أكاديميون لـ«البيان»: تقوية المؤسسات التعليمية بالتكنولوجيا هدف استراتيجي للإمارات

6 تحديات تواجه التحول نحو الميتافيرس في التعليم

ت + ت - الحجم الطبيعي

حددت وزارة التربية والتعليم 21 هدفاً للعملية التعليمية في الخمسين عاماً المقبلة ليكون النظام التعليمي من بين الأفضل في العالم، مشيرة إلى أن توجه الإمارات في قطاع التعليم يعتمد على ثمانية محاور وأبرزها تقوية المؤسسات التعليمية بالتكنولوجيا والابتكار.

وأوضح عدد من الأكاديميين لـ«البيان» أن هناك 6 تحديات تواجه تطبيق تقنية الميتافيرس في التعليم، وتتمثل بعدم القدرة على تقييم الطلبة، وإجراء الاختبارات بشفَافَية، والتكلفة الباهظة لاستخدامها، وتهديد أمن المعلومات، والإنفاق على التدريب، والعزلة الاجتماعية.

مشيرين إلى 10 فوائد لاستخدامها وهي توفير أساليب أكثر تفاعلية، والتعلم من أي مكان في العالم، وتوفير طرائق تعليم بعيدة عن التلقين، وتبادل المعرفة بين المتعلمين في شتى أنحاء العالم، واستخدامها في إنشاء مختبرات ومعامل افتراضية تقلل خطر تعرض الطلبة للمواد المستخدمة، وسهولة العملية التعليمية، وتساعد الطلبة على التفاعل مع القضايا المناخية، والتغلب على الأمراض الوراثية، وتقليل تكاليف القاعات الدراسية والمختبرات العلمية، وتجنب الازدحام في الطرقات.

مصفوفة متناظرة

ويرى الدكتور عيسى البستكي رئيس جامعة دبي أن تقنية الميتافيرس ستجعل العملية أكثر سهولة عبر تجسيد المفاهيم والمعادلات الكيميائية إذ يمكن للطلبة ولوج العالم (الكون) الافتراضي والتفاعل مع الآخرين من دون التحرك من مكانه الواقعي وكذلك في عالم الواقع المعزز يمكنهم رؤية ذرات الكربون وهي تتناثر حولهم أو تشكل مصفوفات متناظرة أو غير متناظرة في مركبات وجزيئات متنوعة، وكيف أنها تتراكم أو تتباعد أمام أعينهم.

وقال: هذا يمكن الطلبة من رؤية تراكيب الأشياء وأشكالها غير المرئية في الواقع المادي المعزز، فيدفعهم ذلك إلى ترشيد الاستهلاك واختيار المركبات الأكثر أمناً للفرد والبيئة.

، ومنها كذلك إدراك الخطر الحقيقي الذي يشكله ثقب الأوزون وانبعاث الغازات الضارة في تغيير مناخ الأرض وطبيعتها، وهنا بالتحديد يمكن تشكيل ميتافيرس افتراضي حقيقي عن شكل الأرض، مع هذه المهددات الحقيقية وكيف يمكن ملاحظة ذلك برؤية واقعية ترسم الآثار المدمرة للتغير المناخي في الإنسان والمخلوقات الحية بشكل عام، ومن ثم مساعدة الطلبة على بذل الجهد في المدى القصير للمحافظة على بيئتهم القريبة، وفي المدى الطويل للمحافظة على الكوكب ككل.

علوم دقيقة

وأضاف الدكتور البستكي: يمكن كذلك توظيفها في العلوم الدقيقة ودراسة الكائنات الحية والغوص في جسم الإنسان ومعرفة تفصيلات دقيقة، يصعب الوصول إليها في الواقع الملموس، ما قد يمكن من التحكم في جينات الإنسان ثم التغلب على الأمراض الوراثية، مشدداً على ضرورة إخضاع الميتافيرس للقوانين الصارمة لضمان عدم استغلالها في ما يهدد البشرية.

وقال إنه من أهم فوائد الميتافيرس في مجال التعليم تقليل تكاليف القاعات الدراسية والمختبرات العلمية وتكاليف صيانتها في المؤسسات التعليمية، وتجنب الازدحام في الطرقات وتسهيل العملية التعليمية من أي مكان وإلى أي مكان وفي أي وقت ومن أي معلم وعلى أي جهاز.

ويرى أن القلق في استخدام التقنية يكمن في تهديد الخصوصية، فبيانات الأشخاص ستكون ملكاً للجميع شاؤوا أو أبوا، وكذلك الخوف من تدني أخلاق بعضهم وعدم التحلي بالمبادئ للأجيال القادمة في المدى الطويل، ولكن قد تساعد قوانين وسياسات الخصوصيات ووجود المعايير الصارمة الشركات على تجنب هذه المشكلة.

تطبيق

وأفاد الدكتور يوسف العسّاف رئيس جامعة روشستر للعلوم والتكنولوجيا بدبي بأن مشروع الميتافيرس ينقسم إلى 3 أجزاء وهي نظارات الواقع المعزز بلوك تشين، وويب 3، وعملة كريبتو.

