اللقاء التشـــاوري مساهمة فاعلة في مسيرة التنسيق العربي المشترك

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

عكس اللقاء التشاوري الأخوي الذي احتضنته الإمارات، أمس، تحت عنوان «الازدهار والاستقرار في المنطقة»، جانباً من مساهمات دولة الإمارات من أجل تكثيف التنسيق العربي، وذلك في ظل التحديات التي تتطلب جهوداً دؤوبة من أجل بناء رؤية عربية جماعية للعمل العربي المشترك، لتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة .

وذلك عبر مزيد من العمل المشترك والتعاون والتكامل الإقليمي.وقال مفكرون وأكاديميون عرب إن اللقاء الأخوي التشاوري يؤكد دعم دولة الإمارات في بناء رؤية جماعية مشتركة تهدف إلى مواجهة التحديات التي تواجهها المنطقة، ومشاركتها في بناء جسور التواصل من أجل إيجاد حلول للتحديات.

دور وطني

يقول المفكر الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، في تصريحات لـ «البيان» من القاهرة، إن اللقاء التشاوري الأخوي يأتي في سياق الدور الفاعل الذي تقوم به الإمارات بالتنسيق مع أشقائها، وهي بذلك تواصل دورها في المساهمة بتوحيد الموقف العربي، دعماً لتضافر الجهود في ظل الظروف الحالية (الإقليمية والعالمية على حد سواء)، من أجل إيجاد تكامل عربي وموقف موحد ضد التحديات والتهديدات التي يمر بها العالم العربي حالياً.

ويلفت فرج في الوقت نفسه إلى أهمية اللقاءات التشاورية بهدف تحقيق الأمن القومي للمنطقة، في ضوء ما يشهده العالم من تطورات كبيرة ليست فقط مرتبطة بالحرب في أوكرانيا، إنما أيضاً التداعيات التي يشهدها الإقليم، وملف الطاقة وضرورة تأمينها، كل هذا تسهم الإمارات في تحقيقه بالتعاون مع مصر والدول العربية.

مساهمة فعالة

ويؤكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، أن ذلك اللقاء قمة إيجابية سوف تُنبى عليها سياسات جماعية في الفترة المقبلة.وفي ظل مشاركة الإمارات ودعمها الجهود المبذولة نحو بناء رؤية عربية جماعية للعرب، جاء هذا اللقاء الأخير عقب القمة الثلاثية التي انعقدت في مصر، والتي كانت متصلة بشكل أساسي بعملية السلام.

وفي ضوء حرص الدولة على دعم توحيد الموقف العربي يؤكد فهمي أن اللقاء التشاوري الأخير عكس رسالة بأن نقطة الارتكاز الرئيسة في أي تحرك عربي ستكون خليجية أردنية مصرية، فيما يخص قضية السلام، وهو ما يكمل المجهودات العربية في قمة الجزائر.

جهود دؤوبة

وتشارك دولة الإمارات بجهود دؤوبة ومستمرة من أجل الدفع باتجاه الحوار والتعاون وبناء جسور التواصل. ويتحدث رئيس تحرير مجلة الأهرام العربي، جمال الكشكي، عن هذه المساهمات التي تشكل الشغل الشاغل للإمارات ودول المنطقة، باعتبارها تحديات أساسية يتم التنسيق بشأنها من أجل التغلب على تداعياتها وتوحيد الرؤى، عبر تضافر الجهود التنسيقية بين الدول العربية، مشيراً إلى أن اللقاء الأخير الذي احتضنته الإمارات جاء في توقيت مهم ومختلف، في ظل جملة من التطورات على الصعيدين الإقليمي والدولي.

ويوضح أهمية هذا التنسيق والتشاور العربي في ظل تداعيات الحرب في أوكرانيا، وبما يؤكد حرص العرب على توسيع مساحات العمل العربي المشترك بينهم، والتنسيق في كيفية مواجهة التحديات الناجمة عن الحرب وانعكاساتها على المنطقة.

