محمد سعيد الملا قامة اقتصادية كبيرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يكن محمد سعيد الملا، رحمه الله، مجرد مسؤول مهم كبير تولى أرفع المناصب في دولة الإمارات، ولم يكن مجرد شاهد على رحلة تطور الدولة، اقتصادياً وسياسياً، ورقماً فاعلاً ومؤثراً في نجاحاتها وإنجازاتها وريادتها، لكنه كان قبل كل ذلك قامة كبيرة فكراً وعملاً وممارسة، حمل على عاتقه في مختلف مراحل حياته مسؤولية مساعدة صغار رواد ورجال الأعمال الطموحين لمستقبل أكثر ازدهاراً لهم ولوطنهم.

وكان لطبيعة الحياة التي عاشها، رحمه الله، أبلغ الأثر في اهتمامه بالآخرين، شعر بهم وفهم احتياجاتهم وأدرك طموحاتهم، وترجم كل ذلك في يد قوية أخذت بأيديهم نحو طريق العمل والاجتهاد حتى يبلغوا مبتغاهم. لذلك فإنه يعتبر صاحب فضل كبير على الكثيرين ممن برزوا بعده في ميادين المال والأعمال، لأنه جـبِل على خصلة كريمة تمثلت في الأخذ بيد الشباب ودعمهم مادياً ومعنوياً كي يرتقوا بأنفسهم، وبالتالي ليخدموا وطنهم.

شهادات

وفي هذا السياق، يقول رجل الأعمال خلف أحمد الحبتور: «بعد أن تقلبت في عدد من الأعمال والمهن برواتب متواضعة ابتدأت بـ 250 روبية في الشهر، شاءت الأقدار أن ألتقي بالملا، الذي كان آنذاك رجل أعمال بارزاً في دبي وصديقاً لوالدي وأخي الأكبر محمد، وكان الملا وقتها يبحث عن شخص يرعى مصالح شركة البناء التي يملكها في أبوظبي، فعملت لديه.. شجعني السيد محمد سعيد الملا كثيراً، ما عزز ثقتي بنفسي إلى حد كبير..

لقد كان قرار الانضمام إلى شركة الملا من أفضل القرارات التي اتخذتها في حياتي. ففي السنوات الثلاث التي أمضيتها في الشركة، حصلتُ على التدريب اللازم، واكتسبتُ خبرة جيدة، وازدادت ثقتي بنفسي، وأقمتُ علاقات مهمة، وترفعتُ إلى منصب مدير عام فرع أبوظبي.. أقول وبكل صدق، لو لم يمنحني محمد سعيد الملا الفرصة لأظهر له مؤهلاتي لاتخذت حياتي مجرى مختلفاً تماماً.

أدين له بالكثير لأنه وضعني على الطريق الصحيح ودلني على الاتجاه المناسب. كنتُ مجرد فتى يافع حين وضع ثقته فيّ، ليودعني رجلاً بعد ثلاث سنوات».

ومن غير المواطنين الذين أتوا على ذكر محمد سعيد الملا كصاحب أفضال عليهم، المحاسب القانوني البنجلاديشي سجّاد حيدر الذي قدم إلى الإمارات للمرة الأولى عام 1973، فعينه الملا محاسباً قانونياً ومستشاراً له.

وقال حيدر: «كنت أنظر إلى الملا كقدوة ورائد ومعلم له الفضل الأكبر في حياتي ونجاحي وبقائي في الإمارات على مدى أربعة عقود.. لا أنسى مبادرة الملا بمنحي الثقة وتسليمه جداول حسابات شركة الإمارات للاتصالات (اتصالات) في عام 1976 من أجل القيام بالتدقيق القانوني».

ولد محمد سعيد الملا في منطقة الشندغة بدبي عام 1926 وترعرع في المدينة الناشئة التي كانت تتلمس مسارها كمركز للتجارة وصيد اللؤلؤ ويبدو أن القدر أراد لهذا الطفل أن يسلك طريقه معتمداً على نفسه، حيث توفي والده، الذي كان يعمل في مجال تجارة اللؤلؤ، بعد عامين فقط من ولادته، لكن الطفل شب بعد ذلك ليجد أباه أكثر من تاجر لؤلؤ، بل وجد سمعة طيبة وإرثاً اجتماعياً جعلت من الابن موضع ثقة وحب من كل من كان حوله.

رحلة الأعمال

وفي العشرين من عمره، شق محمد سعيد الملا طريقه مبكراً في عالم التجارة والأعمال، وبالتحديد في عام 1952.

حيث سافر إلى بورما عبر مدينة كلكتا الهندية لشراء الخشب والقهوة والأرز وكانت صناعة اللؤلؤ في هذا الوقت المصدر الرئيسي للدخل في دبي لكن هذه الصناعة واجهت تحدي مزارع اللؤلؤ الياباني، ما أدخل العديد من التجار في منطقة الخليج العربي، من ذوي الخبرة في الملاحة البحرية، إلى سوق إعادة تصدير الذهب إلى الهند وكان محمد سعيد الملا أحد التجار الذين دخلوا في هذا العمل، ونجح بما يكفي لدخول مجلس التجار في بداية مشاريع ريادة الأعمال في دبي.

وبعد أن بنى رصيداً كافياً من الخبرات العملية، بدأ محمد سعيد الملا مرحلة جديدة من حياته، حيث عمل مقاولاً في قطاع البناء والتشييد والإنشاءات من خلال شركة أنشأها بأبوظبي في منتصف ستينيات القرن الماضي.

وبدأ يذيع صيت محمد سعيد الملا حتى أنه كان أحد المؤسسيين لمؤسسة «بريد دبي»، والذي قام بإصدار أول مجموعة طوابع بريدية باسم الإمارات المتصالحة في يناير عام 1961 كما يعتبر الملا من مؤسسي شركة الإمارات للاتصالات «اتصالات» التي أنشأت في 30 أغسطس 1976 وكان أول رئيس لمجلس إدارتها.

أما في العام 1963 انتقل محمد سعيد الملا إلى مرحلة جديدة ومختلفة تماماً في عالم الأعمال، حيث لعب دوراً بارزاً في تأسيس أول مصرف وطني بالمشاركة مع عدد من تجار الإمارة البارزين آنذاك، لينطلق «بنك دبي الوطني» الذي لم يكن قد سبقه لجهة العمل المصرفي في دبي سوى فرع للبنك البريطاني كان قد بدأ نشاطه في عام 1946.

وقد تم تأسيس «بنك دبي الوطني المحدود» بمرسوم من الشيخ راشد بن سعيد حاكم دبي، رحمه الله، برأسمال قدره مليون جنيه استرليني، أي ما يساوي 14 مليوناً و500 ألف روبية.

وبعد تلك الخطوة النوعية في مسيرته، اختير محمد سعيد الملا في عام 1965 ليكون أول رئيس لمجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة دبي، التي تأسست في تلك السنة من أجل لعب دور حيوي في تحسين مناخ الأعمال ودعم وحماية مصالح مجتمع الأعمال في الإمارة.

محطات رئيسة:

>

› لعب دوراً بارزاً في تأسيس «بنك دبي الوطني»

› كان من مؤسسي شركة الإمارات للاتصالات

› ترأس أول مجلس إدارة لغرفة تجارة وصناعة دبي

Email