نتائج مثمرة لبرامج ومشاريع الطاقة النظيفة والحياد الكربوني

الإمارات تتصدى للتغير المناخي بخطط فاعلة ومبادرات مستدامة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعمل دولة الإمارات على تحقيق التوازن بين التنمية واستدامة البيئة، حيث يعد هذا التوازن الركيزة الأساسية لجميع الخطط التنموية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، ما يجعل الإمارات ضمن أكبر دول العالم استثماراً في مشاريع الطاقة النظيفة والمتجددة، وبرؤية وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وضعت الإمارات خططاً طموحة، عززت مكانتها العالمية في إيجاد حلول فاعلة، تتصدى للتغير المناخي، من خلال خفض الانبعاثات الكربونية، حيث كانت أول دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تطلق مبادرة استراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050.

تقنيات

وقال معالي سعيد محمد الطاير، العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي: «في دبي، نسير قدماً في مجالات الاستدامة والابتكار وصناعة المستقبل في جميع مشاريعنا ومبادراتنا، لتحقيق أهداف الأمم المتحدة السبعة عشر للتنمية المستدامة 2030، واستراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050، واستراتيجية الحياد الكربوني 2050 لإمارة دبي، لتوفير 100% من الطاقة النظيفة بحلول عام 2050، مع التركيز على الابتكار والتقنيات الإحلالية للثورة الصناعية الرابعة، والتحول الرقمي والاقتصاد الدائري، كممكنات رئيسة لتحقيق الاستدامة».

وأضاف: «حققت دبي خفضاً كبيراً في الانبعاثات الكربونية، وانخفض صافي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بـ21% في عام 2021، لتتخطى النسبة المستهدفة في استراتيجية دبي للحد من الانبعاثات الكربونية، حيث هدفت الاستراتيجية إلى خفض الانبعاثات بـ16% بحلول عام 2021، وتهدف الاستراتيجية إلى خفض الانبعاثات بـ30% بحلول عام 2030، وذلك بزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، للمساهمة في تحقيق إمارة دبي لصفرية الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2050».

وأوضح معالي سعيد الطاير أن هيئة كهرباء ومياه دبي، أطلقت عدداً من المشاريع الريادية في الطاقة النظيفة والمتجددة، وتشمل مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، أكبر مجمع للطاقة الشمسية في موقع واحد على مستوى العالم، وفق نظام المنتِج المستقل، بقدرة 5,000 ميغاوات بحلول 2030، وبتكلفة تصل إلى 50 مليار درهم وعند اكتماله، سيسهم المجمع في خفض أكثر من 6.5 ملايين طن من الانبعاثات الكربونية سنوياً، كما نقوم بتنفيذ مشروع محطة كهرومائية بتقنية الضخ والتخزين في حتا، بقدرة 250 ميغاوات، تعد الأولى من نوعها في منطقة الخليج، وستنتج الكهرباء بالاستفادة من المياه المخزنة في سد حتا، وتصل سعتها التخزينية إلى 1,500 ميغاوات ساعة.

الهيدروجين الأخضر

وتابع الطاير: «قمنا بتنفيذ مشروع «الهيدروجين الأخضر» في المجمّع، ويعد الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لإنتاج الهيدروجين الأخضر، باستخدام الطاقة الشمسية، وتخزينه ثم إعادة تحويله إلى طاقة كهربائية، بالإضافة للاستخدامات الأخرى في قطاعات النقل الجوي والبري والبحري والصناعة. كما تقوم الهيئة بإعداد ملامح خارطة طريق لاستراتيجية الهيدروجين الأخضر، يتم تنفيذها على مراحل، ونجحنا من خلال شركة الاتحاد لخدمات الطاقة، في إعادة تأهيل ما يقارب ثمانية آلاف مبنى قائم في دبي، كما شجعنا المتعاملين ضمن مبادرة شمس دبي، على تركيب الألواح الشمسية الكهروضوئية على الأسطح في مبانيهم ومنشآتهم، لتلبية جزء من احتياجاتهم من الطاقة، حيث وصلت القدرة المركبة للمبادرة نهاية 2022، إلى نحو 500 ميغاوات، وأطلقنا مبادرة «الشاحن الأخضر»، لإنشاء بنية تحتية متطورة للسيارات الكهربائية، تتضمن حالياً نحو 350 محطة شحن، تعتمد أحدث التقنيات الذكية والمبتكرة، لتوفير تجربة سلسة للمستخدمين».

