قصص نجاح ملهمة لمشاركي مبادرة "مليون مبرمج عربي" تنشر الأمل لدى الشباب العربي

ت + ت - الحجم الطبيعي

على مدار السنوات التي أعقبت انطلاقتها عام 2017، تحولت مبادرة "مليون مبرمج عربي" من فكرة ملهمة أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله" إلى أداة تغيير حقيقة بدلت حياة الكثيرين وصنعت مستقبلاً أفضل لمئات الآلاف من شباب العالم العربي الذين بات لكل واحد منهم قصة نجاح تثبت قدرة المعرفة وامتلاك أدواتها المستقبلية على تحقيق الفارق في حياة الأفراد والمجتمعات.

فالمبادرة التي انطلقت لتجسد إيمان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بأحلام الشباب العربي وقدرته على المساهمة الإيجابية في مسيرة التنمية والتطوير مجتمعاته تردد صداها من مصر إلى المغرب، مروراً بلبنان و فلسطين وسوريا والعراق وصولاً إلى اليمن وليبيا .

و نجحت المبادرة بتحقيق هدفها الأول والأهم وهو تمكين أكثر من مليون شاب وشابة بمهارات لغة المستقبل، وإعداد المبرمجين لأسواق العمل وتشجيعهم على تحويل أفكارهم إلى مشاريع تكنولوجية تعزز مساهمتهم في تنمية المجتمع، وتجعلهم عنصراً فاعلاً في صناعة المستقبل.

ومن المبادرة قصص إلهام كثيرة يرويها أصحابها بصدق، قصص نجاح يجمعها قاسم مشترك.. عطاء دولة الإمارات الذي لا يعرف حدودا والتصميم على النجاح الذي لا يعرف المستحيل.. وهي تجارب تؤكد الدور المحوري لدولة الإمارات في قيادة عملية التطوير والرقمنة في المنطقة العربية بمشاريع تكنولوجية يصنعها المواطن العربي تخدم الإنسانية وتعزز نوعية الحياة وتساهم بشكل أكبر في بناء مجتمعات مستقرة ومزدهرة وصناعة المستقبل.

و من سوريا إلى الأردن إلى تركيا، هكذا بدأت رحلة محمود شحود المهندس السوري اللاجئ بعدما أجبرته الحرب على مغادرة بلده سعياً الى حياة أفضل.. محمود كان على موعد مع محطة غيرت مسيرته وفتحت له آفاقاً جديدة ومنحته الأمل بغد أفضل.

ويقول محمود: "رأيت في العام 2018 إعلاناً في منصة فيسبوك عن مبادرة مليون مبرمج عربي فاشتركت في المبادرة لأنني أريد أن أزيد معرفتي في مجال تطوير المواقع الإلكترونية الذي كان من أقل اهتماماتي في السنوات السابقة".

ويؤكد محمود أن الطرح المميز للمحتوى في البرنامج مكنه من التغلب على عائق تعلم تطوير المواقع الإلكترونية، كما ساعدته المهارات الجديدة التي اكتسبتها في تطوير تطبيق " Habit 360 " الذي يمكّن الأشخاص من بناء عادات جديدة في حياتهم ومتابعة إنجازاتهم ومشاعرهم ويقدم الدعم الكافي لهم لتحفيزهم من أجل تغيير حياتهم للأفضل.

و من قصص النجاح البارزة أيضا في مسيرة المبادرة، تجربة إيمان وجدي من مصر، التي لطالما كانت فكرة العمل لساعات طويلة في مكتب خارج المنزل بعيداً عن أطفالها صعبة عليها ما اضطرها لقضاء تسع سنوات في المنزل لتعتني بأطفالها فيما كانت تقوم بأعمال يدوية ومنزلية مختلفة لتعيل أسرتها إلى جانب زوجها.

لكن كل شيء تبدل بعدما اشتركت بمبادرة مليون مبرمج عربي في العام 2017.. وتقول إيمان: "في تلك الفترة كنت أعمل في النهار على مشروعي المنزلي لتحضير الطعام وتوصيله للزبائن، وفقط بعد أن أضع أطفالي في أسرّتهم مساءً أبدأ بالدراسة لأوقات متأخرة من الليل".

و تشدد إيمان على أنها تعلمت كثيراً من المبادرة، إذ اكتسبت مهارات تطوير الموقع الإلكتروني والتطبيقات الهاتفية التي ساعدتها على تحويل مشروعها الصغير إلى مشروع تديره باستخدام تطبيق هاتفي.

و نجحت إيمان في توسيع مشروعها إلى سائر مناطق مصر وتم تقديم أكثر من 9,000 طلب من نساء مصريات لمساعدتها في تحضير الطعام في مثال حي على قدرة الحلول المبتكرة على تغيير مسار حياة مطلقيها وكذلك الآلاف من حولهم.

ولعل قصة عمار سالم، الأستاذ الجامعي في كلية الهندسة المعمارية- جامعة بغداد، تعتبر مثالا حيا آخر أثبتت من خلاله المبادرة قدرة الإرادة على تغيير الواقع، فبالنسبة لعمار، كانت مبادرة "مليون مبرمج عربي" ترجمة واقعية لما تخيله على مدار سنوات.

فرغم من أنه كان يتعلم الرسم والخط العربي في الوقت الذي كان يتعلم فيه الإلكترونيات وصنع نماذج الطائرات، إلا أن عمار كان يبحث دائما عن وسيلة تسمح له بتعلم كيفية صنع برامج التصميم الثنائية والثلاثية الأبعاد، بعدما أمضى سنوات في استخدامها.

