محادثاتها بالعربية وحروفها بالأجنبية وتطال برامج الدراسة

«الفرانكو أراب» وسيلة تواصل بين الطلبة تهمّش لغة الضاد

ت + ت - الحجم الطبيعي

انتشرت ما تسمى «الفرانكو أراب» بين طلبة المدارس في المحادثات في ما بينهم، سواء في استخدام برامج الدراسة، عبر المنصات الرقمية أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو في الألعاب الإلكترونية، ما أثار فضول الهيئات التعليمية والتربويين، للوقوف على أسباب الانتشار، وكيفية التصدي لهذه الظاهرة، من خلال القيام بتوعية الطلبة.

وحض أولياء أمورهم على متابعة وتوجيه أبنائهم نحو استخدام اللغة العربية. و«الفرانكو أراب» هي «لغة» تواصل مستحدثة إنجليزية الكتابة، وعربية النطق، وتستخدم الحروف مع الأرقام الإنجليزية لتوضيح النطق لمتحدثي تلك «اللغة».

ويعرف أنها ظهرت مع ظهور الألعاب الإلكترونية، ومن أوائل مستخدميها ممارسو هذه الألعاب لعدم إتاحة اللغة العربية،عبر تطبيقات الألعاب، وذلك منذ سنوات، حتى انتشرت واجتاحت معظم المنصات الرقمية.

وأكد معلمون أنهم لا يستطيعون فك شفرات هذه «اللغة المبتدعة» والمستخدمة، لذلك حرصوا على توجيه الطلبة بشكل دائماً لاستخدام اللغة العربية في التواصل، لتعزيز مفهوم انتشارها، والتغلب على تلك الممارسات، وفي السياق ذاته أكد أولياء الأمور أنهم يشاهدون أبناءهم يستخدمونها، وحاولوا الوقوف على رموزها لفك الكلمات، ولكنهم يعانون بشكل كبير في فهمها.

6 توجهات

واعتبر محمود بكري رئيس قسم اللغة العربية في مدرسة المعارف أن «الفرانكو أراب» واحدة من الظواهر الغريبة لدى مجموعة كبيرة من الطلبة، وهي تمثل مسخاً من لغات الخطاب.

حيث تكتب الكلمات بلفظها العربي، لكن باستخدام حروف وأرقام إنجليزية، وكان لزاماً على المؤسسات التعليمية، وأقسام اللغة العربية، وجميع المعنيين باللغة التصدي لهذه الظاهرة، وإن كان العبء الأكبر يقع على عاتق معلمي اللغة العربية، لدورهم في سد الفجوة بين الطلاب ولغتهم العربية، من خلال 6 توجهات، منها ربط الطلبة بهويتهم العربية والثقافية، حتى يدركوا قيمة اللغة العربية وأهميتها.

وتدريب الطلاب على استخدام اللغة، وليس مجرد حفظ القواعد والموضوعات من أجل الامتحان، بمعنى أن تدرس اللغة كونها لغة، وليست كونها مادة فقط، بالإضافة إلى دمج الطلبة مع اللغة العربية، من خلال مهاراتها الأربع (القراءة، والكتابة، والاستماع، والتحدث).

وأكد شبكري أهمية تقريب اللغة العربية بألفاظها السهلة للنشء، بعيداً عن الألفاظ المتقعرة، إلى جانب عرض النماذج، التي تظهر جمال اللغة العربية من قصائد شعرية، ونماذج نثرية عذبة، حتى يتسنى لهم إدراك مواطن الجمال فيها، والتوسع في المشاركة في المبادرات، التي تعنى بمهارات اللغة العربية مثل: مبادرة تحدي القراءة العربي، وشهر القراءة.

وأضاف: إن مثل هذه الظواهر تعد مسؤولية مجتمعية، فالنشء كالقطار المندفع، الذي يحتاج لقيادة ماهرة حتى يستمر في السير في الطريق السليم، وعدم الخروج عن القضبان.

سلبيات ونصائح

وقال أحمد صيام معلم في مدرسة جيمس الدولية الخاصة فرع الخيل: إن استخدام «لغة الفرانكو» أو «الفرانكو أراب»- كما يسميها البعض- ظاهرة منتشرة بين طلاب وطالبات هذا الجيل.

وهي باختصار التواصل في الرسائل النصية أو غيرها عن طريق استخدام حروف اللغة الإنجليزية أو اللاتينية لكتابة كلمات عربية أو إيصال معناها إلى القارئ، لها العديد من النتائج السلبية، أهمها أن الكاتب يفقد العديد من مهارات التواصل الكتابية المكتسبة في اللغة العربية، ناهيك عن ركاكة المعنى وندرة الجماليات.