جهود

وأكد المهندس يوسف أحمد آل علي، الرئيس التنفيذي لـ «الاتحاد للماء والكهرباء»، أنه بالتزامن مع إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، 2023 عاماً للاستدامة، أعلنت «الاتحاد للماء والكهرباء»، متابعة تنفيذ مشاريعها الهادفة إلى دعم جهود الاستدامة، عبر مسار الاقتصاد الأخضر، وبالتركيز على قطاعات المياه، والطاقة، والبيئة.

وقال: «إن «الاتحاد للماء والكهرباء»، تسعى باستمرار إلى تطوير عملياتها، بما ينسجم مع رؤية القيادة، ويواكب التوجهات الاستراتيجية للحكومة، والتي أبرز معالمها في المرحلة التنموية الراهنة، التركيز على مبادئ الاستدامة، الأمر الذي نُرسخ له حالياً، واضعين بعين الاعتبار، كافة الأبعاد المُكونة لهذا المفهوم، بما فيها البعد التقني، الذي يعبر عن استخدام تقنيات نظيفة، تسهم في الحفاظ على الموارد والثروات، وتقلل من العبء البيئي».

محاور أساسية

وأوضح أن الاتحاد للماء والكهرباء، تعمل على 4 محاور أساسية دعماً لتحقيق استراتيجية الأمن المائي 2036، وهي الاستراتيجية التي تهدف إلى ضمان استدامة واستمرارية إمدادات المياه في مختلف الظروف، تتمثل المحاور المشار إليها في: وفرة الإنتاج، ورفع القدرة التخزينية، والحفاظ على نوعية المياه ومستوى جودتها، فضلاً عن تطوير البنية التحتية الداعمة لهذا المورد الحيوي، مُمثلة في شبكة النقل والتوزيع.

ولفت آل علي إلى مساعي الشركة إلى إبرام الشراكات الاستراتيجية مع القطاع الخاص، عند تنفيذ مشروعاتها طويلة المدى، انطلاقاً من أهمية هذا النوع من الشراكات في التغلب على تحديات تحقيق التنمية المستدامة، ورفد الاقتصاد الوطني بالاستثمارات الواعدة، كما تقوم الشركة في تطوير البنية التحتية لقطاع الكهرباء، ودعم جهود التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة، وبهدف دعم استدامة قطاع الطاقة الكهربائية، تركز على تطوير البنية التحتية للقطاع، على امتداد المناطق التي تخدمها، من أجل ضمان كفاءة الخدمة المنقولة من خلالها، مع الوضع في عين الاعتبار معدل النمو السنوي، وما يرتبط به من ضرورة التوسع في الشبكة، إلى جانب دعم جهود التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، بالتعاون مع شركائنا الاستراتيجيين، إلى جانب ترسيخ ثقافة ترشيد الاستهلاك، وربط الاعتبارات البيئية بمختلف العمليات.

جلسات

وتحرص الشركة على تطبيق أحدث التقنيات، وتوظيف آخر الابتكارات ذات العلاقة بهذا المجال، وتحرص الشركة على توظيف مختلف وسائل الاتصال في جهودها التوعوية، بما في ذلك وسائل الاتصال الحديثة، مثل المنصات الاجتماعية والإشعارات الرقمية، إلى جانب المحاضرات التوعوية والجلسات النقاشية وغيرها، بما ينسجم مع توجهات الدولة في التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة، وتخفيض البصمة الكربونية.

