مسؤولون ومختصون خلال جلسة نقاشية في «مساحتكم عبرالبيان »:

التسامح نهج ثابت في سياسة الإمارات

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد المشاركون في الجلسة الحوارية «مساحتكم عبر البيان» على «تويتر»، تحت عنوان: «الإمارات ترسم ملامح النظام العالمي الجديد بالسلام والتسامح»، أن مفهوم التسامح مرتبط باسم دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو ليس وليد اللحظة وإنما نهج راسخ منذ عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي عزز هذا المبدأ والخلق الإسلامي النبيل لدى أفراد المجتمع والأجيال اللاحقة من بعد رحيله.

وأجمعوا على أن التسامح صفة أصيلة في مجتمع الإمارات تمثلت في القيم التي أقام عليها الآباء المؤسسون دعائم دولة الاتحاد، وهو ما جعل الملايين من العالم يختارونها بسبب أجواء العيش المشترك فيها والتنوع الملهم والتعددية، وعاشوا مقولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أن التسامح واجب لأن الإنسان إنسان في المقام الأول.

وشارك في الجلسة التي أدارها الإعلامي يوسف الحمادي، كل من: فضيلة الدكتور أحمد الحداد كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، عضو مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، واللواء أحمد المنصوري مستشار الثقافة بمركز محمد بن راشد للثقافة الإسلامية، والقس رفعت فكري رئيس مجلس الحوار والعلاقات المسكونية بسنودوس النيل الإنجيلي.

وأشرف حرب مساعد وزير الخارجية الأسبق في مصر، مستشار مركز الخليج للدراسات السياسية والاستراتيجية، وأحمد إلهام الظاهري سفير سابق بوزارة الخارجية والتعاون الدولي، والمستشار راشد النعيمي مستشار تخطيط استراتيجي وإدارة أداء مؤسسي المنسق العام للمبادرة الوطنية «الحكومة حاضنة للتسامح».

وفي البداية أكد الإعلامي يوسف الحمادي في معرض تقديمه للجلسة أن الإمارات تبذل جهوداً حثيثة لوضع أسس لتقارب حقيقي بين الأديان والثقافات بعدما شملت الدولة برعايتها وثيقة الأخوة الإنسانية، وأسست بيت العائلة الإبراهيمية على أرضها كمركز عالمي لهذا التقارب.

وتؤمن بأن الحوار الجاد بين الحضارات والأديان والثقافات المختلفة لم يعد ترفاً فكرياً بل هو السبيل الأوحد لإقرار السلام وتعزيز ثقافة التسامح والتعايش في المجتمعات.

وأشار إلى حرص قيادة الإمارات على تعزيز التعاون بين دول العالم، والتنسيق مع شركائها، بما يخدم السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي، ومواجهة التحديات المشتركة، وجهودها في هذا المجال محل تقدير عالمي.

معان

وأكد أحمد الحداد أن الدولة محظوظة بقيادتها الرشيدة التي جعلت من التسامح والسلام والوئام منهجاً تسير به في حياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والإنسانية جمعاء، وهذا المنهج ليس غريباً على الإمارات لأنها دولة ينص دستورها على أن الإسلام دين الدولة الرسمي، وبالتالي فهي تستقي المعاني الإسلامية والإيمانية من شريعتها السمحاء التي جعلت التسامح والإخاء الإنساني مبدأ إيمانياً بين الناس.

وتوقف عند حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فيه: «أحب الأديان إلى الله الحنيفية السمحاء»، مؤكداً أن هذا ما طبقه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في حياته بأن عاش متسامحاً مع الديانات والطوائف المختلفة.

وأضاف فضيلته: حينما أنشأ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم دولته في المدينة المنورة، كانت هناك ديانات متعددة وأطياف مختلفة، وكانت المدينة تضم الكثير من اليهود، لكنه صلى الله عليه وسلم تعايش وتعاون معهم على مبدأ الإخاء الإنساني والوفاء ينفع الناس، ثم سار الخلفاء الراشدون من بعده على النهج نفسه في قبول الآخر.

وتابع: الإمارات تستقي من المبادئ التي أكد عليها رسول الله ومن جاء من بعده، وطبقتها في واقعها، إيماناً منها أن هذا الواقع هو الذي ينفع الناس فاعتمدت التسامح منذ تأسيسها، وعاش فيها النصراني والبوذي والسيخي وغير ذلك.

