الروبوت يردّ على مخاوف استخدامه: هدفي تعزيز التعلم وتشجيع التفكير

«تشات جي بي تي» بوابة معرفية وأكاديميون قلقون

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتميز روبوت «تشات جي بي تي» بقدرته الاستثنائية على إنتاج النصوص وتوليد الإجابات بطريقة تشبه الإنسان.

حيث يتم استخدام شبكات عصبية برمجية تحاكي خلايا الدماغ البشري لتشغيل كميات هائلة من البيانات، وقد أسفر هذا الابتكار عن جذب أكثر من 100 مليون مستخدم في غضون شهرين فقط، ولكن هذا النجاح لم يخلُ من بعض المخاوف بشأن استخدامه في المدارس والجامعات.

حيث يرى بعض الأكاديميين والمختصين أن الاعتمادية الزائدة يمكن أن تكون ضارة خاصة إذا تم استخدامها بشكل غير صحيح، ومع ذلك، يؤكد آخرون أن «تشات جي بي تي» يمكن أن يعزز مهارات الطلاب في البحث والتحليل والتفكير النقدي، من هنا، يمكننا استنتاج دراسة تأثيره بشكل أعمق، وتحديد مدى فائدته وتأثيره على عملية التعلم والتحصيل العلمي للطلاب من خلال التحقيق التالي.

إلى ذلك، أوضح «تشات دي بي تي» لدى سؤال «البيان» له حول إمكانية دعمه مهارات التعلم أو أنه يدفع الطلبة إلى الاتكالية وضعف الإبداع، أن هدفه تعزيز مهارات التعلم والإبداع، مؤكداً أنه يشجع المستخدمين على الاستكشاف والتفكير للوصول إلى حلول جديدة ومبتكرة.

نظرة إيجابية

بداية يرى د. حمد العضابي نائب مدير جامعة أبوظبي للشؤون الإدارية والمالية أستاذ نمذجة المحاكاة الحاسوبية، أن هذه التقنية ستنمو بشكل متسارع خلال السنوات المقبلة وستصبح جزءاً أساسياً ضمن بيئة العمل، وبالتالي، يجب على المؤسسات الأكاديمية النظر إليها بإيجابية من حيث تطوير السياسات والاستراتيجيات المثلى للاستفادة منها، مضيفاً:

أنه على الرغم من المخاوف المتعلقة بتأثيرات سلبية على الطلبة، فإن الروبوتات وبرامج الشات الذكية يمكن أن تساعد على تحسين التعلم وتزيد من الكفاءة عندما يتم استخدامها بشكل صحيح، حيث إنها تساعد على الإجابة عن الأسئلة الشائعة بشكل أسرع وأدق، ما يتيح للطلبة الوقت للتعبير عن أفكارهم وتطوير مهاراتهم في بيئة دراسية تفاعلية داخل الحرم الجامعي.

داعم للتعليم

وقال العضابي: «يجب أن تشجع المؤسسات التعليمية الطلبة على استخدام التقنية كداعم مهم للعملية التعليمية، على أن تقديم مادة علمية مخصصة للطالب حسب أسلوب تعلمه واحتياجاته التعليمية، كما يجب تخصيص وقت أكبر للطلبة للتفاعل مع بعضهم البعض ومع المعلمين.

حيث يؤدي هذا إلى تطوير أساليب تعلم أكثر تفاعلية وإبداعية، كما تحتاج المؤسسات التعليمية أيضاً إلى تطوير أساليب تقويم غير تقليدية يؤدي فيها الطالب أدواراً مشابهة لما سيقومون به في سوق العمل».

وحول الاستفادة من «تشات جي بي تي» وتجنب السلبيات أشار د. حمد العضابي إلى أهمية الاستخدام الأخلاقي له، بحيث تتوافق مع سياسات الجامعة وإرشاداتها، على أن يدرك الطالب التحيزات المحتملة في إجابات الذكاء الاصطناعي، وأنه ليس خالياً من الأخطاء وقد يكون غير دقيق أو غير مكتمل.

