دعوة لتعزيز الرقابة الأسرية.. وجهود إماراتية مستمرة لحماية حقوق النشء

«المحتوى غير اللائق» خطر رقمي يتربص ببراءة الأطفال

ت + ت - الحجم الطبيعي

يكتسب الأبناء العديد من الأفكار والسلوكيات والعادات من خلال اطلاعهم على محتويات العالم الرقمي.

إلا أن البعض يقع فريسة لصانعي محتوى سيئين يتلاعبون بأفكارهم ويؤثرون على سلوكياتهم، فمنهم من يقدم محتوى خادشاً للحياء أو خارجاً عن الآداب العامة، أو ينشر أفكاراً تهدد حاضرهم ومستقبلهم ويغرس عادات تهدر وقتهم وتستنزف طاقتهم ولا تتناسب مع أخلاق مجتمعنا.

«البيان» سلطت الضوء على دور رقابة الأسرة والمدرسة كسياج وحصن منيع ضد كل ما هو ضار، وكذلك الجهود اللافتة التي تبذلها الأجهزة الرقابية في التصدي لصانع المحتوى الرديء والهدام حفاظاً على سلامة المجتمع.

كما أكد اختصاصيون أنه لا بد من التعامل مع وسائل التكنولوجيا بما يتناسب مع ثقافتنا وعاداتنا، فيما شدد أولياء أمور على ضرورة تزويد الأبناء بالأدوات العلمية ليكونوا فاعلين وقادرين على التمييز.

أوضحت فاطمة الراشدي، رئيس قسم الوقاية والتوعية والإرشاد بمركز وزارة الداخلية لحماية الطفل، أن المركز يبذل جهوداً جبارة لحماية وصون حقوق الطفل، في إطار جهود الإمارات المستمرة في حماية وصون حقوق الطفل، من خلال القوانين والتشريعات مثل قانون «وديمة».

كما يحرص المركز على التعاون والتكاتف مع كل الجهات والمؤسسات والمنظمات المحلية والإقليمية والدولية لتعزيز تكامل الجهود، في سبيل حمايته من المحتوى الرقمي غير اللائق، والذي يشكل تهديداً لهوية أجيال المستقبل، وبما يقدمه من أفكار متطرفة وعنيفة وسلوكيات سلبية.

مشيرة إلى وجود وحدات تنظيمية تختص بالحماية الرقمية ونشر الوعي والإرشاد للأطفال وكيفية حماية أنفسهم، وأيضاً القائمين على رعايتهم، والمعنيين بالمجال التقني والتكنولوجي ومقدمي الخدمات بمنصات التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية الصحية للأطفال.

وأشارت الراشدي إلى أبرز الجهود والمبادرات لتعزيز الدور الرقابي لمركز وزارة الداخلية لحماية الطفل مثل خدمة نداء بالشراكة مع «فيسبوك»، وتعتبر هذه الخدمة الأولى من نوعها في المنطقة والشرق الأوسط ضمن منظومة ذكية تستهدف تفعيل المسؤولية المجتمعية، بالإضافة إلى الانضمام إلى عضوية القوة الافتراضية العالمية VGT.

والعمل ضمن فريق عمل دولي من أجل حماية أطفالنا من الإساءة والاستغلال عبر الإنترنت، بجانب التعاون الأمني مع منظمة الشرطة الدولية الإنتربول INTERPOL والربط مع قواعد البيانات الدولية والتنسيق الدائم للعمل الوطني والعالمي للقضاء على الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت، بجانب إطلاق برنامج خاص بتدريب اختصاصيي حماية الطفل.

تكنولوجيا

بدورها، قالت د. منار أحمد ديب أخصائي تنمية بشرية: إن معظم احتياجات الإنسان يتم قضاؤها بواسطة وسائط التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي وهذه أدوات عالمنا المعاصر ولا غنى عنها، فهي لم تعد نوعاً من أنواع الترف، فعلينا أن نتعامل مع الواقع ونستوعبه ونتوافق معه.

حيث نستثمره ونوظفه ليلبي احتياجاتنا ومن خلاله نتمكن من التواصل مع هذا العالم ونصبح جزءاً فعالاً، وبما يتناسب مع ثقافتنا وعاداتنا وأخلاقنا، دون أن نتجاهل أهم معطيات العصر وأهم المخاطر التي تتربص بنا وبأطفالنا، وأبرزها استقبال محتوى ضار عبر مؤثري «السوشيال ميديا».

حيث أصبحت حماية الطفل والمراهقين مسؤولية الأسرة والمدرسة والمجتمع. وأضافت: «ينبغي تسليح أبنائنا بالمعرفة والوعي وتحصينهم نفسياً ومعنوياً وأخلاقياً وإنسانياً للوقاية من أخطار قد يتعرضون لها ومنع الضرر والإيذاء الجسدي والنفسي».

تواصل

وأشارت إلى أن الأطفال والمراهقين قد يتعرضون إلى الكثير من السلبية واكتساب عادات غريبة عن مجتمعنا من خلال إدمانهم لوسائل التواصل الاجتماعي.

