الحدائق متنفس للعائلات.. ورعايتها مسؤولية مجتمعية

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

شكلت الحدائق في دولة الإمارات أحد أبرز المتنفسات للعائلات، تجد فيها الأسر الفرصة للخروج من وطأة الحياة اليومية، والالتقاء مع الأصدقاء، كما يجد فيها الأطفال مجالاً رحباً لتفريغ طاقتهم، واللعب في رحاب الطبيعة، وقد أولت الدولة اهتماماً بالغاً بإنشاء هذه الحدائق وفق أعلى المواصفات الفنية، وتوفير الخدمات التي تلبي حاجات مرتاديها، مع تنويع اللمسات الجمالية للمسطحات الخضراء والاعتناء بالأشجار الموسمية.

وعلى الرغم من جهود الجهات المعنية بإجراءات الصيانة الدورية والمستمرة لهذه المساحات الطبيعية، إلا أن مسؤولية الحفاظ عليها تبقى أيضاً مسؤولية اجتماعية، يتحملها رواد الحدائق، حيث إن الحفاظ على مرافق الحدائق ومسطحاتها الخضراء واجب وطني على الجميع الالتزام به.

حرص كبير
وقد حرصت البلديات في الدولة على توسيع الرقعة الخضراء في الحدائق والأشجار المزروعة، التي تأتي تنفيذاً لرؤى وتوجهات القيادة الرشيدة في تعزيز المظهر الحضاري، لذلك تعتبر الإمارات من أكثر البلدان استقطاباً للسياح والزوار، حيث أولت الجهات المختصة على مستوى الدولة عناية بالغة بالحدائق والقطاع الزراعي، لتستقطب الفعاليات والأنشطة ذات الطابع العائلي لتكون فرصة للتلاقي والتعارف، وتسهم في تحسين الظروف البيئية التي نعيش فيها، وانعكاسها إيجابياً على صحة وحياة أفراد المجتمع، حيث تعتبر أوفر الطرق اقتصادياً لمعالجة المناخ والراحة النفسية للجميع.

قفزات نوعية
وقال طالب اليحيائي مدير بلدية دبا الحصن: «تم زراعة 1000 زهرة موسمية في كافة أرجاء المدينة خلال الفترة الممتدة من يناير إلى مايو 2022، وتم تقليم 144 شجرة، وإزالة النباتات الضارة في الأحواض الزراعية، كما تم تعديل نظام الري من اليدوي إلى الآلي لشاطئ وحديقة الحي الغربي وحديقة حي الدوب»، لافتاً إلى أن البلدية تشرف على عدد من الحدائق الموجودة داخل المدينة مثل حديقة حي الدوب، وحديقة حي المهلب، وحديقة الحي الغربي.

وشهدت مدينة دبا الحصن قفزات نوعية في زيادة المساحات الخضراء في المدينة، حيث وصل إجمالي المساحات المزروعة في عام 2019 حوالي 160500 متر مربع، وذلك وفق التقرير السنوي الذي أصدرته البلدية حول الإنجازات في المجال الزراعي، وعن عدد كبير من المشاريع التي نفذتها البلدية من أهمها مشروع زراعة وتطوير حديقتي حي المهلب والحي الغربي.


27 ٪
وأوضح الكتاب الإحصائي السنوي لحكومة الفجيرة للعام الماضي زيادة إقبال زوار الحدائق العامة بنسب بحوالي 27% أي بواقع 225 ألف زائر في مختلف مناطق الإمارة، التي عكست أهميتها كوجهة طبيعية تمثل الاستجمام والراحة النفسية لروادها.

معالم بارزة
وتأتي حدائق رأس الخيمة ضمن أبرز معالم الإمارة وتضم حالياً 10 حدائق عامة، منها 2 في شعم وخزام هي حدائق مخصصة للسيدات، بالإضافة للرقعة الخضراء على امتداد الشريط الساحلي للإمارة، والذي يضم مرافق وممشى في كل من كورنيش الرمس، وكورنيش القواسم والمعيريض. وتمثل حديقة صقر العامة أهم الوجهات العائلية، في ظل حرص دائرة الخدمات العامة برأس الخيمة على تفعيل دور الحدائق كمرافق ترفيهية رياضية سياحية، وتنفيذ الفعاليات الجذابة والممتعة للكبار والصغار، حيث تبلغ المساحة الإجمالية للحديقة أكثر من 380 ألف متر مربع، وتبلغ المساحة الخضراء 96%.

وتسعى دائرة الخدمات العامة لافتتاح حديقة منطقة شوكة الجديدة بالمناطق الجنوبية التابعة لرأس الخيمة، كما أطلقت الدائرة خلال العام الجاري، مشروع إنشاء الحدائق السكنية خلال الثلاثة أعوام القادمة بمعدل 4 حدائق سنوياً، بهدف التوسع في المناطق الترفيهية الخارجية للمقيمين والزوار، والتشجيع على ممارسة الرياضات ضمن ساحات الجري وممارسة رياضة المشي ومسارات الدراجات وأدوات الرياضة.