استثمار بيئي

وفي ما يتعلق بالتعزيز المستدام للموائل الطبيعية، باعتبارها صمام أمان رئيساً لاستدامة البيئة والتقليل من آثار التغير المناخي، أكد أحمد الهاشمي المدير التنفيذي لقطاع التنوع البيولوجي البري والبحري في هيئة البيئة - أبوظبي، أن الهيئة لم تدخر جهداً في دعم المساعي الحثيثة، لتكون المدينة الأكثر ملاءمة للعيش في العالم، بالإضافة إلى كونها مدينة مقاومة للمناخ، حيث توفر بيئة صحية لجميع سكانها، كما تلعب دوراً محورياً في الحفاظ الأمثل على الموائل الطبيعية بالإمارة، إذ صنفت برامج الهيئة للحفاظ على النظم البيئية الساحلية والبحرية في الإمارة، ضمن قائمة برنامج الأمم المتحدة للبيئة، لأفضل 10 مبادرات عالمية نهاية العام الماضي.

وقال الهاشمي إن الهيئة عملت بديمومة منقطعة النظير، لتعزيز الموائل البحرية، من خلال البرامج الخاصة لاستدامة البيئة البحرية، واستعادة المخزون السمكي، وأظهرت النتائج والمخرجات لدراسات وأبحاث الهيئة، أن أبوظبي تسير على الطريق الصحيح لتحقيق هدفها المتمثل في مصايد أسماك مستدامة بحلول عام 2030، ومع تنفيذ القرارات والإجراءات المتعلقة بصيد الأسماك، التي اتخذتها الهيئة لحماية المخزون السمكي، تم تحقيق تحسن في «مؤشر الصيد المستدام» لثلاثة أعوام على التوالي، حيث ارتفع المؤشر من 8.9% في عام 2018، إلى 62.3% نهاية عام 2021.

وأضاف: «ستستمر الهيئة بتنفيذ خطتها، لضمان تعافي المصائد السمكية، وتحقيق الصيد المستدام، فضلاً عن إطلاق أكبر مشروع في المنطقة لإعادة تأهيل الشعاب المرجانية، بالرغم من التحديات التي تواجهها المنطقة، بسبب درجات الحرارة المرتفعة، وزيادة الملوحة في مياه الإمارة، الأمر الذي يعتبر فريداً، في عالم تزداد فيه آثار التغير المناخي، كما طورت الهيئة أربع حضانات للمرجان، لتسهم في الحد من التأثير السلبي للضغوط الطبيعية التي تتعرض لها الشعاب المرجانية الناتجة عن التغير المناخي، وارتفاع درجات الحرارة في قاع البحر، للحد من تأثيرات التغير المناخي، والتكيف مع آثاره، هذا بالإضافة إلى حماية الموائل الطبيعية في دعم زراعة وتأهيل أشجار القرم، التي تحتضن أبوظبي 85% من مساحتها في الدولة، والتي تعد من أكثر النظم البيئية الساحلية إنتاجية في العالم، وبالتالي، فهي مهمة للغاية، لأنها توفر مجموعة متنوعة من الخدمات البيئية والاقتصادية».

وتابع: «أشجار القرم تساعد في التخفيف من آثار تغير المناخ، فهي تعتبر من المصادر التي تمتص الغازات الدفيئة، ولها القدرة على تخزين وعزل الكربون، ولها القدرة على امتصاص الكربون، تصل إلى 4 أضعاف أشجار الغابات المطيرة في الأمازون، ولأهميتها الكبيرة، تم إنشاء مشتل متطور لأشجار القرم في أبوظبي، ليصبح مركزاً للأبحاث والدراسات».