حيث تسيطر على أفكارهم وتستنزف وقتهم وطاقتهم وهذه المواقف السيئة في هذه الظروف تتطلب وجود دور توعوي وبرنامج إرشادي متكامل على مستوى وزارة التربية والتعليم يتم من خلالها تدريب المرشدين انسجاماً مع ما هو موجود بالبروتوكول الصحي والأمني الإلكتروني، ومضيفة أن الإرشاد التربوي يكمن في التعامل مع مراحل عمرية مختلفة،.

ورفع وعيهم بالإنترنت الإيجابي والسلبي في النواحي الشخصية والنفسية والاجتماعية والعقلية.

وقاية

وأكد أولياء الأمور قاسم محمد، ومحمد سعيد الصعيري، وأحمد الحوسني، أن عالم الإنترنت أصبح واقعاً لا يمكن الابتعاد عنه أو تجاهله، أو حجبه، ولا يمكن أن نربي أبناءنا بمعزل عن العالم وما يفرضه من التقدم العلمي في جميع مناحي الحياة والأخذ بمسببات التطور والعلم.

والاعتراف بمسؤوليتهم عن ظروف حياتهم، لافتين إلى أهمية تزويدهم بالأدوات العلمية والعملية اللازمة ليكونوا واعين وقادرين على التمييز والتعامل مع المواقف السلبية بكفاءة ومهارة، مما يجعلهم أكثر عمقاً بعالم الإنترنت وليدركوا الأسباب الكامنة وراء السلوك الضار لبعض البرامج ويعملوا على تجنبها.

وأشاروا إلى وسائل الوقاية من الضرر وأبرزها التقرب من الأبناء فكرياً وعاطفياً وإشعارهم دائماً بأنهم خلفهم ضد أي عدوان يستهدف طفولتهم وعدم نهرهم عند الخطأ بل تقبل الأمر وإبداء النصائح اللازمة.

بالإضافة إلى التعرف والرقابة على المحتوى الذي يستهوي الطفل والبحث في السيرة الذاتية وأرشيف مقدم المحتوى للتعرف على مدى جودة محتواه من عدمه، مع فتح نقاش مع الأبناء حول القضايا والمواضيع التي تستهويهم ومناقشتها في إطار وسطي تحكمه الأفكار المعتدلة وتغلفه العادات والتقاليد الحميدة.

المدرسة

وحول دور المدرسة، أوضحت سلمى عيد، مديرة مدرسة نبراس الإيمان، أن وسائل التواصل الاجتماعي تجذب فئة الأطفال والمراهقين بشكل كبير، حيث تسهل التواصل بين الأفراد والمجموعات، خصوصاً ممن لديهم مشكلة في الاندماج المجتمعي أو أسباب تمنعهم من التواصل العادي.

لكن للأسف بعض رواد التواصل يقدمون محتوى لا يناسب ثقافتنا ولا الطريقة التي ترغب في تنشئة أبنائنا عليها، ولذلك يترتب على الأهل دور كبير في مساعدة الأبناء في مواجهة هذه المخاطر وشرحها بشكل واضح.

وأشارت إلى دور المدرسة التوجيهي في شرح المخاطر وعرض أفلام فيديو للتوجيه، بالإضافة إلى استضافة الشرطة لعرض محاضرات يتفاعل معها الطلبة بجانب ربط الأجهزة الذكية للطلبة ببرامج حماية خلال تواجدهم في المدرسة، ولضمان عدم استخدام وسائل التواصل خلال اليوم الدراسي.

وحول الدعم النفسي، قالت الشيماء أحمد الزيدي أخصائية نفسية بمدرسة الإمارات الخاصة: إن الأطفال يعيشون مواقف عبر الإنترنت تختلف تماماً عن الواقع الذي يعيشونه من حيث الثقافات والعادات والتقاليد، مما يؤثر بشكل كبير في بناء شخصيتهم وفهم القيم والمبادئ العامة للمجتمع الذي يعيشون فيه، وهذا بدوره يعد خطراً كبيراً يهدد حياة أطفالنا النفسية والاجتماعية.

لذلك كان لزاماً إيجاد حلول مناسبة وفعالة في الحد من سلبيات استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

وأضافت: يعتبر دور الأسرة هو الأول والأهم في الرقابة والتوجيه والإرشاد المستمر للأطفال عن كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل آمن وفعال، وذلك من خلال وضع قواعد وقوانين للاستخدام الأمثل الذي يشمل التواصل مع الآخرين والترفيه بشكل فردي، مع مراعاة الاعتدال والوسطية في وضع هذه القوانين.

حيث يجب إشراكهم في هذه العملية على حسب ما يتناسب مع أعمارهم المختلفة، مما يزيد من ثقة الطفل في ذاته وقدرته على اتخاذ القرارات الصائبة بشكل جيد.

إرشاد

أشارت الشيماء أحمد الزيدي، أخصائية نفسية، إلى دور المدرسة في جلسات الإرشاد الفردي والجماعي، ووضع برامج توعوية لأولياء الأمور عن كيفية التواصل مع أبنائهم وإرشادهم للتعامل بشكل سليم مع وسائل التواصل الاجتماعي، مع أهمية الاهتمام بالجوانب النفسية والاجتماعية للطلاب.

 

 

 

Email