18 صورة حددتها «تنمية المجتمع» في «الدليل»

العنف الاقتصادي.. يقوّض بنيان الأسر

ت + ت - الحجم الطبيعي

18 صورة للعنف الاقتصادي حددها دليل حماية الأسرة، الذي أصدرته وزارة تنمية المجتمع لغايات الخروج من دائرة ردود الأفعال إلى دائرة الفعل وتوفير شق الوقاية المأمول، وأبرز هذه الصور، استغلال الأطفال في مواقع التواصل الاجتماعي بهدف التربح، وفصلت الوزارة، من خلال دليلها، جملة من أشكال العنف التي قد تمارس في محيط الأسر، وآليات التعامل معها بشكل استباقي لإحداث التغيير المطلوب، وفق رؤية شمولية تنسجم مع المنظومة القانونية التي وضعتها الدولة في هذا السياق.

وأفرد الدليل تفصيلاً صور العنف الاقتصادي وكان أبرزها، استغلال الأطفال في مواقع التواصل الاجتماعي بهدف التربح، وإجبار الأطفال أو أحد أفراد الأسرة على التسول أو السرقة، والامتناع عن الإنفاق والصرف المالي على الاحتياجات الأساسية للأسرة، والإجبار على العمل خارج المنزل، مثل إجبار الزوجة أو البنت أو الأطفال القاصرين للعمل خارج نطاق المنزل دون رغبة منهم، وذلك للمساهمة في دخل الأسرة أو لأي سبب من الأسباب، مما يجعلها عرضة للتعنيف والمنع من العمل بدون عذر مع وجود الرغبة فيه، والتحكم في اختيار الشخص للوظيفة، وذلك من خلال الإجبار على العمل في وظيفة لا تتوافق مع مهاراته أو مقدراته أو مؤهلاته أو عمره ونوعه أو رغباته وميوله، والاستخدام غير القانوني للأموال التي تنفق على الأسرة.

ومن أشكال العنف الاقتصادي أيضاً، إساءة استخدام الأموال من خلال الأكاذيب أو الخداع أو السيطرة على الأموال أو حجبها، أو أخذ الأموال بدون إذن أو رغبة الضحية، والاستيلاء على الراتب أو الدخل الشهري، وعدم السماح بالوصول للحسابات المصرفية الشخصية للمُعنف أو المدخرات أو أي دخل آخر، أو الاستيلاء على بطاقة الصراف البنكية، وإجبار الشخص على شراء منتج أو التخلي عنه وذلك لفرض السيطرة، أو بيع المنزل أو المفروشات أو غيرها من الممتلكات دون إذن، وتزوير التوقيع على الشيكات أو المستندات القانونية، أو إساءة استخدام توكيل رسمي أو وصاية قانونية، وعدم دفع الفواتير الضرورية التي تتعلق بالمنزل مثل (الماء والكهرباء والغاز)، وإجبار الشخص على أخذ القروض المالية، والحرمان من الميراث والحقوق المالية، إلى جانب إجبار أو استغلال أحد أفراد الأسرة في ممارسة الأنشطة التجارية (مثل فتح سجلات تجارية وما في حكمه).

أشكال جديدة

وفي تعليق له على ما جاء في الدليل، قال الدكتور أحمد العموش أستاذ علم الاجتماع في جامعة الشارقة: «إن العنف الاقتصادي يمثل أحد أشكال العنف الحديثة، والتي ظهرت في إطار الجرائم الجديدة التي تستهدف استغلال الضحايا، ومنها الأطفال للحصول على الأموال بطرق غير شرعية»، مشيراً إلى أن القوانين الجديدة ودليل الحماية الذي أصدرته وزارة تنمية المجتمع، يواكب التطورات العالمية ويواكب جهود الدولة في مكافحة الجرائم المستحدثة، كما يمثل جانباً وقائياً بحتاً لوقف هذه الأشكال من العنف، نظراً لأضرارها الاجتماعية.