دراسات

وأوضح أن الهيئة أجرت دراسات علمية متعمقة، ساعدتها على تقييم التنوع البيولوجي والأنظمة البيئية والموائل التي تؤويها الإمارة، الأمر الذي مكنها من وضع وتنفيذ خطط وبرامج لاستعادتها وإعادة تأهيلها، ما يؤكد على أهمية الدور الهام الذي تلعبه الإمارة في مجال المحافظة على الأنواع ونظمها البيئية على المستويين المحلي والعالمي، كما تم العمل على توجيه الجهود والموارد المختلفة، لتصب في خدمة أهداف التنمية المستدامة، والمحافظة على الموارد الطبيعية، وضمان استدامتها للأجيال المقبلة.

وقال الهاشمي إنه في ظل الضغوط التي تواجه موائل الطبيعية في الإمارة، بسبب التطور السريع والأنشطة التنموية الساحلية، والمشاريع المتعلقة بقطاعات الإسكان والسياحة والبنية التحتية، التي تركت آثارها في الموائل الساحلية والبحرية الحرجة، اتخذت الهيئة إجراءات استباقية، لتحقيق التوازن بين متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والاستغلال المستدام للموارد، وتطوير مبادرات لإعادة تأهيل واستعادة النظم البيئية، في إطار خطط واستراتيجيات للإمارة.

جهود

وأضاف: «ساهمت الجهود التي تبذلها الهيئة لإنشاء وإدارة المحميات الطبيعية، من خلال شبكة زايد للمحميات الطبيعية، التي تضم 6 محميات بحرية، تمثل 14% من مساحة البيئة البحرية بالإمارة، في الحفاظ على عناصر التنوع البيولوجي في أبوظبي، وضمان استدامة الموارد، وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بها، وساهمت هذه الجهود في زيادة أنواع وأعداد الطيور المقيمة والمهاجرة المتكاثرة، مثل طيور الفلامنغو والغاق السقطري والصقر الأسخم وغيرها، هذا بالإضافة إلى استقرار البيئات، مثل الشعاب المرجانية وأشجار القرم، فضلاً عن تعزيز مكانة الدولة على خريطة العمل البيئي العالمي».

مبادرات لمستقبل مستدام

حققت الإمارات إنجازات رائدة في الاهتمام بالبيئة وتنمية مواردها الطبيعية، وتبني استراتيجيات تقوم على إيجاد مستقبل مستدام للحفاظ على البيئة، وحرصت الدولة على دعم كل ما من شأنه تحقيق التنمية المستدامة، وذلك من خلال التخطيط الاستباقي، واتخاذ خطوات لتحقيق استراتيجية حكومة الإمارات على المدى القريب والبعيد، من خلال العديد من المشاريع، التي تم إطلاقها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، حيث أطلقت الإمارات مجموعة من البرامج والسياسات والتشريعات في مجالات الطاقة والزراعة والاستثمار والنقل المستدام، إلى جانب السياسات البيئية والعمرانية الهادفة إلى رفع جودة الحياة في الدولة، والتي تركز على مشاريع الطاقة الخضراء، وتعزيز إنتاجها واستخدامها والتقنيات المتعلقة بها.

جودة الحياة

كما أطلقت مشروعات ريادية مبتكرة لدعم بناء اقتصاد نظيف، يعمل على تقليل الانبعاثات الكربونية، والحد من النفايات والتلوث، بما يضمن جودة الحياة للأجيال الحالية والمستقبلية، ودعم سبل تعزيز التعاون في مواجهة التحديات العالمية، خصوصاً التي تتعلق بقضايا التغير المناخي والمحافظة على البيئة، وباتت الإمارات رائدة في مجال التحول إلى الاقتصاد الأخضر، وتعزيز الكفاءة وبرامج الترشيد، وتعزيز الإنتاج، من خلال تنويع مصادر الطاقة، خصوصاً الطاقة النظيفة، وزيادة كفاءتها، وخفض الفاقد في شبكات الكهرباء والمياه.

