أعدتها كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية

دراسة تستشرف مستقبل «الميتافيرس» والخدمات الحكومية في الإمارات

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تستشرف كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية مستقبل «الميتافيرس» في الإمارات وتوظيفه في تعزيز الأداء الحكومي وجعله أكثر مواءمة لمتطلبات المستقبل، انطلاقاً من دورها الرائد في دفع مسيرة حكومة الإمارات والمنطقة والعالم، والمساهمة في ارتقاء الأداء الحكومي، وذلك من خلال دراسة ملخصة للتعليم التنفيذي أعدها نخبة من خبراء الكلية، تناولت أهمية «الميتافيرس» وانتقاله من مجرد نظام يتيح العديد من المساحات الافتراضية على الإنترنت، إلى كونه نظاماً متكاملاً يتيح أيضاً العوالم والأنظمة الأساسية من أجل العلم والتعليم والتواصل والترفيه، والتخطيط للمستقبل وإدارة اقتصاد متنام ومستدام.

وقال الدكتور علي بن سباع المري، الرئيس التنفيذي لكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية لـ«البيان»: تحدد الدراسة العديد من مجالات «الميتافيرس» الذي بدأ الآن في المجال الإبداعي من خلال إنشاء مساحات للتواصل والتجارب متعددة الحواس، مثل المنصات الافتراضية والمتنزهات والمعارض الفنية، حيث أكدت الدراسة أن «الميتافيرس» سيدخل في كل المجالات مثل التعليم، والصحة، والأعمال، والصناعة، والتّدريب، والاختراع، والألعاب وغيرها، حيث ستتيح المساحات ثلاثية الأبعاد في «الميتافيرس» التواصل الاجتماعي والتعلم والتعاون واللعب بطرق تتجاوز ما يمكننا تخيله، إذ يمكننا ممارسة الألعاب، والعمل، والالتقاء، والتعاون، والتسوق، والتجول، ومشاهدة الأفلام والحفلات الموسيقية، وفعل أي شيء آخر كنا عادة نقوم به في العالم الحقيقي.

وبحسب الدراسة، سيكون «الميتافيرس» موجوداً في الفضاء الإلكتروني أو الفضاء السيبراني، فهو الوسط الذي توجد فيه شبكات الحاسوب التي يحصل من خلالها التواصل الإلكتروني. وبمفهوم أشمل يُعرّف بأنه مجال مركب مادي وغير مادي يشمل مجموعة من العناصر هي: أجهزة الكمبيوتر، وأنظمة الشبكات والبرمجيات، وحوسبة المعلومات، ونقل وتخزين البيانات، ثم مستخدمو كل هذه العناصر.

الموجة الثالثة

وأضاف: الموجة الثالثة من عصر الإنترنت هي عصر «الميتافيرس»، وتتجه الشركات العملاقة للاستثمار في هذا المجال، حيث يتجاوز حجم الإنفاق لشراء عقارات افتراضية ملايين الدولارات، وعلى الرغم من الشك الكبير وعدم اليقين حول سعر صرف العملات الرقمية، إلا أن عدد مستخدميها حول العالم في ازدياد مستمر، ويوجد لها خبراء ومتخصصون. وذلك نتيجة وجود تقنية «بلوكتشين» التي تتيح التثبت من ملكية الشيء. فهذه التقنية تمكن المستثمرين سواءً الماليين أو من يستثمرون جهدهم وإبداعهم من إثبات ملكيتهم، وضمان تحقيق عوائد مادية.

وقال: سيكون هناك مساحات من الأراضي للبيع وبناء المشاريع عليها، وهذه المشاريع سوف تقدم خدمات للجمهور وتستقطب العاملين، كما سيمتلك «الميتافيرس» نظاماً اقتصادياً يعمل بكامل طاقته يمكنه دعم المعاملات والمدفوعات والعمالة لتوليد الدخل.

وبحسب دراسة كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، فإن الميتافيرس سيحتاج إلى بيانات كبرى وقواعد بيانات وبنية تحتية كبيرة تحتوي على أحدث الأجهزة والسيرفرات وأماكن التخزين السحابية الضخمة ووسائل اتصال سريعة بشبكة الإنترنت، كما سيتطلب الميتافيرس كثيراً من التقنيات الجديدة والبروتوكولات، والمؤسسات، والتغيرات والاكتشافات.

الحكومات والميتافيرس

وأكدت الدراسة أن العوالم الافتراضية تُرسخ وجودها في حياتنا يوماً بعد يوم، وأصبحت موضوعاً لا مفر منه، مشيراً إلى وجوب تحرك الحكومات نحو الإسراع للاستفادة من الميتافيرس بما يسهل وظائفها ويعزز من جودة خدماتها.

وألقت الدراسة الضوء على العديد من التجارب العالمية في هذا المجال مثل (سيول) التي تعد أول مدينة أقامت «Metaverse Seoul»، حيث سيتم تنفيذ الخدمات الإدارية مثل الشكاوى المدنية والثقافة والسياحة بحلول نهاية عام 2022.