وأضاف: «إن العنف الاقتصادي لا يشكل ظاهرة في الدولة، نتيجة للرقابة الدائمة والضوابط والقوانين، بيد أنه من الضرورة بمكان، تفعيل دور الرقابة الأبوية والإشراف المدرسي وتثقيف الأطفال من خلال البرامج اللاصفية. وذكر أنه لا بد من تأهيل متخصصين في هذا الجانب، وتفعيل دور مراكز الطفولة لمكافحة هذا النمط المستحدث من العنف، وهو خطير لأنه يؤدي إلى التفكك الأسري والاجتماعي وانتشار مشكلات تؤثر على بنية الأسرة وتفككها».

 

رؤية شمولية

يعقوب الحمادي، مرشد أكاديمي، اعتبر الدليل بمثابة خارطة طريق توضح لأفراد المجتمع ماهية أشكال العنف وسبل التعامل معها وقنوات التواصل المحددة، وأكد أن العنف الاقتصادي يمارس أحياناً دون أن يدرك الفرد خرقه للقانون، مشدداً على أن إصدار الأدلة والقوانين وآليات تنفيذها وإحداث التغيير المطلوب مهم للغاية، مشيراً إلى أن التوعية من خلال المناهج والجهات المعنية أمر مهم للغاية لاستباق حدوث أي واقعة، لاسيما وأن مجتمع دولة الإمارات متماسك وقوي، معتبراً العمل على حل بعض الممارسات الخاطئة، وإن كانت قليلة، وفق رؤية شمولية تبنى على أساس استراتيجي، هو ما تقوم به الدولة ونراه من خلال شواهد كثيرة وجهات كوزارة تنمية المجتمع والجهات القضائية والتعليمية.

سياج قانوني

المحامي راشد الكيتوب، ماجستير الإدارة العامة بكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، تحدث عن أبرز أشكال العنف الاقتصادي، وهي استغلال الأطفال باعتباره سلوكاً له عواقب وآثار سلبية خطيره على الطفل، لما له من بالغ الأثر في زيادة سلوكيات العنف والعدائية للأطفال ضد أنفسهم والآخرين والمجتمع، على المستوى الزمني القريب أو البعيد، وعليه فقد أصاب المشرع الإماراتي في حرصه البالغ على حماية الطفل من العنف الأسري ومكافحته، فجاء سن القانون الاتحادي رقم 10 لسنة 2019 في شأن الحماية من العنف الأسري، سواء كان جسدياً أو نفسياً (أي اعتداء يؤدي إلى ضرر نفسي للمعتدى عليه) أو جنسياً أو اقتصادياً، وأعطى للنيابة العامة كافة الوسائل لإصدار أمر حماية للطفل، يلزم المعتدي بعدم التعرض للطفل وغيرها من الإجراءات، التي ترى النيابة العامة تضمينها في أمر الحماية ويكون من شأنها توفير حماية فعالة للطفل، وأجاز لها تمديد أمر الحماية، وفرض جزاء الحبس لمدة ثلاثة أشهر والغرامة التي لا تقل عن 10,000 درهم لكل من يخالف أمر الحماية، وتضاعف العقوبة في حال مخالفة أمر الحماية باستخدام العنف أو الإيذاء بأنواعه الأربعة المحددة أعلاه.

وأوضح الكيتوب أن الدولة أصدرت القـانـون الاتحـادي 3 لسنة 2016 بشأن قانون حقـوق الطــفل والذي حظر تعريض الطفل لأي تدخل تعسفي أو إجراء غير قانوني في حياته أو أسرته أو منزله أو مراسلاته، وحظر تشغيله قبل بلوغه سن الخامسة عشرة.

كما حظر استغلاله اقتصادياً أو تشغيله في أي أعمال تعرضه سواء بحكم طبيعتها أو لظروف القيام بها، ويعاقب بالحبس أو الغرامة كل من يخالف تلك الأحكام، مضيفاً أن المشرع الإماراتي لم يكتفِ بإعطاء ذلك الحق للنيابة، بل وأطلقت وزارة التربية والتعليم مبادرة «وحدة حماية الطفل»، لتشمل طلبة المدارس الحكومية والخاصة على مستوى الدولة، بهدف حماية الطفل من جميع أنواع الإساءة والإهمال والاستغلال التي يتعرض لها في البيئة المحيطة سواء في المدرسة أو المنزل، والحفاظ على سلامة الطلبة بدنياً ونفسياً وتعليمياً، كما أنشأت وزارة الداخلية لجنة عليا ومركزاً لحماية الأطفال تهدف إلى توفير السلامة والأمن والحماية لجميع الأطفال الذين يعيشون في دولة الإمارات، أو زوارها.