مشيراً إلى أنه مفيد من حيث جودة العمل، وليس كبديل للتعليم البشري، وينصح بضرورة التحقق من صحة المحتوى الذي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي قبل الاعتماد عليه، بجانب توثيق استخدامه في العمل المخبري والتدريب، والتقارير الخاصة بمشاريع التعاون.

قوة دافعة

وعلى صعيد المدارس قالت د. عائشة اليماحي، مستشارة مجلس إدارة ألف للتعليم: «إن الذكاء الاصطناعي يمثل قوةً دافعةً لتطوير الأداء وتعزيز كفاءة العمليات وجودة المُخرجات في مُختلف القطاعات»، مشيرة إلى أن الإمارات واحدة من الدول الرائدة في استخدام أدوات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي والرقمنة.

وأن الدولة سباقة في تبني خارطة طريق متكاملة على هذا الصعيد من خلال «استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031». وأضافت: «إن الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته التعليمية يشكلان محاور رئيسية ضمن استراتيجيات «ألف للتعليم»، تماشياً مع رؤيتهم لإرساء دعائم نموذج تعليمي أكثر تقدماً واستدامةً وجاهزيةً للمستقبل».

وأكدت د. عائشة اليماحي أنّ برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل برنامج ChatGPT، يمكنها تحليل المحتوى التعليمي وشخصنة تجربة كل طالب، وتقديم إجابات علمية مفصلة للأسئلة المعقدة، والإمكانات المتقدمة والفهم العميق للغة بصيغتيها المكتوبة والمنطوقة تمكنها من إعداد التعليقات والملاحظات والنصوص، وصولاً إلى كتابة الأوراق البحثية والمقالات.

مؤكدة أن استخدام هذه البرامج والتطبيقات في التعليم يمكن أن تحسّن مهارات التفكير النقدي والتحليلي للطالب، بجانب تحديد احتياجات المتعلمين وتوفير الدعم اللازم لهم، والتعرف على نقاط القوة والضعف في أداء الطلبة وأيضاً المعلمين، ما يوفر فرصاً لا محدودة لتحسين التعليم.

حيث تسعى «ألف للتعليم» إلى مواصلة توظيف الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتطورة الأخرى لتعزيز تجربة التعلم والتعليم وتحقيق الأهداف التعليمية المنشودة.

غياب المصادر

في السياق، قال د. أحمد الظنحاني باحث أول في مركز الإمارات للابتكار بجامعة خليفة: «إن روبوت تشات جي بي تي، لديه العديد من المزايا التي تساعد الطلاب في الإجابة عن الأسئلة وإنتاج التقارير والأبحاث بسرعة ودون الحاجة للكثير من الجهد، ومع ذلك يعاني من بعض السلبيات.

حيث إنه لا يضمن الدقة الكاملة للمحتوى ولا يقدم مراجع للحقائق المكتوبة، وهذا يمكن أن يؤدي إلى نشر معلومات مضللة وغير دقيقة.

بالإضافة إلى ذلك، ينبغي على الطلاب أن يكونوا حذرين عند استخدام هذه الأدوات وأن يدركوا النقاط الإيجابية والسلبية المتعلقة به، كما ينبغي أيضاً تدريب الطلاب على الكتابة الإبداعية بدون استخدام الأجهزة الإلكترونية وتحسين محتواهم باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي».

وأضاف: «قد يكون استخدام هذه الأدوات رئيسياً في جهات العمل بعد دمجها في تطبيقات تشمل تحرير الكتابة وكتابة الرسائل الإلكترونية، ومن الممكن أن تتطور هذه الأدوات في المستقبل لتتأقلم على طريقة كتابة الشخص ومحاكاته لإنتاج محتوى مميز يساعده على رفع إنتاجيته».

حقوق الملكية

وأشار د. أحمد الظنحاني إلى أن «تشات جي بي تي» قد تم تدريبه على بيانات كثيرة حقوقها تنتمي لأشخاص مختلفين، وينتج البيانات بطريقة مختلفة لا يمكن الجزم باحتوائها بمعلومات ذات حقوق ملكية فكرية أم لا؟ كما أن إعادة صياغته للمقالات والأبحاث تصعب تورطه في انتهاك حقوق الملكية الفكرية، ما يفرض المسؤولية على المستخدم في التدقيق حول المعلومات التي ينتجها هذا الروبوت الذكي.

