محمد بن زايد.. رؤية استراتيجية للسلام العالمي

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تبنت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ تأسيسها سياسة ناجحة نشطة قوامها التوازن والاعتدال، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وذلك من منطلق إدراك القيادة الرشيدة أن لدولة الإمارات موقعاً مسؤولاً على الصعد العربية والإقليمية والدولية.

ولا ريب أن نجاح السياسة الخارجية لدولة الإمارات يشكل أحد أبرز الإنجازات المشهودة للدولة، والتي قامت على مجموعة من الثوابت السياسية المتوازنة والمعتدلة التي تنتهجها الدولة منذ قيامها تجاه القضايا العربية والدولية، والتي أكسبت الدولة الاحترام والتقدير في مختلف المحافل الدولية، وذلك سيراً على مبدأ إحلال السلام ونشر المحبة والخير في دول العالم كافة، متخذة من هذا المبدأ بعداً أساسياً في سياستها الخارجية، التي أرسى دعائمها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ـ طيب الله ثراه ـ والتزمت بهذا النهج القويم القيادة الحكيمة، والتي تؤكد دائماً على التضامن العربي ودعم القضايا العربية عبر مساهمات جليلة قامت بها الدولة على مختلف الصعد الإنسانية والسياسية والاقتصادية.

وخلال العقود الأربعة الماضية قامت دولة الإمارات بدعم مباشر من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بجهود مكثفة وتحرك نشط من أجل العمل على احتواء العديد من حالات التوتر والأزمات والخلافات الناشئة، سواء على صعيد المنطقة أو خارجها، وسعت بشكل دؤوب ومستمر لتعزيز مختلف برامج مساعداتها الإنسانية والإغاثية والإنمائية والاقتصادية المباشرة وغير المباشرة للعديد من الدول النامية، خاصة تلك التي تشهد حالات نزاع أو كوارث طبيعية، فضلاً عن مساهمتها الأخرى الفاعلة في العديد من عمليات حفظ السلام وحماية السكان المدنيين وإعادة الإعمار في المناطق بعد انتهاء الصراعات، وهو ما يجسد شراكتها المتميزة مع أطراف عدة وتفانيها من أجل تحقيق الأهداف النبيلة من صيانة واستقرار السلم والأمن الدوليين.

جهود

وقد أثمرت جهود صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في يوليو عام 2018 في لم الشمل بين إثيوبيا وإريتريا وعودة العلاقات الطبيعية بينهما بعد عقدين كاملين من العداء والقطيعة، ولم تدخر الدبلوماسية الإماراتية جهداً في سبيل تذويب الخلافات، وإرساء السلام في جميع أنحاء العالم.

ومثّلت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، إلى إثيوبيا، ركيزة أساسية في مسيرة المصالحة الإثيوبية ـ الأرتيرية، إذ سرّعت من وتيرتها، وجعلت ما كان إلى المستحيل أقرب، واقعاً يمشي بين الناس، يتحدثون به في انبهار وإعجاب، وقد لعبت جهود سموه دوراً فاعلاً ومؤثراً في ترسيخ الأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، من خلال إعادة العلاقات الدبلوماسية بين إثيوبيا وأرتيريا، بعد قطيعة تاريخية، فشلت معها كل محاولات تطبيع العلاقات.

وفي 25 يوليو 2018 أكملت دولة الإمارات العربية المتحدة اتفاق السلام التاريخي بين أريتريا وإثيوبيا، والذي مهّد لعلاقات إيجابية بين الطرفين، وساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في البلدين بشكل خاص والقرن الأفريقي والمنطقة بشكل عام.

وفي ختام اللقاء الثلاثي الذي جمع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وأسياس أفورقي رئيس أريتريا، وأبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا، والذي عقد في أبوظبي ثمن أفورقي وآبي أحمد، الخطوة التاريخية التي أسفرت عن توقيع اتفاق سلام بين البلدين، ومثلت حكمة سياسية وشجاعة كبيرة لبلدين جارين تربطهما وشائج من العلاقات التاريخية والاجتماعية والكثير من المصالح المشتركة، وتمهّد لسنوات من الاستقرار والتنمية والازدهار.

وتؤكد دولة الإمارات دوماً على موقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية، والتي تعتبرها القضية الجوهرية للأمتين العربية والإسلامية، وتسعى إلى التوصل إلى حل شامل ودائم وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.

وتعمل الإمارات منذ زمن طويل على دعم عملية السلام في الشرق الأوسط لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة ككل وانضمامها إلى كافة الجهود الدولية والإقليمية التي من شأنها إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة وفي كل مناسبة تجدد دعوتها للمجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته في إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة وفقاً للقرارات الدولية ذات الصلة، ومبادرة السلام العربية.

اتفاق

وقد اتفق صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتانياهو، على مباشرة العلاقات الثنائية الكاملة بين إسرائيل ودولة الإمارات؛ ونتيجة لهذا الانفراج الدبلوماسي وبناءً على طلب دونالد ترامب وبدعم من الإمارات، توقفت إسرائيل عن خطة ضم أراضٍ فلسطينية وفقاً لخطة ترامب للسلام.