 

بناء المجتمعات

بدورها، حذرت موزة الشومي، نائب رئيس جمعية الإمارات لحماية الطفل، من الانتهاكات التي يقوم بها البعض في محيط الأسرة، وعلى رأسها استغلال الأطفال اقتصادياً من خلال توقيع العقود نيابة عنهم كعقود الإعلانات والعروض الفنية أو عقود الاحتراف الرياضي والفني، والتي تندرج في مجملها تحت بند الاستغلال اقتصادي، موضحة أن تعرّض الطفل للإساءة الجسدية أو النفسية والأخلاقية كالسهر والتغيب عن المدرسة نتيجة لاستغلال الطفل من قبل ذويه لتحقيق الثراء أو الشهرة على مواقع التواصل الاجتماعي، يعد انتهاكاً خطيراً لخصوصية الطفل. وأكدت أهمية الدليل والقوانين التي تحمي كافة أفراد الأسرة وعلى رأسهم الأطفال باعتبارهم أساس بناء ومستقبل المجتمعات.

خطة حماية

يذكر أن الدليل وضع خطة حماية لأفراد الأسرة تحت مسمى «خطة الأمان» دعت إلى الاحتفاظ بأرقـام الهـــواتف الضرورية لطـلب المســــاعدة من: الشـــرطة، ومؤســـسات الخدمــات الاجتماعية، أو إعـــلام أحد الجيـــران، أو المعــــارف الموثوقــــين بالمشكلة للتدخل، أو اللجـــوء إليه عند الحـــاجة، ودعوة أحد الأقارب (الأب، الأخ، الأخت.. وغيره)، وتكثيف الزيارات والتواجد معهم في المنزل، وجمع المعلومات حول مؤسسات الدعم الاجتماعي التي يمكـــن اللجوء إليها عند الضــرورة، مع تجهيز حقيبة طوارئ تحتوي على الأوراق الثبوتية وبعض الاحتياجات الشخصية لتكون جاهزة عـــند الضــــرورة، والابتعاد عن الأمــــاكن الخطــــرة في حال حدوث العنـــف.

دراسة

كشفت دراسة متخصصة حول تأثير خبرات الطفولة السيئة مثل الإيذاء والإهمـال والتفكك الأسـري، عن تعرّض (52%) من شرائح الدراسة للإيـذاء العاطفـي، ثم الإيـذاء الجسـدي بنسبة (42%)، والعنـف بيـن الأقـران (39%) والإهمـال (29%) والإيـذاء الجنسـي (21%)، وكان أكثـر أشـكال التفـكك الأسـري انتشاراً هـو مشـاهدة العنـف الأسـري ضـد أي فـرد مـن أفـراد الأسـرة (57%)، وكان الأقـل انتشـاراً العيـش مـع متعاطـي المخـدرات (9%).

وهدفت الدراسة التي أعدها باحثون لتقييم مـدى انتشـار خبـرات الطفولـة السـيئة (Adverse Childhood Experiences ACEs) وأثرهـا علـى المحـددات الاجتماعيـة فـي المملكة العربية السعودية، حيث أجريت دراسـة وطنية استطلاعية فـي جميـع المناطـق باسـتخدام الاسـتبيان الدولـي لمنظمـة الصحــة العالمية-خبــرات الطفولــة الســيئة (ACEs International Questionnaire ACE-IQ) - لتحديــد الارتبــاط بيــن خبـرات الطفولـة السـيئة والنتائـج الاجتماعيـة والاقتصادية، وأكمل مــا مجموعه (10156) مشــاركاً الاســتبانة التــي تكوّنــت مــن خمــس فئــات رئيســة لخبــرات الطفولــة الســيئة (الإيذاء والإهمـال والتفـكك الأسـري وعنـف الأقـران والعنـف المجتمعـي) أكثر مـن نصـف العينة.

Email