وأوضح أن الجزء الأول المتعلق بنظارات الواقع المعزز تم تطبيقه بالفعل في عدد من الجامعات، مشيراً إلى أن نجاح الميتافيرس في التعليم يعتمد على عدة محاور مهمة، ألا وهي توفير استراتيجية رقمية تابعة للاستراتيجية العامة لتحديد الأهداف الاقتصادية وربطها بالتكنولوجيا من أجل تحقيقها، بالإضافة إلى ضرورة توفير محتوى مناسب لتقنية الميتافيرس ليكون استخدامها ذا جدوى.

وأضاف إنه من ضمن المحاور المهمة أيضاً تدريب قادة مؤهلين في المؤسسات التعليمية ملمين بهذه التقنية وكيفية التكيف معها ومواكبتها، قادرين على قيادة مسيرة التحول، وتكوين فريق عمل مساعد، وتطبيق نظام الأولويات، وتأهيل وتدريب القائمين على المشروع، وعلى مهارات استشراف المستقبل من أجل الاستدامة، وأخيراً توفير البنية التحتية التكنولوجية في المؤسسات التعليمية.

استخدام الألعاب

وقال إن جائحة كوفيد 19 مهدت الطريق نحو التحول إلى هذه التقنية في التعليم، والتي من فوائدها تسهيل الحصول على التعلم من أي مكان في العالم ما يقلل التكلفة، وييسر العملية التعليمية، مشيراً إلى أن استخدام الألعاب في التعليم أصبح شائعاً وهو جزء من الميتافيرس.

وأضاف إن المحاكاة ستمكن من صنع افاتار رقمي للمعلم لخدمة جميع الطلاب، لافتاً إلى أن استخدام بلوك تشين سيسهل أيضاً اعتماد وتصديق شهادات التخرج، مشيراً إلى أن مهمة الجامعات ليست فقط تخريج الطلبة وإنما تعزيز بعد الابتكار في نفوس الطلبة وتسليحهم بالمهارات اللازمة لإنتاج تكنولوجيا أحدث والبدء بمشروعاتهم الخاصة ولا سيما في مجال الميتافيرس بما يدعم اقتصاد الدولة ويسهم في تنويعه.

فضاء رقمي

وأوضح البروفيسور عمار كاكا الرئيس الفخرى لجامعة هيريوت وات دبى أن «الميتافيرس» أصبح مصطلحاً شائعاً لدرجة أن «فيسبوك» بدلت اسمها إلى «ميتا»، وهو فضاء رقمي موازٍ للعالم الواقعي تقوم فكرته على بيئة افتراضية يمكن بها أن يوجد أشخاص في مساحة رقمية، وهي مساحة مجسمة يمكن للمستخدم التفاعل معها كأنه بالفعل في داخلها، بدلاً من كونها مجرد مساحات افتراضية يشاهدها.

وقال: إن التقنيات المرتبطة بالميتافيرس ازدهرت، كنظارات الواقع الافتراضي إلا أن هذه التكنولوجيا تتطور بسرعة ولا سيما في الألعاب، مشيراً إلى أن «بلومبيرج إنتليجنس» قدرت القيمة السوقية لميتافرس بـ800 مليار دولار بحلول عام 2024، ومن المتوقع أن تتبنى المؤسسات التعليمية هذه التقنية وتطبقها لتقديم تجربة تعليمية مبتكرة ومتطورة في المستقبل.

وأضاف إنه من المتوقع أن يسيطر الميتافيرس على المشهد التعليمي مستقبلاً وسيمكن الطلبة من تجربة حضور المحاضرات في العالم الافتراضي أينما كانوا بطريقة أكثر تفاعلاً مقارنة بالتقنيات الرقمية الأخرى.

تحدٍّ أساسي

وأشار إلى أن التحديات التي يواجهها تطبيق تقنية الميافيرس في التعليم تعد أقل مقارنة بالتعليم من بعد غير أن التحدي الأساسي يكمن في إجراء اختبارات وتقييم الطلبة بطريقة واضحة.

وأضاف البروفيسور كاكا إن تبني تقنيات الميتافرس والواقع الافتراضي يساعد على تجاوز الوسائل التقليدية التي تعتمد على التلقين، كما تتيح للمتعلمين فرصة للتواصل مع زملائهم من جميع أنحاء العالم وتشجيعهم على التفاعل والتعاون وتبادل المعرفة.

وأكد أن البنية التحتية المتطورة لدولة الإمارات محفزة على تسريع التحول الرقمي وحاضنة لابتكار الحلول القائمة على الذكاء الاصطناعي، وتشكل داعماً أساسياً لتعزيز ريادة الدولة نموذجاً عالمياً في تطبيق وتبني التكنولوجيا والحلول الرقمية التي تساعد على رفع الأداء والكفاءة.