ويضيف الكشكي في تصريحه لـ«البيان»: «نحن أمام تطابق في وجهات النظر، وأمام سعي دؤوب لفتح مسارات وآفاق عربية-عربية تجاه المتغيرات والتحديات القائمة في المنطقة، وبشكل خاص في ظل المتغيرات التي تشهدها عدد من العواصم العربية والوضع المتأزم فيها مثل سوريا واليمن وغيرهما».

الوحدة والتنسيق

ومن البحرين، قال عضو المركز العالمي للتعايش السلمي صلاح الجودر لـ«البيان»، كما عهدنا الإمارات منذ عهد المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، وإلى اليوم، فإن الوحدة والتنسيق العربي محور اهتمام الإمارات في علاقاتها العربية والإقليمية.

وأضاف الجودر أن اللقاء التشاوري يوضح الإسهام الإماراتي في توحيد الصف العربي، واللقاء الأخوي بحد ذاته مكسب وإنجاز للدول العربية لتعزيز التنسيق، ومناقشة القضايا التي نشهدها في المنطقة العربية.

وأوضح الجودر أن اللقاء يعكس إدراك العرب للمخاطر التي تحيط بالمنطقة، وسعيهم إلى الاستقرار والحوار.

بدوره، قال المستشار القانوني البحريني فريد غازي رفيع، لا شك في أن دور الإمارات في تعزيز السلم والأمن في المنطقة يعزز الجهود العربية في هذا الإطار ويبني على نجاحات الموقف العربي الموحد، وأضاف أن دولة الإمارات بسياستها الحكيمة والرزينة تسهم بقدر كبير في حل القضايا، وفي تفعيل المباحثات واللقاءات التشاورية لتعزيز السلم، وتجاوز العقبات التي تعترض نماء وازدهار المنطقة.

إلى ذلك، أكد المحلل السياسي موفق الخطاب، أن اللقاء الأخوي التشاوري له دلالات وأبعاد كثيرة، فهو يمثل خطوة بالاتجاه الصحيح في إعادة رص الصفوف وإزالة العقبات التي تعترض المسيرة العربية من أجل توحيد المواقف وطرح رؤية عربية للتعامل مع المتغيرات والمستجدات التي طرأت على العالم، بما يعزز ويدعم الوضع العربي والنهوض بالواقع الاقتصادي وبما ينعكس إيجاباً على استقرار شعوب المنطقة والعالم.

تشاور مستمر

من جهته، قال الخبير السياسي وعضو مجلس الشورى السعودي الدكتور إبراهيم النحاس، إن اللقاء التشاوري الأخوي في أبوظبي دليل صحة وعافية في الجسد العربي.

مشيراً إلى أن الدول العربية تمتلك وعياً بقدراتها من أجل التأثير لصالح الاستقرار والسلام، وإن اجتماع أبوظبي يأتي في هذا الإطار، فدولة الإمارات قامت كالعادة بواجبها في ضمان استمرارية التشاور والتنسيق العربي المشترك وهذا عهدها منذ عهد قائدها المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.

واعرب النحاس عن ثقته في أن التنسيق بين الدول العربية في اللقاء التشاوري سوف يأتي بنتائج إيجابية خلال الفترة القادمة فيما يرتبط بالقضايا الاستراتيجية التي تتعلق بمجمل الدول العربية، والتطورات الدولية، والوضع الاقتصادي العالمي وتداعياته على المنطقة، مشيراً إلى توقعاته بأن تشهد الفترة المقبلة تحركاً عربياً أكبر لمواجهة التحديات ودعم الاستقرار في الدول التي تشهد صراعات وعدم استقرار سياسي.

من جهته أوضح د. محمد عبدالله آل الزلفة عضو مجلس الشورى السعودي السابق، أن اللقاء الأخوي تجسيد للتنسيق العربي المشترك على أعلى مستوياته ودليل على أهمية العمل العربي المشترك باعتباره السبيل الوحيد لمواجهة التحديات والأحداث المتسارعة في العالم عموماً والدول العربية خصوصاً.

وقال آل الزلفة: أستذكر تصريحات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، عقب مشاركة سموه في «لقاء العلمين» التشاوري الأخوي في مصر في أغسطس من العام الماضي، والتي قال فيها إن «دولة الإمارات ماضية في التنسيق الفاعل مع الأشقاء لتعزيز العمل العربي المشترك ودعم الجهود المخلصة لتحقيق الاستقرار والتنمية والازدهار في المنطقة».