وفي منتصف سبتمبر 2020 وقعت دولة الإمارات على معاهدة سلام تاريخية مع إسرائيل كثمرة من ثمار جهود صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في إبرام معاهدة السلام الإماراتية الإسرائيلية بهدف تحقيق المصلحة العامة لشعوب المنطقة وضمان مستقبل أكثر أمناً ورفاهاً.

وبتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تحرص دولة الإمارات على مشاركة عناصر من قواتها ضمن قوات حفظ السلام الدولية، أو ضمن القوات التي تضطلع بمهام مشابهة، وتعتبر ذلك جزءاً أصيلاً من سياستها الخارجية، وذلك بناء على تقديرات استراتيجية قائمة على أن مصالح هذه الدول ترتبط ارتباطاً عضوياً بهذه المشاركات، مثلما حدث في مشاركة الإمارات في عمليات حفظ السلام حول العالم، والتي تعد تعبيراً صريحاً وترجمة دقيقة لمواقف دولة الإمارات حيال هذه الملفات، كما تعتبر أيضاً أداة مهمة لخدمة مصالحها الوطنية وكذلك الدفاع عن الدول الشقيقة.

كما شاركت الإمارات في مهام حفظ السلام ضمن قوات الردع العربية بلبنان، حيث شاركت قوة من الإمارات ضمن قوات الردع العربية في الجمهورية اللبنانية بموجب قرار مؤتمر القمة العربي الاستثنائي الذي عقد في القاهرة 1976، وتكونت القوة من خمس دفعات بدأت من تاريخ 10/‏‏‏11/‏‏‏1976 وحتى نهاية مهمة القوة عام 1979، وشكلت القوة المشاركة في هذه العملية، من سريتي مشاة وسرية مدرعات وسرية إسناد وفصيلة هندسة ميدان وفصيلة دفاع جوي وفصيلة إشارة ووحدات الإسناد الإداري ومستشفى ميداني.

وعادت القوات المسلحة الإماراتية إلى لبنان عام 2001 لتخوض غمار تحد جديد تمثل في تطهير الأرض في الجنوب اللبناني من الألغام وتخفيف معاناة السكان، حيث سعت دولة الإمارات إلى المساهمة في تخفيف المعاناة عن الشعب اللبناني من آثار الألغام التي زرعها الإسرائيليون في جنوب لبنان بالمساهمة في مشروع التضامن الإماراتي لنزع الألغام.

مساعدات

وترجمة لالتزام الدولة بمد يد العون لإعادة بناء ما دمرته الصراعات في الصومال واستقراره، أرسلت الإمارات كتيبة من القوات المسلحة إلى الصومال للمشاركة في «عملية إعادة الأمل» ضمن نطاق الأمم المتحدة بناء على قرار مجلس الأمن الدولي فحينما انهارت الدولة في الصومال عام 1992 ودخلت البلاد في دوامة الحرب الأهلية، دعت دولة الإمارات القادة العرب إلى تحرك فوري وفاعل لإنقاذ الصومال ومساعدته على الخروج من محنته.

ومن منطلق إدراك الإمارات البالغ أنها جزء لا يتجزأ من المجتمع الدولي، ولا يمكن أن تنعزل عن الجهود الإقليمية والدولية لمكافحة هذه الظاهرة، انضمت الإمارات إلى التحالف الدولي ضد ««داعش» في عام 2014، وشاركت بفعالية في العمليات العسكرية الموجهة ضد عناصر هذا التنظيم في سوريا مع مجموعة من الدول بما فيها دول خليجية كالسعودية والبحرين وقطر.

مشاركة

وجاءت مشاركة القوات المسلحة الإماراتية في التحالف الدولي ضد «داعش» لوقف تمدده وسيطرته على مناطق جديدة من الدولة العراقية، وتهديده لأمن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، خاصة البحرين والكويت والسعودية، وإيقاف أطماع التنظيم الواضحة في بعض دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بعدما كان يسعى بعد احتلاله العراق للسيطرة على دولة الكويت، ومن ناحية أخرى محاولة تنظيم «داعش»، نشر الفكر المتطرف بين الشباب والنشء في الدول الخليجية والعربية والإسلامية، ما يمثل تهديداً للتعايش والسلم المجتمعي داخل هذه الدول، ومن ثم كان من الضروري التحرك لوقف هذا الخطر.

كما شاركت القوات المسلحة الإماراتية ضمن قوات حفظ السلام في أفغانستان «إيساف»، منذ بداية العام 2003، وبلغ عدد أفراد القوات المسلحة الإماراتية المشاركة في قوة «إيساف» أكثر من 1200 عنصر. ولعبت هذه القوات دوراً حيوياً في تأمين وإيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب الأفغاني، فضلاً عن قيامها بدور موازٍ في خطط إعادة الإعمار والحفاظ على الأمن والاستقرار هناك.

Email