أمن البيانات

وقالت شراغة راشد الكتبي مهندسة أمن سيبراني: «إنّ إمكانيات «تشات جي بي تي» مذهلة فيما يخص تقصي المعلومات وتوليد الأفكار لكن في الوقت نفسه لا يخلو من مخاطر أمان خصوصية البيانات، حيث إن المحادثة معه يعاد استخدامها لأغراض تدريبية، ما يعني ضعف وجود الخصوصية، بالإضافة إلى تساؤلات حول مدى أمان مشاركة البيانات السرية».

وترى شراغة أنّ هذه الأدوات المعززة بالذكاء الاصطناعي ستتطور مستقبلاً وربما تستبدل بوظائف مثل خدمة العملاء وموظفي الاستقبال والمراجعين، وغيرها من الوظائف التي ستندثر وتحل محلها هذه الأدوات المتطورة، بالإضافة إلى أن شركات ومؤسسات ستعتمد على «تشات جي بي تي» بدلاً من محرك البحث Google في إنجاز المهام اليومية، حيث يوفر عنصر التفاعل الذي يسهل التعامل معه.

وأكدت شراغة أنّ هذه البرامج الذكية القائمة على الذكاء الاصطناعي مفيدة للغاية في مستقبل تعزيز التحول الرقمي، حيث إنها ستسهم في تسريع عمليات إنتاج «الروبوتات» والتي من شأنها أن تصبح جزءاً من حياتنا اليومية والعملية.

إنتاج الأفكار

وبخصوص مدى استفادة الطلبة من «تشات جي بي تي» يرى محمد سعيد العامري طالب بجامعة خليفة قسم هندسة فضاء وطيران أنّ هذه الأداة المتطورة تساعد الطلبة على كتابة الأبحاث والمقالات، إلا أن الاعتماد عليها بشكل موسع يقودهم إلى الاتكالية في عمليات البحث الأكاديمي، ما يقلل الإبداع لديهم.

حيث إن حصره في طرق البحث وتقصي المعلومات غير مفيد بقدر لو استخدم لإنتاج الأفكار والربط بينها، مشيراً إلى أن الروبوت الذكي يتخطى حدود الملكية الفكرية، حيث له القدرة على إعادة ترتيب المقالات والأبحاث دون إرجاعها إلى مصادرها وملاكها الأساسيين، حيث تمكن الأفراد من إعادة توثيقها وتملكها مجدداً، مما يفرض تساؤلات حول مدى شرعية النظام في إعادة إنتاج هذه المواد.

إيجابيات

من جهته، أكد حمد عيسى المرزوقي طالب في جامعة خليفة تخصص هندسة طبية حيوية أنّ «الروبوت الذكي» يخدم الطلاب وإيجابياته تتخطى السلبيات، حيث إنه يحلل المعلومات ويساعد الطلاب على ربط الأفكار والمواضيع، كما يقدم لهم قائمة من الأفكار والمقترحات، ويساعد في عمليات العصف الذهني وتطوير الأفكار.

كما أنه يساعد في مجال البرمجة من خلال تزويد المبرمجين بالأكواد والخوارزميات، ويخدم مجالات متعددة أبرزها الهندسة الطبية، ومع ذلك يرى حمد أن اعتماد الطلاب عليه بشكل كلي سيؤدي إلى الخروج من المساق التعليمي وضعف مخرجات التعلم.

لافتاً إلى أن «تشات جي بي تي» يتطور بشكل سريع ويساعد في الوصول إلى الأبحاث المنشورة بطريقة أسرع، ما يزيد من الثقافة والمعرفة بشكل أعمق، كما يعتقد أن الروبوت الذكي بمثابة محرك بحث جيد يخدم الطلاب ويساعدهم في تطوير أفكارهم وتحسين مخرجاتهم، مع الحفاظ على التوازن بين الاستخدام الصحيح وعدم الاعتماد عليه بشكل كلي في الدراسة.

