البرنامج النووي.. نهج استباقي رسخ الثقة الدولية باستراتيجية الإمارات للحياد المناخي 2050

ت + ت - الحجم الطبيعي

تواجه العديد من الدول حول العالم أزمة طاقة غير مسبوقة، بينما يواجه العالم أجمع تحدياً أكبر يتمثل في تفاقم تبعات ظاهرة التغير المناخي من أعاصير وفيضانات وحرائق وغيرها، الأمر الذي رسخ في الأذهان الأهمية الاستراتيجية للطاقة النووية لتحقيق الهدفين في ذات الآن:

توفير الطاقة اللازمة لدعم النمو الاقتصادي، والحد من الانبعاثات الكربونية والقيام بدور محوري في مواجهة التغير المناخي والوصول إلى الحياد المناخي المنشود لدى العديد من دول العالم، وذلك عن طريق تسريع خفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة، المسبب الرئيسي للانبعاثات الكربونية.

وقدمت دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً متميزاً للعالم في هذا الإطار، من خلال اتباع نهج استباقي واستشرافي لمستقبل الطاقة بقرارها في عام 2008 تطوير برنامج سلمي للطاقة النووية يفي بالمتطلبات الرقابية المحلية، ويلتزم بأعلى المعايير العالمية المعمول بها في قطاع الطاقة النووية.

والتزمت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية بالمرتكزات الأساسية الواردة في وثيقة «سياسة دولة الإمارات العربية المتحدة المتبعة لتقييم وإمكانية تطوير برنامج للطاقة النووية السلمية في الدولة» الصادرة في أبريل 2008، والتي ركزت على تطبيق أعلى معايير السلامة والشفافية والأمان، الأمر الذي جعل من محطات براكة نموذجاً يحتذى به لمختلف دول العالم التي تدرس تطوير مشاريع جديدة للطاقة النووية.

واتبعت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية نهجاً يقوم على علاقات وثيقة تتسم بالشفافية وتبادل المعارف والخبرات، مع مختلف الجهات المسؤولة والوكالات والمنظمات الدولية المعنية بقطاع الطاقة، ولا سيما الإشادات الدولية بالنهج الإماراتي الخاص باستخدام تقنية الطاقة النووية في دعم التنمية المستدامة وتحقيق أهداف مبادرة الدولة الاستراتيجية للحياد المناخي 2050 والتي كانت دولة الإمارات سباقة في تبنيها.

وقبل أيام قليلة، شاركت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية في المؤتمر العام الـ66 للوكالة الدولية للطاقة الذرية في العاصمة النمساوية فيينا، للتعريف بالجهود الإماراتية الكبيرة الرامية للوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050، عبر الاعتماد على مصادر الطاقة الصديقة للبيئة وفي مقدمتها الطاقة النووية، وسرعان ما وجد ذلك صداه الإيجابي لدى رافائيل ماريانو غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي غرد بأن محطات براكة للطاقة النووية السلمية في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي هي «مثال ناجح يؤكد على الدور الهام للطاقة النووية في مواجهة ظاهرة التغير المناخي، من خلال إنتاج طاقة كهربائية منخفضة الانبعاثات الكربونية».

وربط المسؤول الدولي بين الإنجازات التي تتواصل في محطات براكة وبين هدف الوصول للحياد المناخي، بقوله تعليقاً على بدء التشغيل التجاري لثاني محطات براكة في مارس الماضي: «أهنئ دولة الإمارات العربية المتحدة على مضاعفة كمية الكهرباء الخالية من الانبعاثات الكربونية من محطات براكة مع بدء التشغيل التجاري لثاني محطاتها. دولة الإمارات قدمت نموذجاً للقادمين الجدد إلى قطاع الطاقة النووية، من خلال تطوير برنامجها للطاقة النووية السلمية وإبراز أهمية التخطيط الاستراتيجي والرؤية، علاوة على الإنجاز وفق المعايير والممارسات العالمية. لقد كان من دواعي سروري أن أشهد التقدم في محطات براكة، والتي تدعم جهود دولة الإمارات في تحقيق أهداف مبادرتها الاستراتيجية للوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050».

وهو ما أكد عليه خلال زيارته محطات براكة في ديسمبر 2021، بالقول إن العالم يحتاج إلى المزيد من الطاقة النووية «كجزء لا غنى عنه من الجهود الحالية لحل أزمة المناخ، ولا سيما أن الطاقة النووية هي مصدر للطاقة الخالية من الانبعاثات الكربونية، ويمكنها أيضاً توفير كهرباء الحمل الأساسي على مدار الساعة وبغض النظر عن أحوال الطقس لتقوم بدور مكمل للطاقة الشمسية وطاقة الرياح».

وما تواجهه العديد من البلدان حالياً فيما يخص أزمة الطاقة وتقلب أسعارها والتضخم، يبرز الرؤية الحكيمة لقيادة الدولة الرشيدة التي استشرفت المستقبل وقررت تطوير برنامج سلمي للطاقة الذرية في العام 2008. هذا الأمر برز في تصريحات ويليام د. ماغوود، المدير العام لوكالة الطاقة النووية في مارس الماضي حين قال: «ما تحقق هو إنجاز مثير للإعجاب ويضع دولة الإمارات العربية المتحدة على الطريق الصحيح لتحقيق أهدافها الخاصة بإنتاج كهرباء خالية من الانبعاثات الكربونية، والوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050، وهو أيضاً درس للعالم مفاده أن محطات الطاقة النووية الجديدة يمكن تطويرها ضمن الجدول الزمني المحدد وفي حدود الميزانية ومن قبل دولة ليس لها تاريخ طويل في قطاع الطاقة النووية».

الموقف نفسه عبرت عنه سما بلباو ليون، المدير العام لمنظمة الطاقة العالمية في تعليقها على إعلان بدء التشغيل التجاري لأولى محطات براكة في أبريل 2021 بقولها: «إن التزام دولة الإمارات بمستقبل صديق للبيئة لقطاع الطاقة الصديقة للبيئة يضمن، في نفس الوقت، التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة للجميع في الدولة، وهو التزام يحتاج إلى تكراره في العديد من البلدان حول العالم. يجب أن تكون الطاقة النووية محور التوجه نحو الطاقة الصديقة للبيئة، هذا إذا أردنا أن ننجح في التخلص من الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2050».

وتؤيد ماريا كورسك، الرئيس التنفيذي لمعهد الطاقة النووية ما ذهبت إليه المدير العام لمنظمة الطاقة العالمية بقولها: ينبغي أن تنظر البلدان الأخرى إلى محطات براكة على أنها مثال ممتاز لكيفية مساهمة الطاقة النووية في خفض الانبعاثات الكربونية بشكل كبير وبتكلفة معقولة، مع تأمين إمدادات مستقرة من الطاقة.

ورأى إيف ديسبازيل، المدير العام للمنتدى الذري الأوروبي (فوراتوم) أن دولة الإمارات «تقود المنطقة في إنتاج الكهرباء الخالية من الانبعاثات الكربونية، حيث تسعى إلى تحقيق أهداف مبادرتها الاستراتيجية للوصول إلى الحياد المناخي بحلول 2050».

Email