وأكد فضيلة الحداد: أن منهج التسامح والإخاء جعل الإمارات كـ«الشامة» بين الدول والشعوب، التي تتطلع الآن إلى تبني هذا النهج السامي العريق في أصالته وحضارته النافع للأمة والبشرية، خصوصاً بعدما جربت شعوب البشرية الحروب التي يرجع سببها إلى أن الناس لم يعيشوا بسلام ولا على مبدأ التسامح .

وأضاف الحداد: الهدف من التسامح السعي لإيجاد حياة مثلى وفضلى للبشرية وهو مقصد كل إنسان يسعى ليعيش بسلام وأمان وهذا ما سعت إليه وثيقة الأخوة الإنسانية وفي الحقيقة فإن الإمارات حينما رعت الوثيقة ودعمتها وحثت الأمم المتحدة لتتبناها، إنما سعت لخير الإنسان والبنيان والأوطان. ومن أراد أن يحذو حذو الإمارات فلينهج منهج التسامح حتى يترقى في إنسانيته وحضارته وإخائه ويعيش عيشاً كريماً كما يحب لنفسه.

نموذج التسامح

ومن جانبه، أكد اللواء أحمد المنصوري أن قيام اتحاد الإمارات هو أكبر مثال على التسامح، فالآباء المؤسسون رسموا مساراً للدولة حتى تعيش على نهج التسامح، ومن أكبر إنجازات الإمارات ونجاحاتها، هو تخصيص يوم في الأمم المتحدة للاحتفاء بالتسامح والأخوة الإنسانية وهو ما يعكس احترام العالم للأدوار التي تقوم بها دولتنا في هذا الشأن.

واستحضر اللواء المنصوري تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة في تنظيم إفطار في رمضان الماضي لممثلين عن ديانات وطوائف مختلفة لتؤكد للعالم مدى التعايش والتسامح على أرضها.

وبين المنصوري أن نتائج وثيقة الأخوة ظاهرة للجميع، فالإمارات باتت طرفاً ووسيطاً فعالاً في الصلح بين الدول، وأصبحت تفرض وجودها في المحافل الدولية ولها تأثير كبير، حيث إن الوثيقة أدت إلى فهم السياسة التي تقوم عليها الإمارات لا سيما لجهة التسامح والتنوع.

الخطاب الديني

وبدوره تحدث رفعت فكري عن دور المؤسسات الدينية تجاه احتواء النزاعات والصراعات والحروب، وقدم حلولاً لذلك، حيث أكد أن الحروب التي نشهدها في دول كثيرة سببها عدم التسامح أو قبول الآخر، مشيداً بتجربة ودور دولة الإمارات العربية المتحدة محلياً وإقليمياً ودولياً في موضوع التسامح، وتوفير مساحة من القبول والمحبة والإخاء لكل من يعيش على أرضها.

وعن دور المؤسسات الدينية في تعزيز ثقافة الحوار والتسامح قال فكري: الخطاب الديني سواء كان مسيحياً أو إسلامياً أو يهودياً أو غيره، لابد أن يكون جزءاً من الحل لا جزءاً من المشكلة.

وهناك خطباء في كل الأديان عندهم نزعة نحو التعصب ورفض الآخر، وهذا الخطاب لا يبني مجتمعات، وعليه فإنه يتوجب على المؤسسات الدينية والقائمين على الخطاب الديني في كل الأديان تبني الأفكار التي تدعو إلى التسامح وقبول الآخر، والتأكيد على أنه ليس من حق أحد أن يحاسب الخلق أو يفتش في ضمائرهم أو أن يحكم عليهم.

وأكد فكري أن مصر لها تاريخ كبير وتقبل العيش المشترك، فالمسلمون يعيشون بجوار المسيحيين، ومصر تشهد الآن مساحة من التنوع وقبول الآخر والحرية، والتعاون والتكاتف في نبذ الإرهاب.

دور الأسرة والمدارس

وبدوره تحدث أشرف حرب حول دور الأسرة والمدرسة والإعلام في تعزيز مفهوم التسامح لدى الأجيال، مؤكداً أن الأمن والسلام أكبر التحديات التي تواجه المجتمعات هذه الأيام في ظل وجود حروب ونزاعات وخلافات.

