«البيان» تروي قصصاً ملهمة عن ناجيات

«إيواء» مظلة إنسانية متكاملة لتمكين ضحايا الاتجار بالبشر

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

بسجل حافل بالإنجازات الدولية والإقليمية، تشارك دولة الإمارات العربية المتحدة العالم الاحتفاء باليوم العالمي لمناهضة الاتجار بالبشر.

والذي يصادف 30 يوليو من كل عام، وتنسجم هذه الجهود مع الأطر الأخلاقية والإنسانية التي تتسم بها دولة الإمارات العربية المتحدة كواحة للإنسانية ومنارة للتسامح وبلد للأمن والأمان تحفظ كرامة الإنسان وتشع قيمها ومبادئها في أرجاء المعمورة، إذ تعتبر الدولة طرفاً رئيسياً في الحملة العالمية لمكافحة الاتجار بالبشر.

وكانت أول دولة في المنطقة تسن قانوناً شاملاً لمكافحة الاتجار بالبشر، وهو القانون الاتحادي رقم 51 لسنة 2006.

وتسلط «البيان» الضوء على الجهود الوطنية لمركز أبوظبي للإيواء والرعاية الإنسانية –«إيواء»، التابع لدائرة تنمية المجتمع، وجهوده كمظلة إنسانية عملت على احتواء ضحايا الاتجار بالبشر وتأهيلهم وتمكينهم وإعادة دمجهم في المجتمع، لينعموا بحياة آمنة ومستقرة، وبداية جديدة تصون كرامتهم.

بداية استهلت سارة شهيل، المدير العام للمركز، الحديث، بتأكيد الحرص على تقديم خدمات متكاملة للناجين من الاتجار بالبشر، بالتعاون مع الشركاء الاستراتيجيين، وتجلى ذلك في حرص المركز مؤخراً على عقد اتفاقيات مع عدد من الجهات، ومنها هيئة الهلال الأحمر الإماراتي والشركة الوطنية للضمان الصحي – ضمان، لتوفير خدمات التأهيل المهني والتأمين الصحي والعلاج، لشتى الحالات المستفادة من خدمات المركز.

360 حالة

وأعلنت شهيل عن تقديم المركز خدماته لحوالي 360 حالة اتجار بالبشر منذ افتتاحه، وذلك بالعمل مع الشركاء والجهات الداعمة، وهذا بخلاف حالات العنف والإيذاء الأخرى. وبالإجابة عن سؤال حول اجتماع المركز بالعديد من الجهات الوطنية والمنظمات الدولية مؤخراً وتباحث قضايا الاتجار بالبشر، ومنها المنظمات التابعة للأمم المتحدة والسفارات ومؤسسات القطاع الاجتماعي.

قالت شهيل: دائماً ما يخوض المركز الاجتماعات واللقاءات الدورية مع شتى الأطراف المعنية، للتعريف بكل ما هو جديد وتبادل الخبرات واستكشاف فرص التعاون، بينما يعمل على التحضير للمبادرات، وحملات التوعية، وتطوير خدماته، وغيرها.

خدمات متكاملة

ومن جهتها، تطرقت مهرة القبيسي، مدير إدارة الإيواء والرعاية الإنسانية في «إيواء»، إلى الخدمات المتاحة للناجين من الاتجار بالبشر، وبينت أن المركز يقدم خدمات الإيواء للأطفال والإناث والذكور، وتتراوح مدة إقامة كل حالة في المتوسط من شهرين إلى 6 أشهر، ويتم خلالها تطبيق نظام متكامل لإدارة الحالة يتضمن خدمات الدعم النفسي والاجتماعي والمهني والرعاية اللاحقة لضمان تأهيل الضحايا وإعادة دمجهم.

وحول تفاصيل كيفية الوصول لدور الإيواء واستمرار متابعة الحالات بعد الخروج، أوضحت القبيسي أنه غالباً ما يتم إحالة الناجين إلى «إيواء» عبر جهات إنفاذ القانون، أو السفارات، أو المنظمات الاجتماعية الأخرى، أو دور العبادة، أو المستشفيات، كما يستقبل المركز ضحايا العنف بشكل عام عبر الخط الساخن.