وحرصت الإمارات، متمثلة في وزارة التغير المناخي والبيئة، على التوسع في إنشاء المحميات الطبيعية، لتحقيق منهجية الاقتصاد الأخضر، بوصفها أحد أبرز ملامح التنمية المستدامة، وإطلاق المبادرات والخطط لمواجهة قضايا التغير المناخي في المنطقة، التي تعمل على تعزيز مسيرة التنويع الاقتصادي الطموحة للدولة، وتسهم في التحول نحو القطاعات الجديدة، والمبنية على المعرفة، وذلك في إطار التزام الدولة في مواجهة قضايا التغير المناخي، وتبني الخطط المستدامة، دون أن يؤثر ذلك في خلق فرص اقتصادية واجتماعية جديدة داخل الدولة وخارجها، وهو ما يعد أحد معايير النجاح الذي تقاس به جهود الدول.

رؤية ثاقبة

ولم يكن حرص الإمارات على تبني نهج الاستدامة وليد اللحظة، بل بدأت ملامح هذا الاهتمام منذ أكثر من خمسة عقود، بفضل الرؤية الثاقبة التي خطّها المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في غرس مفهوم الاستدامة وثقافة حماية البيئة في نفوس وعقول أبناء الوطن، ووضع مبادرات طموحة، لتحويل أجزاء كبيرة من أراضي الدولة إلى مناطق بيئة مستدامة، تضم أشكالاً وأنواعاً عدة من الكائنات الحية، لتصبح الإمارات اليوم نموذجاً عالمياً فريداً في حماية البيئة، والحفاظ على مواردها الطبيعية.

وفي خضم ذلك، أطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة، العديد من الرؤى المستقبلية، لخفض نسبة الانبعاثات لأدنى المستويات، من خلال تبني سياسات الاقتصاد الخضراء، واستخدام الطاقة النظيفة، ما جعلها تتصدر دول العالم في 16 مؤشراً فرعياً مرتبطاً بتحقيق بأهداف التنمية المستدامة الـ 17، وذلك وفقاً لتقرير أرقام الإمارات 2022، الصادر من المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء، إذ تصدرت الدولة دول العالم في نسبة الرضا عن النقل العام بـ84 %، وذلك ضمن هدف «مدن ومجتمعات محلية مستدامة.

مكاسب كبيرة

وأثمرت الجهود التي بذلتها الدولة خلال السنوات الماضية، عن تحقيق مكاسب كبيرة في تعزيز كفاءة الطاقة، من خلال الاستراتيجية الوطنية للطاقة، والبرنامج الوطني لإدارة الطلب على الطاقة والمياه، وإصدار مجموعة مهمة من الأنظمة الخاصة بالمواصفات القياسية الوطنية الملزمة، لتشجيع اقتناء الأدوات المرشدة لاستهلاك الطاقة، وتطبيق نظام الشرائح «التعرفة التصاعدية» على استهلاك المياه والكهرباء منذ سنوات، وتحرير أسعار وقود المركبات «البنزين والديزل»، وتنفيذ برنامج وطني طموح وواسع النطاق، لتحويل المركبات التي تعمل بوقود إلى الغاز الطبيعي المضغوط، وتسريع وتيرة التوسع في إقامة البنية التحتية للشحن الكهربائي، ودراسة آفاق استخدام الهيدروجين كوقود للمركبات في المستقبل، حيث اعتمد مجلس الوزراء في مارس 2021، النظام الإماراتي للمركبات الهيدروجينية، وتم إطلاق «البرنامج الوطني للسكك الحديدة»، إلى جانب الاعتماد على الطاقة الشمسية والنووية في توليد الطاقة، من خلال مشروعي شمس دبي ومحطة براكة.

ووضع الحرص الذي أبدته الإمارات في قضايا التغير المناخي، كطرف فعال في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «UNFCCC»، حيث تحدد الاتفاقية الإطار العام للجهود الحكومية الدولية للتصدي لظاهرة التغير المناخي، وقد صادقت على بروتوكول «كيوتو».