وقال: إن للإمارات جهوداً كثيرة ومحاولات ومساندات لكثير من الدول والمنظمات العالمية، ودعا إلى أن يكون هناك قواعد وتأسيس أخلاقي وثقافي وتعليمي سواء في الأسرة أو المدرسة أو وسائل الإعلام، وصياغة خطط برامج مستقبلية لتعزيز ثقافة التسامح، وأن يكون هناك نوع من أنواع الحوار العلمي والديني المتفهم لما يدور في العالم من متغيرات.

وأضاف حرب: كل الأديان لها مرجع واحد هو تقبل الآخر، والعيش في أمان وسلام ويجب أن نتفهم أن للإعلام والتعليم والثقافة والقيادات السياسات دوراً كبيراً لإبراز دور التسامح في كل مجال من الخطط التنموية لنصبح على مستوى عال من التقدم والرفاهية والرخاء.

وقال حرب: إن مصر تواجه منذ حادث اغتيال الرئيس أنور السادات تحديات إرهاب وعنف من بعض الجماعات المتطرفة التي لها أجندات ليست دينية وإنما سياسية وأجنبية تهدد أمن المنطقة العربية، لافتاً إلى أن الحكومة المصرية حرصت على أن يكون ثمة منهج لمواجهة هذه التحديات من خلال التكاتف بين أبناء الديانتين الإسلامية والمسيحية .

زايد مثال وقدوة للتسامح

رأى راشد النعيمي أن التسامح ليس وليد اللحظة بل موجود منذ نشأة الإمارات، وحتى قبل الاتحاد. وقال: جهود الإمارات في تعزيز قيم التسامح والسلام بدأت قبل بداية الاتحاد ومازالت مستمرة، فالمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كان مثالاً وقدوة حسنة للتسامح، من خلال الأسلوب والمنهجية التي اتبعها وانعكست على استراتيجية عمل الدولة فيما بعد، وتعززت علاقاتها بكافة دول العالم.

وأضاف: المبادئ الـ 10 في وثيقة الخمسين تحدد ملامح وسياسة الدولة خلال السنوات المقبلة، فالمبدأ الخامس يؤكد على أن حسن الجوار هو أساس الاستقرار، والمبدأ الثامن يؤكد على أن منظومة القيم في الإمارات ستبقى قائمة على الانفتاح وحفظ الحقوق والعدالة والكرم، فيما يتحدث المبدأ العاشر عن الدعوة للسلم والسلام، وعليه فالإمارات ترسم نظاماً عالمياً يعتمد على قيم التسامح والتعايش .

وأكد النعيمي: أن كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، التي وجهها لشعب الإمارات مواطنين ومقيمين مؤخراً، أكد فيها سموه على أن الإمارات ستظل داعمة للسلام والسلم في العالم، وحريصة على مد يد الصداقة للدول. وقال النعيمي: وزارة التسامح أنجزت مبادرات تتسم بالاستدامة منبعها مجالات العمل الرئيسية للوزارة حكومياً وأسرياً وشبابياً ودولياً.

كما تحدث عن المبادرة الحكومية «الإمارات حاضنة التسامح» والتي تم اعتمادها عام 2019، مشيراً إلى أنها أنجزت 839 مبادرة وفعالية، ومن أهم إنجازات وزارة التسامح، إصدار أول مواصفة قياسية عالمياً متعلقة بالتسامح والتعايش في المؤسسات، وتم اعتمادها من قبل مجلس الوزراء.

ثقافات

ومن جانبه تحدث أحمد الظاهري عن سمعة دولة الإمارات خارجياً في التسامح والتواصل مع كافة فئات المجتمع ومع الدول الأخرى.

وقال: الإمارات متسامحة ومنفتحة على الثقافات ومهتمة بترسيخ هذا المبدأ لدى الأجيال القادمة، حيث أصبحت مركزاً رئيسياً عالمياً لهذا المبدأ والمفهوم من خلال مبادرات إنسانية ودراسات اجتماعية في الحوار بين الحضارات والأديان، وهي كذلك مركز للثقافات والحضارات كونها تحتضن جنسيات كثيرة، فهي عنوان للحكمة والتسامح.

وأكد الظاهري: أن سمعة الإمارات راقية في الخارج لا سيما في شأن الانفتاح والتسامح، وأبناؤها محل احترام وتقدير من جميع الدول التي يزورونها، والمقيمون فيها باتوا يحظون بنفس الاحترام كونهم يقيمون في الإمارات التي يسود فيها الأمن والاستقرار والتعايش والمحبة.

Email