فوائد

وبحسب الدراسة، هناك فوائد جمة يمكن أن تجنيها الحكومات إذا دخلت في عالم الميتافيرس منها، المحاكاة التي تخلق واقعاً معززاً وفرصة للمستخدمين لتجربة مواقف العمل في بيئة خاضعة للرقابة ما يمكن من تطوير خدمات غير محدودة للجيش والشرطة وخدمات الطوارئ، وعلى غرار المحاكاة وتقديم الخدمات، يمكن استخدام الميتافيرس في المغامرات الافتراضية والمفيدة في المعالم مثل المتنزهات والمتاحف الوطنية.

كما يمكن أن يكون لاستخدام الواقع المعزز أو الواقع الافتراضي لتصور البيانات تأثير كبير على المهن مثل الهندسة أو صيانة المدن من خلال القدرة على جمع المعلومات في الوقت المناسب وعدم الاضطرار إلى البحث عنها، وقد يكون توفير الصيانة مكلفاً من الناحية المالية وفي ساعات العمل، لذا ستكون تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز قادرة على مساعدة العمال عن طريق سحب آلة أو تكوين سيناريو على الفور لتقييم أفضل طريقة لحل المشكلة، وتخطو تلك التقنيات خطوات واسعة في تعليم الجمهور، وقد تكون مفيدة أيضاً للعاملين الحكوميين، إذ يمكن إجراء التدريب من أي مكان، وإنشاء السيناريوهات والوصول إليها عدة مرات حين تكون ضرورية.

الواقع المعزز

وقال المري: في مجال السلامة والصحة العامة، يمكن لتقنيات الواقع المعزز والافتراضي أن تجعل عمليات التفتيش أقل طولاً وأكثر كفاءة من خلال الوصول إلى بيانات عمليات التفتيش السابقة، ويمكن لموظفي الحكومة معرفة مكان حدوث الإخفاقات في الماضي وتقديم حلول متخصصة بشكل أفضل. كما ستثبت هذه التقنيات أنها مفيدة للغاية في مجال التحقيقات، حيث ستسمح لضباط الشرطة بالوصول إلى البيانات المتعلقة بالبيئات الظرفية، وسيكون لديهم بيانات تبلغهم بوقائع مثل الاعتقالات التي حدثت في الماضي.

تجارب إماراتية

وألقت الدراسة الضوء على عدد من التجارب الإماراتية الرائدة في مجال الميتافيرس في مجال العمل الحكومي مثل، تمكن مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية بإطلاق أول منصة افتراضية عالمياً بتقنية الميتافيرس في التطبيب عن بُعد، واعتماد تحويل مركز دبي التجاري العالمي لمنطقة متكاملة تدعم تنظيم والرقابة على الأصول الافتراضية والمشفرة.

وطرحت دراسة الكلية عدداً من الحلول حول كيفية تعامل حكومة الإمارات مع المخالفات الافتراضية والعوالم الافتراضية في المستقبل.

وأكدت الدراسة أن العوالم الافتراضية ستترافق باضطراب كبير، حيث هناك حياة كاملة اقتصادية واجتماعية وعقارية وانتقال أصول وبيع أراض ومنتجات تباع وتُشترى، وهناك جرائم واحتيالات وغيرها من أنواع الجرائم الجديدة والمبتكرة، وسط احتمال تشكيل حكومة افتراضية في عالم الميتافيرس.

4 محاور رئيسية

وطرحت الدراسة 4 محاور يمكن الانطلاق منها، وهي إنشاء مجموعات استراتيجية مسؤولة عن استشراف واكتشاف المشكلات التي سنواجهها في عالم الميتافيرس، وإنشاء إدارة افتراضية للآفاق التقنية، على أن تضم أشخاصاً من الحكومة والأوساط الأكاديمية وخبراء القطاع الخاص، وتشجيع صانعي المحتوى على الاجتماع معاً، والبدء في بناء استراتيجية للتوائم الرقمية لجعل المرحلة الانتقالية من العالم الواقعي إلى عالم الخيال الملموس أسهل لنا جميعاً، وقد تحتاج الحكومة أيضاً إلى إنشاء مجموعات تركيز معنیة بتنظيم الأحداث المتوقعة في كل هذه القضايا والتحولات المعقدة.

وقال المري إن العوالم الافتراضية واقع لا يمكن تجاهله، لذا يتعين على المؤسسات البحث عن أساليب افتراضية تدعم التواصل الاجتماعي والطقوس الاجتماعية اليومية بهدف تعزيز الانتماء، وتقليل الإنهاك، وخلق حالة من الاتساق، وينبغي أن يتم كل ذلك في ظل وضوح الأهداف والغايات، والدفع بعجلة التعلم والتطوير، كي نضمن فرصاً أفضل للنجاة في مستقبل محفوف بالمخاطر، مع التركيز على أن يكون هناك عدالة في الوصول والقدرة على الاتصال لكل أفراد المجتمع.