ونظراً للجهود الكبيرة التي بذلتها الإمارات محلياً وخارجياً في دعم الجهود المبذولة في التصدي لظاهرة التغير المناخي، وبفضل الرؤية الاستشرافية للقيادة الرشيدة، التي وضعتها في مكانة عالمية رائدة في الحراك العالمي للعمل المناخي، ستستضيف الدورة الـ 28 من مؤتمر دول «كوب28» العام الجاري، لتعزيز العمل على خفض الانبعاثات، والتكيف مع تداعيات تغير المناخ.

المطالبة بسرعة التحرك الدولي لتقليل الانبعاثات

دعا مشاركون في القمة العالمية للحكومات 2023 إلى ضرورة التحرك سريعاً وتكاتف الجهود الدولية للتقليل من الانبعاثات الكربونية والحد من الممارسات التي تؤدي إلى التغير المناخي، الذي يؤثر بدوره على الإنسان، وذلك من خلال الاستدامة في كافة المجالات والاستفادة من التطور العلمي والتكنولوجي في هذا الشأن.

وقال زكي نسيبة المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات، إن فعاليات القمة العالمية للحكومات في دبي تحت شعار «استشراف حكومات المستقبل»، نالت مصداقية عالمية من خلال ما قدمته دوراتها المتعاقبة، من أطروحات وحلول جذرية لقضايا مهمة في كافة القطاعات.

وأكد أن الإمارات أثبتت أنها تقدم مثالاً بارزاً في كيفية مواجهة التحديات المصيرية، ومن بينها التغيرات المناخية والاستدامة، والذكاء الاصطناعي والتطور التقني المتسارع، وغيرها العديد من التحديات. ولفت إلى أن تعزيز الاستدامة ومواجهة التغيرات المناخية هو أمر نال اهتماماً كبيراً من قادة الدولة، لإيجاد حلول ناجعة تذلل هذه التحديات، مؤكداً أنه في المقابل تمثل الحاجة للطاقة واستخداماتها أمراً ملحاً يضمن استمرار الحياة اليومية التي تعتمد عليها في كافة مناحيها.

وأضاف: من الضروري جداً تعزيز التعاون للمحافظة على مصادر الطاقة، وفي الوقت ذاته المحافظة على الاستدامة والمناخ وتغيراته، مبيناً أن الإمارات أثبتت أنها سباقة وهي من بين الدول النفطية الكبرى، التي تستهدف الاستثمار في توفير مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة.

وتابع: تشكل محطات «براكة» نموذجاً عالمياً في التنمية المستدامة والتي بدورها تقود جهود قطاع الطاقة في الدولة لخفض بصمتها الكربونية، مؤكداً أنه في إطار توجيهات القيادة الرشيدة باعتبار 2023 عاماً للاستدامة في دولة الإمارات، تبرز «براكة» كلاعب أساسي في تعزيز مسيرة الانتقال لمصادر الطاقة الصديقة للبيئة إلى جانب القيام بدور مكمل لمصادر الطاقة المتجددة.

وأفاد أن استضافة الدولة مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ «كوب28» العام الجاري، سيكون نقلة مهمة، خاصة أن الإمارات وهي الدولة النفطية، تولي اهتماماً كبيراً لتعزيز الاستدامة، وذلك من خلال جمع قادة العالم وأبرز الخبراء وصانعي القرارات والناشطين الدوليين لمواصلة جهود العمل المناخي والتصدي للتحديات العالمية ودفع عجلة التنمية الاقتصادية المستدامة.

تنمية مستدامة

من جهته، قال البروفيسور رائد عواملة عميد كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، إنهم اعتمدوا وأطلقوا ماجستير السياسات العامة في التنمية المستدامة، والذي من شأنه إتاحة الفرصة للطلاب لدراسة المعلومات الكافية عن تأثير النشاط الاقتصادي الإنساني على موارد الأرض، ودراسة تأثير الوسائل البديلة من أجل تعزيز رفاهية الإنسان عبر وضع إجراءات عامة مصممة لتحسين استخدام الموارد.

