أول أكسيد الكربون في السيارات «قاتل صامت»

سجلت القيادة العامة لشرطة دبي حالات وفاة وإصابة نتيجة استنشاق غاز أول أكسيد الكربون بالمركبات، أو ما يطلق عليه «القاتل الصامت»، ما يؤكد الحاجة إلى المزيد من الوعي لتجنب مثل هذه الحوادث.

وكشف اللواء أحمد ثاني بن غليطة، مدير الإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة بشرطة دبي، عن 6 حالات وفاة وحالتي إصابة بليغة جراء غاز أول أكسيد الكربون، لافتاً إلى أنه يحل محل الأكسجين في المكان المغلق تدريجياً المتمثل في السيارات، ونظراً لعدم وجود رائحة ولا طعم ولا لون له، فإن جزيئاته تحل تدريجياً محل الأكسجين في الدم، فيشعر الشخص بأعراض طفيفة.

كالصداع، وضيق التنفس والدوار والغثيان، حتى يتشبع دمه بأول أكسيد الكربون، فيدخل في حالة إغماء، ثم يفارق الحياة، منوهاً إلى أن النوم في السيارة المتوقفة خطر كبير، خصوصاً عندما يكون تكييف المركبة في حالة تشغيل بمكان مغلق؛ مثل مواقف المراكز التجارية.

دراسات

وقال اللواء بن غليطة إن الدراسات التي قامت بها الإدارة العامة بشأن الحالات التي تعرضت للتسمم بأول أكسيد الكربون، أظهرت قلة وعي بعدد من الممارسات الخاطئة التي يقوم بها عدد من الأفراد، وأن البلاغات الواردة عن حدوث وفيات أو إصابات وقعت في مركبات أُجري عليها تعديلات جوهرية في الفلاتر الخلفية للمركبة، لزيادة قوة الدفع ورفع الكفاءة.

مبيناً أنه وبعد البقاء في المركبة فترة من الزمن، سواء في مكان مغلق أو مفتوح، يتعرض الأشخاص للتسمم بالغاز، مشدداً على ضرورة تكثيف وتوحيد الجهود بين كافة الجهات المعنية للتوعية بخطورة هذا الغاز، وبحث سبل وضع تدابير وإجراءات سلامة آمنة تقي الأفراد من التعرض لخطر التسمم بأول أكسيد الكربون.

اشتراطات

وأكد العميد محمد عبدالله الزعابي مدير إدارة الدفاع المدني في رأس الخيمة، أهمية ارتفاع الوعي المجتمعي بحالات الاختناق الناجمة عن استنشاق أول أكسيد الكربون نتيجة لعدم تطبيق الاشتراطات الوقائية، حيث ينجم عن عملية الاحتراق انبعاث غاز أول أكسيد الكربون، والذي يستنشقه الضحايا دون شعور، فيُصابون بحالة من الإعياء والضعف، ومن ثم يدخلون في غيبوبة ثم يُفارقون الحياة.

وأضاف: لا يتوقف تغلغل «القاتل الصامت» بإيقاع ضحاياه على فصل الشتاء إنما تحدث كذلك خلال فصل الصيف، نتيجة لبقاء الأشخاص داخل مركبات قيد التشغيل والتي تكون أغلبها على وضع التشغيل داخل كراجات مغلقة دون تهوية، حيث يدخل غاز أول أكسيد الكربون عبر فتحات التكييف، ليهاجم الأفراد داخل المركبة، بعد عملية احتراق الوقود، مما يؤدي إلى وقوع الحوادث دون الشعور المباشر بها.

أكثر أماناً

ولفت الرائد خبير الدكتور المهندس محمد علي القاسم، رئيس قسم الهندسة الجنائية في الإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة في شرطة دبي، إلى أن السيارات الكهربائية تعتبر أكثر أماناً إلا أنه يمكن أن يتسرب الغاز من السيارات الأخرى المتوقفة كما أنه يجب الحذر من النوم أو التواجد فترة طويلة داخل المركبة بسبب ارتفاع درجة حرارة الجو والذي قد يؤدي إلى الانهاك الحراري.

منوهاً إلى أن غاز أول أكسيد الكربون ينتج عن احتراق الوقود أياً كان مصدره، كالفحم والحطب والبلاستيك وغيره، وإذا ما كانت عملية الاحتراق داخل مكان مغلق دون تهوية، فإن كمية الغاز ستزداد تدريجياً، وتطغى على كمية الأكسجين، ولن يتمكن الأفراد الموجودون في المكان المغلق من معرفة ذلك، لأن الغاز لا لون له ولا طعم ولا رائحة.