وأضاف: «إن هذه اللغة أو الطريقة المستحدثة في الكتابة لا تخضع لأية قواعد نحوية أو إملائية، وهو أمر يسهم في إضعاف لغتنا العربية، والتي نحرص على إعادة مكانتها المعهودة في نفوس أبنائنا الطلبة».

ونصح صيام الطلاب بأن يقوموا بكتابة الكلمات باستخدام اللغة العربية، وبذلك تتطور اللغة لديهم، وتفعيل خاصية التصحيح الآلي في جهاز الكمبيوتر أو الهاتف المحمول، وهي خاصية تساعد على تفادي العديد من الأخطاء الإملائية، وإضافة بعض التعبيرات الجمالية في الكتابة، وهو أمر يصعب إيجاده في اللغات الأخرى، كما أنه يضيف الكثير من المتعة أثناء كتابة المحتوى العربي.

وأشارت الدكتورة مروة علي مهيأ رئيس قسم اللغة العربية في مدرسة «جى اس اس الخاصة» إلى أهمية تنفيذ ورش التوعية للطلبة في المدارس، والتعريف بأهمية اعتماد اللغة العربية لغة تواصل بين الطلبة، من أجل تعزيز انتشارها.

لذا وجب التنبيه والتوجيه بعدم استخدام «الفرانكوا أراب» داخل المؤسسة التعليمية عبر أجهزة الحاسوب، إلى جانب توعيتهم بعدم استخدامها خارج المدرسة أو في مواقع التواصل، والحفاظ على اللغة العربية، وقال: إنه عندما يتعلم الطلبة غير الناطقين بها اللغة العربية الفصحي يجعلونها لغة تواصل، خلال حصص اللغة العربية، ويتباهون بتعلمها، ويمارسونها في حياتهم اليومية.

من جهته، قال علاء الدين صلاح أحمد علي مساعد مدير ومدرب تعليمي في مجموعة جيمس: إن اللغة العربية لغة القرآن الكريم اللغة الخالدة، التي تحتل مكانة مميزة بين لغات العالم، لما تتميز به من غنى معانيها ومفرداتها وبيانها، فلا بد من الحفاظ عليها، وهذا يعد مسؤولية مشتركة بين الأسرة ومؤسسات التعليم.

وأكد علاء الدين علي أن الأسرة الركيزة الأساسية في تعليم اللغة العربية، تليها المدرسة فالمجتمع، لذا لا بد من تشجيع النشء الجديد على التحدث بفصاحة، والتشجيع والتعزيز على استخدام اللغة العربية، وجعلها اللغة الأولى للتواصل بين الأسرة والأصدقاء.

وفي الحياة العامة كتابة أو عبر الهواتف، وشبكات التواصل الاجتماعي والإنترنت، ولا بد للمدرسة أيضاً من تشجيع الطلاب عبر مسابقات الإملاء والإنشاء والكتابة الإبداعية والإلقاء.ودعا جميع المؤسسات التعليمية إلى الاهتمام والاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، واعتباره يوماً مميزاً، مشيراً إلى أنه يطبق كل ما سبق على طلابه.

تفاخر

اعتبرت المستشارة التربوية والنفسية د.ميساء عبدالله أن الشباب والمراهقين يستخدمون «الإنجليزي المعرّب» للتباهي والتفاخر، ويبذلون مجهوداً حتى يتعلموها بالشكل الصحيح، واتخذوا من سرعة كتابتها مقياساً للريادة في استخدامها في ما بينهم، ويستخدمونها «لغة مشفرة» في ما بينهم، اعتقاداً منهم بعدم فهم المحيطين بهم لكتابتها وقراءتها، لكيلا تنكشف أسرارهم، وهذا يجعلهم أكثر حرية.

لذلك وجب على أولياء الأمور مواجهة بعض من الممارسات غير المرغوب فيها، التي يقتبسها بعض الطلبة بتحوير لغة الكلام السليمة إلى لهجات غير مفهومة، لغرض تلبية حاجات وأغراض، تعبر عن رغباتهم بطرق غير صحيحة.

وأكدت د.ميساء عبدالله أهمية تعريفهم بأهمية اللغة العربية، وضرورة التمسك بها في التواصل والتفاهم مع المجتمع، وتوضيح دور اللغة العربية واستخدامها في نقاشاتنا وحواراتنا، من أجل تطور مهارات التعبير والتحدث بطريقة مرموقة، والابتعاد عن كل الممارسات الدخيلة على مجتمعنا العربي.

Email