وتابع: بما أن الميتافيرس حديث العهد على الحكومات فإننا ننصح بأن يتم تشكيل فريق استكشافي للنظر في القضايا التنظيمية المعقدة التي قد يطرحها الميتافيرس، والتعرف على طبيعته أولاً، ثم التعرف على الفرص والتحديات التي ستنشأ عنه واقتراح مجموعة من اللوائح والأمور التنظيمية الاستباقية، ومن المفترض أن يضم الفريق الاستكشافي أو أن يكون أغلبهم من جيل z الذي يتعامل مع المساحات الافتراضية منذ مدة ويعرف نقاط قوتها وتحدياتها.

حقيقة

تؤكد دراسة كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية أن «الميتافيرس» سيتحول إلى حقيقة، وسوف يتغير العالم بشكل جذري لنشهد ولادة عصر جديد يحمل حضارة إنسانية جديدة، وسوف تسيطر آليات العمل عن بُعد، وسيحقق الترفيه الرقمي تقدماً مذهلاً، فالميتافيرس ليس مدعاة للقلق، لكن العصر الجديد لا يدعو إلى التّراخي والتسليم بالخيال-الواقع، فعندما يتغير العالم يكون على الإنسان أن يستجيب ويشارك في التغيير بل وفي صنع عالم خيالي ملموس جديد.

 

11 وظيفة يتوقع احتياج السوق لها في عالم «الميتافيرس»

 

أكدت الدراسة أن وجود عالم «الميتافيرس» سيخلق معه بالطبع كثيراً من الفرص والوظائف الجديدة التي لم تكن موجودة من قبل، ومن المتوقع احتياج سوق التكنولوجيا إلى الوظائف التالية:

مهندسو البرمجيات (منصات الواقع المعزز)، حيث سيتطلب حجم البيانات الهائل الذي ستتعامل معه شركات التكنولوجيا والألعاب مزيداً من مهندسي البرمجيات لإنشاء شبكات وأنظمة تخزين بيانات جديدة.

ومصممو الألعاب، إذ سيخلق الطلب المتزايد على الألعاب القائمة على الواقع الافتراضي في عالم «الميتافيرس» الحاجة لمصممي ألعاب شاملة ومنفذين ومستشارين في هذا المجال.

واضعو استراتيجيات الرموز الراسخة غير القابلة للاستبدال (NFT)، ففي عالم «الميتافيرس» سوف نحتاج لمن يتمتعون بالمهارات التحليلية لفهم جميع الاتجاهات الجديدة، ولأشخاص قادرين على وضع استراتيجيات للجمع بين مفاهيم (NFT) والتنفيذ التكتيكي والتصميمات لبناء تجربة مستخدم جذابة.

ومهندسو سلاسل التحكم (بلوك تشين)، فمن يريد الانضمام إلى عالم «الميتافيرس» بوصفه مهندس سلاسل عليه أن يتقن تصميم أنظمة البرامج، واختبارها، ونشرها، وإدارتها.

ومديرو المنتجات، لتسويق منتجات التجارب الاجتماعية في الواقع الافتراضي، والمشاركة في وضع الاستراتيجيات، وفهم وجهات نظر المستخدمين وجمع التعليقات واغتنام الفرص المناسبة.

وعالم أبحاث «الميتافيرس»، سيكون هناك احتياج في «الميتافيرس» إلى قادة قادرين على الابتكار كما في العالم الحقيقي تماماً.

كذلك مطور النظام الإيكولوجي، حيث نحتاج في «الميتافيرس» إلى نظام إيكولوجي كامل وشامل، وهنا يأتي دور مطوري النظام الإيكولوجي الذين يتولون مهام التنسيق بين الشركاء والحكومات لبناء البنية التحتية للميتافيرس.

ووظيفة مدير سلامة «الميتافيرس»، لن يكون عالم «الميتافيرس» آمناً، وسوف يحتاج مدير سلامة الإلكترونيات، وهذه الوظيفة تتطلب شهادة في الهندسة وخبرة في تصنيع الإلكترونيات.

وصانع أجهزة «الميتافيرس»، ثمة حاجة لمصنّعين للمستشعرات والكاميرات وغيرها من الأجهزة بجودة عالية وأسعار زهيدة، تجعلها متاحة للجميع.

وحكواتي «الميتافيرس»، وستكون مهمته كتابة مغامرات للأشخاص أثناء استكشافهم لهذا العالم الجديد.

أيضاً خبير حظر إعلانات، قد يكون بيع الإعلانات مصدراً من مصادر الأموال في «الميتافيرس»، لذا من الضروري وجود خبير لحظرها.

ووظيفة خبير أمن سيبراني، ففي «الميتافيرس»، ستكثر الهجمات الإلكترونية ومحاولات الاحتيال، وسنحتاج إلى خبراء أمنيين للحماية من تلك الهجمات.

Email