توعية العائلات
ولفت المواطن عمر المعاني، إلى أهمية توعية العائلات بنبذ السلوكيات الخاطئة التي تؤثر سلباً على المسطحات الخضراء، وتتسبب في مضاعفة تكلفة التشغيل والصيانة، حيث نجد بعض العائلات يتركون أطفالهم يلهون بقطف الأزهار ودهسها بأقدامهم وإتلاف الأشجار الصغيرة، وعدم الالتزام بتعليمات النظافة العامة أو عدم التخلص من بقايا الأطعمة وعبوات المياه والعصائر الفارغة في أكياس محكمة الغلق داخل صناديق النفايات المتوافرة بكثرة في الحدائق، مشيراً إلى أن تلك السلوكيات تزيد تكلفة التشغيل وبرامج الصيانة، مؤكداً أن الحفاظ على مرافق الحديقة ومسطحاتها الخضراء واجب وطني على جميع الالتزام به.

مردود إيجابي
وأكد الدكتور عادل أحمد الكراني استشاري طب نفسي مركز إسحاق بن عمران الطبي بمدينة الشارقة، أهمية التواصل مع الطبيعة لمردودها الإيجابي على الحالة النفسية لجميع أفراد العائلة، والشعور بالاسترخاء وطلباً للهدوء، وإمضاء أوقات سعيدة بصحبة العائلة والأصدقاء، في ظل توافر الحدائق العامة والمسطحات الخضراء بمختلف مناطق دولة الإمارات.

وأشار إلى أن التواصل مع الطبيعة يبهج الإنسان ويسعده ويؤثر إيجاباً وخاصة على مرضى الاضطرابات النفسية، مثلاً رؤية المياه الجارية ولمس الحشائش والأزهار والاستمتاع بألوان الخضرة، بالإضافة لدور التواصل الحسي مع الأجواء الطبيعية بعد فترة الصيف التي يكثر فيها التعامل مع المكيفات والأجواء المغلقة، ومن الضروري وضع برامج لزيارة الحدائق لزيادة التواصل ما بين أفراد العائلة، وخاصة كبار السن والأطفال ولم شمل العائلات والأصدقاء، مقارنة بالتجمعات الأخرى في المراكز التجارية أو المطاعم التي يكون فيها الانشغال بالهواتف والأعمال.

وتسهم زيارة الحدائق في إخراج طاقة الأطفال خلال استمتاعهم بالألعاب الحركية وتعبيره عن طاقته بطريقة إيجابية مقارنة بالأماكن الأخرى التي يكون فيها الألعاب بدون مجهود، كما تسهم في زيادة معارف أطفال العائلة بأصدقاء جدد وتكوين صداقات تسهم في توسيع قاعدة اتصالهم المجتمعي مع الآخرين تحت أعين ورقابة الأهل، في ظل التنافس الرياضي والحركي بين الأطفال وأصدقائهم. وأكد كراني أن انتشار الحدائق في مختلف مناطق دولة الإمارات وتنوعها، يدعو العائلات إلى إعادة خطط السفر واستبدالها بتخصيص أوقاتهم لزيارة تلك الحدائق التي تضم محفزات على الإبداع لاسيما للصغار من أجل تثقيف أجيال المستقبل بطريقة ترفيهية تثير اهتمامهم وتحفز فيهم شغف الاكتشاف، في ظل اهتمام الدولة بتلك المرافق لضمان سعادة الإنسان وراحته، وتكون الأفضل على مستوى العالم.

تشجيع الاستثمار
وأوضحت الناشطة الاجتماعية سميرة سليمان، أن الحدائق العامة وحدائق الأحياء السكنية، لها تأثير إيجابي وتعتبر مكاناً رائعاً لنستمتع به نحن الأمهات وأطفالنا، الذين يستمتعون بالألعاب الترفيهية، كما تغنينا البحث عن أماكن خاصة بترفيه الأطفال، لتمثل تلك الحدائق وخاصة العائلية وجهة مفضلة لقضاء الوقت في التأمل والاسترخاء وتقليل التوتر وزيادة نسبة السعادة، مشيرة إلى أهمية الحفاظ عليها وتوعية المجتمع بعدم الإضرار بهذه المتنفسات الطبيعية.

وأكد رائد الأعمال فؤاد البستكي أهمية تنمية الموارد المالية للحدائق من خلال فتح الاستثمارات في مرافقها، وتوسعة مشاركة القطاع الخاص، بتخصيص مساحات للفعاليات والأنشطة التجارية المختلفة، لتسهم تلك المشاريع بشكل مباشر في توفير خدماتها للزوار، وتعمل على رفع مستوى الإقبال على الحدائق، وهو ما يفتح الباب أمام المستثمرين لزيادة العوائد المالية التي تعود بالفائدة على عمليات العناية بتلك الحدائق.

مقصد
تضم إمارة الفجيرة عدداً من الحدائق العامة وحدائق الشواطئ ذات المسطحات الخضراء، التي تعد متنفساً طبيعياً ومقصداً للأسر والأفراد، للاستجمام والاستمتاع في أوقات الإجازات والعطلات والأعياد الرسمية، بعيداً عن أجواء المنازل تجتذب هذه الحدائق الزوار بعيداً عن الحياة الروتينية والرسمية للاستمتاع بالهواء النظيف، والجلوس وسط المساحات الخضراء، لتكون عاملاً مهماً في تخفيف ضغوطات الحياة، ورافداً للاقتصاد الوطني بتوفير متنفسات للزوار والسياح بقضاء وقتهم على بساط أخضر.   

Email