وأوضحت أنه يتم توفير خدمات الفحص الطبي الشامل لجميع الحالات التي يتم إيداعها في دور الإيواء، ويقدم المركز الدعم القانوني، كاستخراج الوثائق الرسمية وتقديم الدفاع القانوني، بالإضافة إلى الدعم المالي إذا لزم الأمر.

500 قطعة فنية

وفي سياق متصل، أشارت القبيسي إلى أن دور الإيواء توفر حزمة من خدمات الدعم والتأهيل النفسي، ومنها «العلاج بالفن»، وذلك كجزء من برامج إعادة التأهيل، ويتم وضع برامج متكاملة للرعاية والتأهيل والتمكين وفقاً لمخرجات التقييم الشامل والاحتياجات النفسية والاجتماعية.

وبينت أنه تم عرض العديد من الأعمال التي أبدعها الناجين خلال جلسات العلاج في المعارض الفنية، وتسهم العائدات التي يتم جمعها من هذه النشاطات في دعم المركز، وقد أبدع الناجون في دور الإيواء الخاصة بالمركز أكثر من 500 قطعة فنية حتى الآن.

لغات

وأضافت: إن طاقم العمل في دور الإيواء يجيد العديد من اللغات، ومنها العربية والأردية والروسية والإنجليزية، لسهولة التعامل مع الجنسيات المتنوعة، كما يستعين المركز، إن تطلب الأمر، بالشركاء، كالسفارات والجهات التشريعية، لتوفير مترجمين يساعدون على التواصل مع الحالات بسلاسة.

وأكدت القبيسي أنه يتم اتباع أفضل معايير الأمن والسلامة في دور الإيواء، كما توجد غرفة خارجية منفصلة معدة لاستقبال كل حالة وإيوائها إلى أن يتم فحصها والتأكد من سلامتها من الأمراض، فضلاً عن توفر عيادة مصغرة داخل المأوى 24 ساعة، وغيرها من الخدمات التي تصون كرامتهم وتحفظ حقوقهم.

عندما تصبح الناجية منقذة

ماذا لو تغيرت أحداث الحكاية، لتصبح الضحية بطلة ملهمة. هنا تسبر «البيان» أغوار قصة تمكين استثنائية، تدور أحداثها حول امرأة سافرت بحثاً عن عمل مناسب، ولكن تم المتاجرة بها، إلا أنها تمكنت من الهروب بعد أسابيع من الاستغلال، ولجأت للشرطة وأبلغت عن شبكة الاتجار بالبشر.

فأوقعت الشرطة بالعصابة وأنقذت المزيد من النساء بفضل المعلومات التي أدلت بها، ثم أحالتها إلى مركز أبوظبي للإيواء والرعاية الإنسانية – «إيواء» لتقديم خدمات التأهيل والتمكين لها بعد الانتهاء من التحقيقات الأولية، فتغيرت حياتها للأفضل.

وفي سياق هذه القصة، أكدت مهرة القبيسي أن الحالة تلقت بداية الرعاية الطبية المتكاملة والاستشارات النفسية للتخفيف من صدمتها، وتمكنت، بفضل العلاج، من مواجهة آلامها والتغلب عليها، واستعادة صحتها النفسية وإيجابيتها تدريجياً.

كما تلقت تدريباً مهنياً في مجال العمل الإداري خلال إقامتها في دار الإيواء، وساعدها «إيواء» على استخراج الوثائق اللازمة، وتم التنسيق مع السلطات والمنظمات الدولية، ومنها المنظمة الدولية للهجرة ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، لإعادتها إلى وطنها طوعياً، كما دعمها المركز مالياً حتى حصلت على وظيفة.

القصة لم تنتهِ هنا، حيث ألهمتها تجربتها في «إيواء» للانضمام إلى إحدى مؤسسات حقوق الطفل بعد عودتها إلى وطنها، لتقدم الدعم للفئات المستضعفة وتكون عضواً فاعلاً في المجتمع يوعي غيره بضرورة الحذر من الاستغلال بشتى أنواعه.