العبور نحو المستقبل

وأكد مجيد منيمنة، نائب الرئيس لقطاع التعليم العالي والشركات لبيرسون الشرق الأوسط أن التحول إلى طرائق التدريس والتعلم الذكية والميتافيرس سيصبح بوابة دولة الإمارات للعبور نحو المستقبل، مشيراً إلى أن الدولة مهدت الطريق للابتكار وتبني التكنولوجيا المتطورة بشكل أسرع بكثير، ولا سيما في بداية جائحة كورونا، حينما أجبر العالم فجأة على التحول إلى التعلم من بعد، وأصبحت على بعد خطوات قليلة من تبني ودمج تقنيات جديدة، مثل «ميتافيرس»، في المنظومة التعليمية في دولة الإمارات.

وشدد على أهمية الاستفادة من التقنيات الرائدة، مثل الذكاء الاصطناعي القادر على تحويل تجربة التعلم عبر تجاوز الحدود الجغرافية، ومساعدة المتعلمين على تخصيص تعلمهم وفقاً لاحتياجاتهم، وتقديم محتوى مخصص وغني من الدروس المستندة إلى الرسوم المتحركة (أنيميشن)، وتعزيز نجاح الطلبة عبر تحديد نقاط الضعف لديهم، وتقديم طرائق وحلول لتقويتها والتغلب على التحديات، ودمج مهاراتهم في مهارات العمل المطلوبة للمستقبل.

وذكر على سبيل المثال، أن منصات «ماي لاب» و«ماستريرينغ» من بيرسون تعد رائدة عالمياً في إطار الواجبات المنزلية والبرامج التعليمية ومنتجات التقييم المصممة لغرض تحسين نتائج جميع طلبة التعليم العالي، بفضل إرشاداتها القائمة على البيانات التي تساعد المتعلمين على استيعاب موادهم والمفاهيم الصعبة بشكل أفضل، إذ تتيح برامج «ماي لاب» و«ماستيرينغ» تجربة تعليمية سلسة للطلاب والمعلمين على السواء.

ركيزة أساسية

وأضاف إنه مع بداية جائحة كوفيد 19، أصبح التعلم عبر الإنترنت، أو الافتراضي، ركيزة أساسية للتعليم الحديث، وفقاً لاستبانة بيرسون العالمية للمتعلمين، إذ يرى 88 % من المشاركين على مستوى العالم أن التعلم من بعد، سيصبح جزءاً دائماً من المنظومة التعليمية في جميع المستويات، وهناك حاجة للمدارس والمؤسسات التعليمية ومقدمي التعليم لتقديم تجربة رقمية فعالة وسلسة للمتعلمين.

وأكد أن التعلم الهجين سيصبح المعيار الجديد لإيصال المادة التعليمية للطلبة، أي سيتم عقد فصل دراسي رئيس من بعد لتقديم المعلومات التقنية، في حين أن التطبيق العملي سيتم واقعياً في فصل دراسي تقليدي، ما سيسفر عن نتائج أفضل.

وأشار إلى أن التعليم الذكي لن يلغي المؤسسات التعليمية التقليدية، ولكنه سيصبح شريكاً على قدم المساواة معها، من أجل تحسين فرص ومخرجات التعلم، مشيراً إلى أنه وفقاً لنتائج الاستبانة العالمية للمتعلمين التي تم الكشف عنها في عام 2021، أفاد 49 % من المشاركين في الاستبانة بأن أنظمة التعليم وفرت لهم تجربة عالية الجودة مقارنة بالعام الذي سبقه.

وقال إن من ضمن فوائد الميتافيرس إمكان توظيفها في المختبرات الدراسية، فيمكن إجراء التفاعلات الكيميائية، وعلم التشريح من دون التعرض لأي ضرر يمكن أن تتسبب به المواد في المعامل الحقيقية في الواقع المادي.

فرص عمل

وقال جاري فرنانديز مسؤول قسم شؤون الطلبة المحتملين في جامعة هيريوت وات دبى: إن تقنية الميتافرس تكتسب زخماً عالمياً مشيراً إلى أن إطلاق استراتيجية دبي للميتافيرس هذا العام، سيضيف 4 مليارات دولار إلى الاقتصاد ويخلق أكثر من 40 ألف فرصة عمل في مدى السنوات الخمس المقبلة، ومن المتوقع أن تصبح دبي واحداً من أكبر 10 اقتصادات في العالم.

وعن تحديات تطبيقها في التعليم يرى أنها تتمثل بالتكاليف الباهظة لتراخيص محتوى الواقع الافتراضي، وإنشاء نسخة طبق الأصل رقمية مزدوجة للحرم الجامعي ثلاثية الأبعاد، وسماعات الواقع الافتراضي، إلى جانب التهديدات السيبرانية لأمن المعلومات، ما سيضطر المؤسسات التعليمية للتحول نحو تقنية بلوك تشين لضمان والتحقق من صحة المؤهلات الصادرة وتصديقها، مشيراً إلى أن تقنية الجيل الخامس اللاسلكية تعد عاملاً مساعداً مهماً لتطبيق تقنية الميتافيرس.

ومن ضمن التحديات أيضاً تكاليف الاستثمار في التدريب اللازم وتطوير المهارات التقنية لدى المعلمين والمتعلمين وتنمية قدراتهم التكنولوجية.

Email