أعراض

وقالت مريم طارش المنصوري المدير الطبي بمؤسسة دبي لخدمات الإسعاف إن أول أكسيد الكربون أو المسمى بـ«القاتل الصامت» لكونه غازاً عديم اللون والرائحة لاستنشاقه أعراض ظاهرة كالقيء والدوار والإعياء والوهن وقد يسبب الوفاة، لذا فإن المسعفين في المؤسسة مدربون على التعامل مع تلك الحالات.

وفي حال ورود بلاغ عن حالة مشابهة ينتقل المسعفون للمكان لتقديم العلاج والإسعافات الأولية اللازمة، وفي الحقيقة هناك درجات للتسمم بأول أكسيد الكربون فهناك الخفيف حيث يوضع المريض في وضعية الإفاقة ويتم قياس علاماته الحيوية ويتم إمداده بالأكسجين والمحاليل ويتم نقله إلى أقرب مستشفى لتلقي العلاج.

وأكدت المنصوري ضرورة توعية أفراد المجتمع بخطورة أول أكسيد الكربون وأن بعض الممارسات الخاطئة قد تعرضهم لخطر الموت أو الاختناق وأن الالتزام بتعليمات السلامة والتأكد من وجود تهوية في الأماكن المغلقة وتركيب أجهزة الكشف عن الغازات السامة وصيانة أجهزة التكييف أو التدفئة بشكل دوري قد تجنبهم حوادث الاختناق.

علامات

وأشار أطباء إلى أن أعراض التسمم من جراء أول أكسيد الكربون تشمل الصداع، ضيق التنفس، والغثيان، والقيء، والانهيار، وفقدان الوعي، الدوار، والتقيؤ وفقدان كامل للوعي .

حيث أوضح الدكتور طارق إبراهيم رئيس القسم وأخصائي طب الطوارئ في مستشفى ان ام سي التخصصي بالعين أن التسمم بغاز أول أكسيد الكربون من الأمور المهددة للحياة، حيث يحدث التسمم نتيجة استنشاق الأبخرة المنبعثة من الاحتراق، مشيراً إلى أن خطورته تكمن في عدم وجود علامات واضحة للتشخيص.

مخاطر

 

ويرى الدكتور ديب بهاتاشاريا من المستشفى الكندي بدبي أن هذا الغاز عديم اللون والرائحة والمذاق يحمل مخاطر جسيمة والخلل أن لا يدركوا ذلك.

موضحاً أن الغاز بعد استنشاقه يرتبط بالهيموجلوبين في خلايا الدم الحمراء، ما يمنع الأكسجين من الوصول إلى الأنسجة والأعضاء الحيوية ما يؤدي إلى أعراض حادة تتراوح بين الصداع والدوخة والغثيان والضعف والارتباك وسرعة ضربات القلب إلى فقدان الوعي وحتى الموت في الحالات الشديدة.

وأفاد أن تأثيرات استنشاق أول أكسيد الكربون في السيارات خطيرة بشكل خاص على السائقين، يمكن أن يؤدي التعرض لهذا الغاز إلى ضعف البصر وفقدان التركيز، خاصة في السيارات القديمة والتي لا تخضع للصيانة الدورية، أو إذا كانت السيارة في مكان مغلق مثل المرآب، بحيث يمكن أن يتراكم أول أكسيد الكربون بسرعة، مما يشكل خطراً على السائق والركاب أيضاً.

ونبه إلى أنه قد يتسبب التعرض المستمر لأول أكسيد الكربون في السيارة أيضاً في مشاكل صحية طويلة المدى، بما في ذلك مشاكل في القلب والجهاز العصبي.

سائق يموت اختناقاً

أكد الرائد خبير الدكتور المهندس محمد علي القاسم، رئيس قسم الهندسة الجنائية في الإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة في شرطة دبي، أنه ضمن الحالات المسجلة التي تبين أن سبب الوفاة فيها استنشاق غاز أول أكسيد الكربون، سائق كان ينتظر خروج إحدى السيدات التي يعمل لديها من المركز التجاري وفقاً لطبيعة عمله.

حيث قام بتشغيل المركبة والتكييف وإغلاق النوافذ، ونام على المقعد، إلا أنه عند عودة السيدة إلى السيارة بعد التسوق وجدته فارق الحياة، وبين الفحص والتحقيقات أن سبب الوفاة استنشاق غاز أول أكسيد الكربون، داعياً إلى الحذر من هذا الأمر ومنع الوجود أو النوم في المركبة حال التشغيل لفترات تزيد على 20 دقيقة، خصوصاً في ظل ارتفاع درجة الحرارة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الأكثر مشاركة