أرادت إعالة أسرتها فوقعت في الفخ

وفي قصتنا الثانية، تسلط «البيان» الضوء على ما يعانيه الناجون من الاستغلال مع استرجاع ذكريات التجارب المروّعة التي تعرضوا لها مراراً وتكراراً، وميلهم للإحساس المستمر بالذنب والخجل، وإيجاد صعوبة بالغة في الوثوق بالآخرين، مما يتطلب جهوداً أكبر من قبل المؤسسات المعنية بتمكينهم، ومنها «إيواء»، حيث يلعب العلاج النفسي دوراً جوهرياً في إعادة تأهيلهم واستعادة ثقتهم بأنفسهم.

وبدأت أحداث الحكاية حينما ظنت الناجية الثانية أنها وجدت فرصة للعمل كخادمة في الخارج، فتحمست للفرصة حتى تتمكن من دفع تكاليف علاج والدتها المريضة ومواصلة إعالة أسرتها، ثم فوجئت بأنها أصبحت أسيرة في شبكة للاتجار بالبشر.

فتعرضت لمختلف أنواع العنف على مدى شهرين، حتى استطاعت أن تتواصل مع الشرطة لتبلغ عن العصابة التي كانت تحتجزها مع أخريات، فأنقذتها الشرطة وأحالتها إلى مركز أبوظبي للإيواء والرعاية الإنسانية.

وبعد رحلة دعم متكاملة تتضمن الرعاية الطبية وجلسات العلاج النفسي المكثفة لمساعدتها في التغلب على الاكتئاب والخوف والإحساس بالعجز وتخطي الصدمات النفسية، تكفل «إيواء» بتكاليف جراحة والدتها، وقدم لها الدعم المالي لمساعدتها على بدء مشروع صغير حتى تعيش حياة كريمة وتتمكن من منح أسرتها حياة أفضل.

منصة توعوية

وأفاد الخبراء في المركز بأن الغالبية العظمى لضحايا الاتجار بالبشر حاصلون على تعليم أساسي أو أقل، ولهذا يحظى المركز بدور توعوي ووقائي لضمان عدم وقوع الفئات المستضعفة في فخ الاتجار بالبشر، والذي قد يتمثل في إيهامهم بالحصول على وظيفة مناسبة براتب مجزٍ في بلد يفيض بالخير.

استراتيجية

تواصل وزارة الداخلية جهودها في مجال مكافحة جرائم الاتجار بالبشر منذ صدور القانون الاتحادي رقم 51 لسنة 2006 في شأن مكافحة جرائم الاتجار بالبشر وتعديلاته، وتصديق الدولة على «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية»، و«بروتوكول باليرمو منذ عام 2004»، ومروراً بإنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر.

والتي تضم الجهات المعنية كافة لبلورة رؤية موحدة في مجال مكافحة هذا النوع من الجرائم، وتنفيذ جميع أهداف الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر والمبنية على 5 ركائز.

حملات

أعلن مركز «إيواء» عن إطلاق حملة توعوية عبر منصاته الرقمية (ewaa.abudhabi)، بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة الاتجار بالبشر، تحت شعار «إساءة استخدام التكنولوجيا».

والذي أعلنته الأمم المتحدة، وتستهدف الحملة الفئات الأكثر عرضة للوقوع في فخ الاتجار بالبشر، لتوعيتهم بأسلوب مبسط بمفهوم الاتجار بالبشر وكيف تستخدم عصابات الاتجار بالبشر التكنولوجيا في الإيقاع بالضحايا، بالإضافة إلى دور الدولة والتزاماتها بالعمل مع المجتمع الدولي للتصدي لتلك الجريمة، وخدمات المركز المتكاملة ونموذجه الشامل للرعاية المقدم لضحايا الاتجار بالبشر والعنف والإيذاء بشكل عام.

Email