دبلوماسية الفضاء الإماراتية رسختها قوة سياستنا الخارجية

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يكن فوز الإمارات برئاسة لجنة الأمم المتحدة للاستخدام السلمي للفضاء الخارجي، إلا تتويجاً لمجهودات ضخمة وكبيرة بذلتها الإمارات طوال سنوات مضت، وانعكاساً مباشراً لقوة «دبلوماسية الفضاء» الإماراتية، التي انتهجتها القيادة الرشيدة من حيث تسهيل عقد الاتفاقيات الدولية، وضمان الالتزام بالمعاهدات الدولية، ومن ثم التأسيس لنجاح دبلوماسية العلوم والتكنولوجيا والمعرفة، التي رسختها الدولة في علاقاتها الخارجية المختلفة.

نجاحات

وخلال الأعوام القليلة الماضية حققت الدولة نجاحات كبيرة بمشروعات نوعية في قطاع الفضاء، جعلتها محط أنظار أعضاء نادي الفضاء العالمي الذين يتجاوزون 105 دول، تتعاون جميعها وتتبادل شراكاتها وخبراتها وإنجازاتها لخدمة البشرية، كما أنها حظيت بثقة العالم والدول المتقدمة في هذا المجال، حيث يدرك الجميع الآن أن برنامج الفضاء الإماراتي، ورغم حداثة تكوينه إلا أنه يسير بخطوات متسارعة وممنهجة ويضيف بمخرجاته الكثير للمجتمع العلمي العالمي.

وقدمت القيادة والدبلوماسية الإماراتية الكثير لتمكين قطاع الفضاء الإماراتي، من خلال ما تقوم به من تعزيز وتوثيق علاقاتها القوية والإيجابية مع جميع دول العالم، ما ينعكس تطوراً كبيراً على كافة الأصعدة التي يتم من خلالها التعاون مع الدولة، وانطلاقاً من ذلك فقد شهدت كل المشروعات الإماراتية تبادلاً وتعاوناً معرفياً ضخماً مع العديد من وكالات الفضاء والأكاديميات العلمية خلال السنوات الماضية، خصوصاً مع وجود المردود الجيد لنتائج هذه المشروعات، والذي فتح أبواباً كبيرة للتواصل مع دول العالم المتقدم في هذا القطاع.

نهج

وبالعودة لسنوات مضت نجد أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أسس لهذا النهج وهذه الدبلوماسية الفضائية، فيما ظهر ذلك جلياً لدى استقباله واجتماعه مع مسؤولي رحلة أبولو من وكالة ناسا، في عام 1974، حيث كان الوالد المؤسس صاحب رؤية واضحة في هذا المجال، فيما كان هذا اللقاء حافزاً لتوجيه اهتمام الإمارات بالفضاء ما أدى إلى ولادة قطاع وطني للفضاء لاحقاً.

وعلى هذا النهج سار قادة الإمارات عبر تعزيز تعاون وشراكات الدولة ومؤسساتها في هذا القطاع، مع كثير من دول العالم المعنية وعلى كافة المستويات سواء كانت الاقتصادية أو المعرفية والبحثية، فيما مهدت تلك الجهود الطريق لتعظيم أثر «دبلوماسية الفضاء» الإماراتية والتي آتت ثمارها على مستوى تقليل كلفة المشروعات الوطنية، فضلاً عن استقطاب الشركات العالمية المتخصصة في صناعات هذا القطاع لتنطلق بأعمالها من الدولة، ومن ثم استفادة القطاع والكوادر الوطنية نتيجة لهذا التعاون.

اتفاقات

وتأكيداً لهذا النهج فقد أبرمت وكالة الإمارات للفضاء ومركز محمد بن راشد للفضاء خلال السنوات القليلة الماضية، اتفاقات وشراكات ومذكرات تفاهم كثيرة تجاوزت في عددها المئات، حيث عقدت الوكالة لوحدها أكثر من 50 شراكة مع وكالات فضاء إقليمية ودولية وأكثر من 30 مذكرة تفاهم واتفاقيات مع جهات خارجية ومحلية خلال 6 سنوات بعد إنشائها في 2104، وفي مقدمتها وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا»، ووكالة استكشاف الفضاء اليابانية «جاكسا»، والوكالة الروسية «روسكوسموس»، وصولاً إلى الهندية والأوروبية وغيرها الكثير، ولم يكن هذا ليحدث لولا النجاحات المبهرة للمشروعات الفضائية الإماراتية، وخصوصاً أنه دائماً ما تتجه هذه الجهات والمؤسسات الدولية في تعاونها العلمي والمعرفي مع الدول التي تستطيع إضافة الجديد للمعرفة والاكتشافات الجديدة التي تفتح آفاقاً جديدة نحو سبر أغوار الفضاء، وهو الأمر الذي نجحت فيه الدولة بامتياز.

خطط

وبنظرة فاحصة نجد أن كل المشروعات الإماراتية في قطاع الفضاء شهدت تبادلاً وتعاوناً معرفياً ضخماً مع العديد من وكالات الفضاء والأكاديميات العلمية وفي المقدمة منها مشروع «مسبار الأمل»، والذي شهد الكثير من أشكال التعاون والشراكات الاستراتيجية سواء مع جامعات أو جهات أكاديمية أمريكية ودولية، أو عبر إطلاق المسبار من خلال منصة إطلاق في المحطة الفضائية اليابانية، وصولاً لما نحن عليه الآن من استفادة المجتمع العلمي العالمي بأكثر من 200 جهة من البيانات التي توفرها مهمة الإمارات لاستكشاف المريخ، فضلاً عن المشروعات التي يجري تجهيزها للانطلاق حالياً مثل مهمة الإمارات لاستكشاف القمر، ومشروع الإمارات لاستكشاف كوكب الزهرة وحزام الكويكبات وما سينتج عنهما من زخم معرفي جديد.

من جهتها مهدت كذلك «دبلوماسية الفضاء الإماراتية» الطريق لاستقطاب أفضل الشركات المتخصصة في هذا القطاع عالمياً وبدء مشروعاتها وخططها في الدولة، فيما من شأن ذلك تعظيم استفادة الشركات الوطنية، وتعزيز خبراتها والتعاون مع هذه الشركات العالمية الموجودة هنا، والتي تتنامى أعدادها يوماً بعد يوم، وأنه لولا العلاقات الجيدة للإمارات عالمياً وتأثيرها لما كان هناك أثر إيجابي في تطور خطط ومستهدفات البرنامج الفضائي الإماراتي.

Email