أما د. فيصل العاني الباحث في العلاقات الدولية والشؤون السياسية، فقد أكد أن اللقاء التشاوري ناقش عدداً من القضايا والتطورات الإقليمية والدولية والتحديات التي تشهدها المنطقة سياسياً وأمنياً واقتصادياً وأهمية تنسيق المواقف وتعزيز العمل العربي المشترك في التعامل مع هذه التحديات بما يكفل بناء مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً لشعوب المنطقة كافة وفقاً لما تم الإعلان عنه رسمياً.

وهو دليل على مضي القادة العرب في التعاون المطلوب فيما بينهم بما يدعم التعاون العربي المشترك ويدفعه إلى مستويات أكثر زخماً، وأوضح أن الإمارات باستضافتها للقاء التشاوري تؤكد مجدداً حرصها على العمل يداً بيد مع أشقائها العرب، بما يدعم التعاون العربي المشترك.

حوار منفتح

في السياق، أكد نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق، د. جواد العناني، في تصريحات لـ«البيان»، أن السياسية الخارجية الإماراتية تركز دوماً على دعم ونشر الأمن والسلم الدوليين، وترسيخ الحوار المنفتح على جميع الأطراف والطرق الدبلوماسية لتسوية النزاعات والأزمات بالوسائل السلمية.

إضافة إلى الدور الوازن إزاء قضايا المنطقة، فالقيادة الرشيدة في دولة الإمارات حريصة كل الحرص على الإسهام في دعم منظومة العمل العربي المشترك، خصوصاً في ظل ما نشهده من تحديات إقليمية وعالمية متزايدة.

كما قال الوزير الأردني الأسبق، عضو مجلس الأعيان الأردني، د. عاكف الزعبي، إن دولة الإمارات تتميز دوماً في طرحها المعتدل، وفي سلم أولوياتها الموقف العربي الموحد واحترام علاقات الجوار، وأهمية التماسك العربي.

ومن هنا نجد دوماً حضوراً قوياً وإيجابياً لها في متابعة القضايا العربية والرغبة في بناء علاقات عربية متينة يمكن البناء عليها للحاضر والمستقبل. وأضاف الزعبي: «من المهم القول إن الالتزام بمخرجات الاجتماعات العربية، ودعم المبادرات العربية، هو نهج إماراتي معروف، تعزيزاً للتعاون الاستراتيجي والتكامل بأنواعه، فالدولة تعمل على مد جسور الانفتاح والتواصل مع الجميع من أجل البناء والتنمية والازدهار».

وعي سياسي

بدوره، يشير نائب رئيس البرلمان العربي، خليل عطية، إلى أن القيادة الرشيدة في دولة الإمارات تنظر إلى مجريات ما يحدث في المنطقة ببصيرة، وانطلاقاً من إيمانها بضرورة وحدة الصف العربي وتماسكه، وأهمية فتح قنوات التواصل المستمرة بين البلدان باعتبار أن هذه الآلية هي الطريقة الأمثل لمواجهة الأزمات، فالتنسيق والتشاور والتعاون في جميع المجالات وبجميع المستويات هو ما تحتاجه المنطقة العربية.

وأضاف عطية وهو نائب في مجلس النواب الأردني، أن هذا الحراك الدبلوماسي والسياسي له اعتباره ووزنه ليس فقط على مستوى العالم العربي، وإنما أيضاً على مستوى العالم، وهذا الجهد المشكور سيصب في مصلحة الجميع، وله انعكاسات على حالة الاستقرار والأمان الذي نسعى له دوماً.

وختم عطية القول: «التغيرات التي نشهدها كبيرة والتحديات التي تواجه الدول العربية عدة، وفي النتيجة فإن بناء جسور التعاضد بين الأشقاء العرب، عبر المشاريع المشتركة والمواقف الموحدة سيكون بوابة ووسيلة لمواجهة أي مخاطر قد تأتي بها الأزمات العالمية المتلاحقة».

 
Email