساحة للعمل على تصنيع البخور والمتاجرة به، سواء في المحلات أو المهرجانات والمعارض، وسوف يستمر عبق العطور في كل مكان، حيث يعد جزءاً من تراثنا وحياتنا اليومية، ومنه يتحول إلى إضافات على العود الخشبي الثمين، واليوم تقوم بصنع البخور، ومزج مجموعة من العطور مع بعضها لإخراج مزيج يبقى لأيام في المكان، وسوف يبقى فوح العود والدخون لهذا الزمان وللغد، كما كان في الماضي.

Email