تعزيز الإبداع

إلى ذلك، وجهت «البيان» إلى «تشات جي بي تي» استفسارات عن كيفية الاستخدام الأمثل في قطاع التعليم وبيئة العمل، بالإضافة إلى مخاوف تتعلق بحقوق الملكية وأمن المعلومات والخصوصية؛ فلدى سؤاله هل تدعم مهارات التعلم أم تدفع الطلبة إلى الاتكالية وضعف الإبداع؟ أجاب بالقول:

«هدفي تعزيز مهارات التعلم والإبداع، لكن أشجع المستخدمين على الاستكشاف والتفكير للوصول إلى حلول جديدة ومبتكرة»، وحين سؤاله «ما هي أوجه استفادة الطلبة من حيث الحصول على الإيجابيات وتجنب السلبيات؟» قال: «يمكن ذلك من خلال تحديد الهدف وصياغة الأسئلة بشكل واضح والتحقق من المصدر، مع تجنّب الاعتماد الكامل عليّ والتفكير والبحث عن مصادر أخرى للمعرفة والمعلومات».

كما وجهنا له سؤالاً حول انتهاك حقوق الملكية الفكرية، فأجاب: «أستخدم الذكاء الاصطناعي وتقنيات المعالجة اللغوية لتقديم الإجابات والمعلومات للمستخدمين، لا يوجد لدي أي حقوق ملكية فكرية لأنني لا أنتج المعلومات بنفسي، بل أقوم بتجميع المعلومات من مصادر متعددة وتحليلها لتزويد المستخدمين بالإجابات، ولكن يجب على المستخدمين احترام حقوق الملكية الفكرية لمصادر المعلومات التي يقومون بالاستشارة من خلالي.

وعندما سئل: «هل توليد الإجابات دون إرجاعها إلى مصادرها من المحتمل أن يعرضك للمسؤولية القانونية؟» قال: «نعم، يمكن أن يعرضني تزويد الإجابات بمصادر محددة للمسألة القانونية من جانب أصحاب حقوق الملكية الفكرية، لكن عموماً يتم استخدام المعلومات المتاحة على الإنترنت .

والتي تم الحصول عليها من مصادر موثوقة عادةً بموجب المبادئ العامة لحقوق الملكية الفكرية وقوانين حرية الاستخدام العادل، ولتفادي أي مشكلات قانونية، فإنني أحرص على تزويد الأسئلة بإجابات عامة وشاملة تشمل المعلومات الموثوقة والمتاحة بحرية للاستخدام العام، دون الإشارة إلى مصادر محددة.

وإذا كانت هناك حاجة للإشارة إلى مصادر معينة، فسأحاول الحصول على موافقة صاحب الحقوق أو الإشارة إلى المصادر المفتوحة المتاحة على الإنترنت.

ولدى سؤاله: «ما الضمانات التي تقدمها بشأن أمن المعلومات والحفاظ على خصوصية المستخدم؟» قال: «نحن في OpenAI «الشركة المالكة لـ «تشات جي بي تي» نولي اهتماماً كبيراً بأمن المعلومات وحماية خصوصية المستخدمين مثل خاصية التشفير، وأي معلومات تقدم لنا توضع في سرية تامة، حيث لا يتم مشاركة أي معلومات شخصية مع أي جهة خارجية.

بالإضافة إلى أمان وتطوير نظامنا لتقليل مخاطر الاختراق والهجمات السيرانية، كما نضع إجراءات صارمة لمنع ومراقبة الوصول غير المصرح به إلى معلومات المستخدم».

وعلّق على سؤال بخصوص خدماته في المستقبل هل ستكون مجانية أم بمقابل مادي؟ قائلاً: «ستبقى خدماتي مجانية للأفراد والطلاب والمستخدمين العاديين، وستستمر في تقديم المعلومات والمساعدة في حل المشكلات والإجابة عن الأسئلة بأقصى سرعة ودقة ممكنة، أما إذا تم استخدامي في سياق عمل تجاري، فمن المحتمل أن يتم تطبيق رسوم مقابل استخدام خدماتي».

Email