ولفت إلى أن برنامج ماجستير السياسات العامة يتماشى أيضاً مع الأهداف السبعة الرئيسية للاستراتيجية الوطنية للابتكار، ويركز على الأهداف العالمية للأمم المتحدة، وأهداف التنمية المستدامة، وذلك بالتعاون والتنسيق الوثيقين مع الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء والذي يشمل قطاعات الطاقة المتجددة، النقل، التعليم، الصحة، التقنية، المياه، الفضاء.

وتابع: بالشراكة مع القمة العالمية للحكومات 2022 وكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، تم إطلاق «مؤشر أهداف التنمية المستدامة للمنطقة العربية لعام 2022» الذي يهدف إلى قياس التقدم في أهداف التنمية المستدامة، وإبراز الثغرات والتحديات في كل من التنفيذ والبيانات. وأضاف: تضمن المؤشر حوالي 111 مؤشراً فرعياً تغطي أهداف التنمية المستدامة الـ 17، لافتاً إلى أن قمة «كوب28» ستشهد إطلاق مؤشر جديد لأهداف التنمية المستدامة. وأشار إلى أن أكبر تحدٍ فيما يخص الاستدامة تعزيز الابتكار وتوفير الحلول ورفع كفاءة تطبيقها، لافتاً إلى أن لديهم تعاوناً كبيراً مع كافة مؤسسات الإمارات لتعزيز التعاون في هذا الشأن.

خطط مهمة

بدوره، أكد أحمد بهروزيان المدير التنفيذي لمؤسسة المواصلات العامة بهيئة الطرق والمواصلات في دبي، أن الهيئة بدأت خططها فيما يخص تعزيز وترسيخ الاستدامة في النقل، منذ أكثر من 15 عاماً.

وقال إن طلائع التجارب بدأت في العام 2008 على مركبات التاكسي الصديقة للبيئة في مؤسسة تاكسي دبي، وأنه وبعد انتهاء دورة كاملة من حياة المركبات المجربة، بدأت الهيئة أبحاثها ودراستها للنتائج، والتي كانت مرضية على المستويين المالي والبيئي، خصوصاً بعد دراسة توافر هذه المركبات في الأسواق واستخدامها.

وأشار بهروزيان إلى أنه من خلال البحث المبني على النتائج، اعتمدت الهيئة أول خطة لتحويل 50% من مركبات التاكسي إلى مركبات صديقة للبيئة، بدأت في العام 2016 وحتى العام 2021، وفي ضوء ذلك تشجعت وكالات المركبات بطرح المركبات الصديقة للبيئة في الأسواق، فيما انتعشت الأسواق بمركبات مختلفة من الكهربائية والهجينة والهيدروجينية، والتي نمت بشكل كبير بعد تحرير أسعار الوقود وارتفاعها بشكل متزايد منذ ذلك الحين.

وأضاف أن الخطة حققت نجاحاً غير مسبوق، حيث تم تحقيق التحول بـ72% مع أن المستهدف كان 50% وهو ما نتج عنه تحويل ما يزيد على 8300 مركبة حتى الآن محققة وفراً مالياً وبيئياً كبيراً.

تجارب رائدة

وحول دور الشباب في تحقيق الاستدامة في مختلف المجالات أفادت ميلاني نورونها رئيس مكتب الشرق الأوسط وأفريقيا للسياسات والأفكار لدى «مجموعة ذي إيكونوميست» أن «القمة العالمية للحكومات» بدبي هذا العام شهدت العديد من النقاشات حول استراتيجيات تحقق الاستدامة مثل استراتيجية الاقتصاد الأزرق، والتي تقوم على تحقيق الاستدامة والاستثمارات الخضراء الصديقة للبيئة، وهذه خطوة متقدمة جداً على مستوى المنطقة توفر الفرص في الاقتصاد المتنوع المستدام للشباب وتلهم العديد من التجارب المماثلة حول العالم.