وحظي عمار بالفرصة المثالية لتعلم البرمجة عند الإعلان عن مبادرة مليون مبرمج عربي، ويتحدث عن تلك اللحظة قائلا: "أسرعت بالانضمام اليها وكنت من طلاب الدورة الأولى فيها. كانت فرحتي لا توصف حين تعلمت لأول مرة كيف أصنع أول برنامج لي على الأندرويد".

بفضل المبادرة، طور عمار حتى الآن أكثر من سبعة برامج و ألعاب إلكترونية، منها برنامج "قراءتي الناطقة" الذي فاق عدد مستخدميه في سنة واحدة المائتي ألف مستخدم بالإضافة إلى لعبة "A Cube" وهي لعبة مخصصة لتنمية مهارة التخيل، أما برنامج "الأصابع الناطقة" فقد طور فيه لغة إشارة جديدة يمكن للأصم أن يكتب وينطق فيها جميع الحروف والكلمات عن طريق الإشارة بإصبعين فقط أمام جهاز يحول تلك الإشارات إلى حروف وكلمات منطوقة.

و تسعى مبادرة "مليون مبرمج عربي" لإحداث تغيير في توجهات جيل كامل، عبر تحويل المليون مبرمج إلى قاعدة علمية تتولى بدورها نقل المعارف إلى المحيط والارتقاء بقدرات من حولهم، وهذا بالفعل ما حققته الليبية أميمة كيلاني، التي تصف نفسها بأنها " مناصرة الفتيات في ليبيا".

فقد تخرجت أميمة من المبادرة وحصلت على شهادة "نانو ديجري" لتؤسس بعدها جمعية "شي كود - SheCode" الخيرية لتعليم الفتيات لغة البرمجة وتمكينهم.

و لم يتوقف حلم أميمة عند هذا الحد فهي وبعد أن حصلت على الشهادة، ركزت جهودها على محو الأمية التقنية في بلدها، وأسست منصة "أمي" التي تركز على تعليم البرمجة وإدارة الأعمال للجنسين.

و ليست البرمجة وسيلة لتحقيق الذات و توفير فرص جديدة للعمل أو زيادة الدخل فحسب بل يمكنها أن تنقذ فعليا حياة البشر، وهذا ما اختبره فعلياً اليمني مروان الحكيمي، أحد أوائل خريجي المبادرة، التي مكنته معارفه الجديدة من تطوير سبعة تطبيقات لتعليم اللغات مجاناً.

و بفضل المهارات البرمجية التي اكتسبها من المبادرة يوضح مروان أنه "عمل في تطوير تطبيق آخر لحل مشكلة الألغام في اليمن، وذلك من خلال تحذير المارة من المناطق التي تنتشر فيها الألغام، ودعوة السلطات المعنية لتمشيط المنطقة وتنظيفها".

ولا تختلف تجربة مروان في البحث عن سبل لإنقاذ حياة الآخرين من خلال البرمجة عن تجربة الشاب اللبناني ريان المربهي، الذي يعيش في دولة الإمارات، والذي حوّل تخرجه من مسارات مبادرة "مليون مبرمج عربي" إلى فرصة لإنقاذ حياة المرضى الذين يحتاجون إلى عمليات زرع الأعضاء.

وعمل ريان على تطوير تطبيق دونر - "Dhonor" الذي يستخدم تقنية البلوك تشين لتنظيم عملية التبرع بالأعضاء، والقضاء على تجارة الأعضاء وربط المتبرعين بالمرضى المستفيدين.. و حالياً يتعاون ريان مع وزارة الصحة في دولة الإمارات في هذا المجال.

و تعتبر تجربة الفلسطيني أمين أبو ضياق واحدة من التجارب الملهمة أيضا في مجال إحداث التغيير المجتمعي، فبعد ثلاثة أشهر على تخرجه من مبادرة "مليون مبرمج عربي" أبصرت منصة "جسور" النور على يديه لتبدأ خدماتها بتوفير أرقى المناهج التعليمية العالمية للطلاب في الضفة الغربية، وذلك من خلال فصول دراسية تعتمد على تقنيات الواقع الافتراضي.

و بفعل المهارات التي اكتسبها يتعاون أمين حالياً مع وزارة التربية والتعليم الإماراتية على تطوير مشاريع التعليم بالواقع الافتراضي في دولة الإمارات.

وتمثل تجربة المغربية حسيبة منصیت، وهي من أصحاب الهمم، بقعة ضوء حقيقية تؤكد أهمية تمكين جميع أفراد المجتمع لتحقيق التنمية المستدامة والشاملة، فقد فقدت حسيبة بصرها منذ صغرها، ما جعلها تواجه مشكلة البطالة بحكم محدودية فرص العمل المتوفرة لأصحاب الهمم سنوياً.

و لكن مشاركتها في "مبادرة مليون مبرمج" سمحت لحسيبة بعد تخرجها بتطوير مهارات جديدة واكتساب مزايا تفوق عبرها أقرانها في سوق العمل، وتؤكد حسيبة أن "قدراتها تطورت كثيراً وتمكنت من الحصول على منحة النانو ديجري".

هذه القصص الواقعية مجرد إطلالة سريعة على عدد من التجارب الرائدة التي بدلت حياة أصحابها والمحيطين بهم وفتحت لهم آفاقا جديدة وفرصا مميزة للارتقاء بقدراتهم وتنمية فرصهم من خلال البرمجة.

و تجسد القصص رؤية مبادرة "مليون مبرمج عربي" التي انطلقت لتحقق هدفاً واضحاً ألا وهو تأهيل جيل جديد من الشباب العربي القادر على الاستفادة من اقتصاد المعرفة وصنع الفرص المستقبلية لنفسه ولمجتمعاته.

- مل .

Email