ولفت صادق جرار المدير التنفيذي لمركز الشباب العربي أنه كنتيجة للتعاون المشترك بين الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء في الإمارات ومركز الشباب العربي، تم إطلاق تقرير يستهدف التركيز على إبراز دور الشباب العربي في دعم أهداف التنمية المستدامة عبر تسليط الضوء على عدد من المبادرات الشبابية الخلاقة وآثارها الإيجابية مجتمعياً، كما يهدف على زيادة الوعي بأهداف التنمية المستدامة، وتقريب طموحات هذه الأهداف لواقع الشباب في 10 بلدان عربية مختلفة.

35 % من الأراضي الرطبة خسرها العالم منذ 1970

أظهر تقرير «الفرص المستقبلية: 50 فرصة عالمية لعام 2023»، الذي أطلقته مؤسسة دبي للمستقبل خلال مشاركتها ضمن أعمال القمة العالمية للحكومات 2023، أن العالم خسر 35% من الأراضي الرطبة منذ عام 1970.

وأشار التقرير إلى أن التغير المناخي ينتج عواقب تتزايد يوماً بعد يوم، فإلى جانب التكاليف المباشرة للحد من آثار التغير المناخي والتكيف معها، ستبرز في المستقبل أعباء اقتصادية جديدة ناتجة عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بمواطن الحيوانات والنباتات وسلاسل الغذاء بسبب التراجع الحيوي وتدهور النظم البيئية.

ولفت التقرير إلى أنه خلال عام 2021 خسرت المناطق الاستوائية 11 مليون هكتار من المساحات التي تغطيها الأشجار، وأسفرت خسائر الغابات الاستوائية الأساسية عن انبعاث 2.5 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون، ما يعادل انبعاثات الوقود الأحفوري التي تطلقها الهند في سنة.

وذكر التقرير أنه عند ارتفاع الحرارة بواقع 1.5 درجة مئوية فإن التقديرات تشير إلى أن 4% من الثدييات ستخسر مواطنها الطبيعية، وفي حال ارتفعت الحرارة درجتين مئويتين تزداد النسبة إلى 8%. كما سيؤدي ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية إلى زوال 70 - 90% من الشعاب المرجانية وقد تصل إلى 99% في حال ارتفعت الحرارة إلى درجتين مئويتين.

تداعيات هائلة

ومن المتوقع أن تكون تداعيات تغير المناخ هائلة على منطقة البحر الأبيض المتوسط بشكل خاص، إذ تشير التوقعات إلى أن 80 - 90 مليون شخص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد يعانون من ندرة المياه بطريقة أو بأخرى بحلول عام 2025.

وشدد التقرير على أهمية استعادة النظم البيئية المتضررة وإنشاء نظم جديدة وحماية التنوع الحيوي، فضلاً عن تعزيز الصحة وجودة الحياة، وأن الفرص المستقبلية تتمثل في تشجيع الجهات الفاعلة العالمية على زيادة استثماراتها وتشارك التكاليف فيما بينها من خلال اعتماد أساليب متعددة التخصصات لالتقاط الغازات الدفيئة من الغلاف الجوي، وبإمكان الوقود الجديد والمواد المبتكرة والكيماويات الحيوية إحداث تحول شامل لعملية إنتاج الطاقة، ونقلها، وكفاءة استخدامها، وبالمثل، يمكن وقف الانبعاثات الصناعية بالكامل من خلال اعتماد نظام «صفر نفايات» في قطاع التصنيع، وتقنيات التصنيع الأخضر، والتقدم في مجال التصنيع المستدام إلى جانب ذلك، وباستخدام الذكاء الآلي المتقدم والقدرة على جمع البيانات، يمكن استخدام حلول الهندسة الجيولوجية في الفضاء للتحكم بكمية الحرارة التي تخترق الغلاف الجوي، كما يمكن نشر المحفزات النانوية وتقنيات أخرى تقوم بامتصاص الانبعاثات في المناطق التي تسبب أعلى نسبة من الغازات.

لمشاهدة الملف ...PDF اضغط هنا

Email